كاميل بيسارو.. انطباعيةٌ أكثر ثوريةً

كاميل بيسارو.. انطباعيةٌ أكثر ثوريةً

10 مارس 2022
من المعرض
+ الخط -

في سبعينيات القرن التاسع عشر، أسس كاميل بيسارو مجموعة من خمسة عشر فناناً انطباعياً اعتُبر الشخصية المحورية فيها، ليس لأنه أكبرهم سناً فحسب، وإنما لتأثيره على بقية المجموعة التي نال بعض أفرادها شهرة أكبر؛ مثل بول سيزان، وأوغست رينوار، وبول غوغان.

اهتم الفنان الدنماركي الفرنسي (1830 - 1903) برسم أناس عاديين في بيئاتهم الطبيعية دون إضفاء هالة أو عظمة على صورتهم التي أرادها أكثر واقعية، وسعى في بعض الأعمال إلى السخرية من مظاهر البرجوازية وهيئة الأفراد المنتمين إليها، لذلك اعتبره كثير من مؤرخي الفن ثورياً في أسلوبه ورؤيته.

"بيسارو: أبو الانطباعية" عنوان المعرض الذي افتتح في الثامن عشر من الشهر الماضي في "متحف أشموليان" بلندن ويتواصل حتى الثاني عشر من حزيران/ يونيو المقبل، ويضمّ أعمالاً تستكشف اهتمامه بالانفعالات الخاصة وجوهر الأشياء التي يرسمها أكثر من تركيزه على المكان الذي شكّل العنصر الأساسي لدى مجايليه من الانطباعيين.

الصورة
من المعرض
من المعرض

خلافاً لمونيه أو ديغا اللذين احتفيا بمجتمع الطبقة الوسطى في أعمالها، توّجه بيسارو إلى رسم النساء في العمل، والسير في حقل فيه حطب، ودفع أوتاد في الأرض لزراعة محصول البازلاء، وإشعال النار في صباح يومٍ عاصف، وغيرها من المشاهد التي كان شغوفاً بها.

كما تُعرض لوحاته المستمدة من الطبيعة والتي ذهب فيها إلى منحنى مغاير، حين رسم المنازل محجوبة بغابات كثيفة أو بيوتاً تبدو متوارية خلف أشجار البرقوق التي يكسوها الثلج، وغيرها من المشاهد التي أراد أن ينظر فيها نحو أشياء قد يتجاهلها المرء ليحوّلها إلى مركز للوحته.

أثار أسلوب بيسارو صدمة لدى النقاد حين أقام أول معرض انطباعي له عام 1874، حيث اعتبروا المواضيع التي رسمها مألوفة ومكرورة وإلى حد ما مبتذلة، مع ظهور أفراد يمارسون حياتهم اليومية العادية في الشوارع والأسواق، وفي مشاهد يغلب عليها البؤس وعدم التهذيب، ولم تلق التقدير سوى اللوحات التي تتضمّن مشاهد دينية وتاريخية وأسطورية.

في فترة لاحقة، أُعيد الاعتبار لفنّه من ناحيتين؛ الأولى تتعلّق بتوثيقه جوانب عديدة من زمنه الذي شهد تحوّلات كبيرة إثر الثورة الصناعية، وأصبحت شاهداً على طبيعة الحياة التي عاشها العمّال والفلاحون والنساء والعاطلون عن العمل وغيرهم، والثانية ترتبط برسمه الظلال بالضوء المنعكس للأشياء المحيطة بشخصياته، والتي غالباً ما تكون غير مرئية.

الأرشيف
التحديثات الحية

المساهمون