سينيشا مالشيفيتش.. الديناميات الاجتماعية للعنف المنظَّم

سينيشا مالشيفيتش.. الديناميات الاجتماعية للعنف المنظَّم

16 يناير 2023
أوتو ديكس/ ألمانيا
+ الخط -

يرى أستاذ علم الاجتماع، الإيرلندي من أصل كرواتي، سينيشا مالشيفيتش، أن التراتبية والتقيمات الاجتماعية وُلدت من رحم العنف المنظَّم، ويحاجج في دراساته بأنه لا غنى عن استخدام الأدوات السوسيولوجية، إذا ما أردنا أن نفهم الطبيعة المتغيّرة للحرب والعنف، كما يفحص التأثير التاريخي للحرب على تبدّل الحياة الاجتماعية، وبالعكس؛ أي تأثير التبدُّل الواقع في الحياة الاجتماعية على طبيعة القسر والحرب.

كما يلفت إلى أن أيّ عنف جماعي طويل الأجل ــ ولا سيّما الصراعات واسعة النطاق كالحروب ــ يقتضي وجود هذين المكوّنين الجوهريين: قدرة تنظيمية بنيوية معقّدة، وأيديولوجيا مُشرعِنة قويّة وفعالة. فلأن البشر لا يمارسون العنف على نحو طبيعي وتلقائي، تتطلّب ممارسته على نطاق واسع، كما في الحرب، آلياتِ سيطرة اجتماعية تنظيمية متطوّرة، ومذاهبَ أيديولوجية مفصّلة وممأسسة لديها القدرة على تبرير هذا العنف، بحسب مقابلة صحافية سابقة معه.

"صعود الوحشيّة المنظَّمة: سوسيولوجيا تاريخية للعنف" عنوان النسخة العربية من كتاب مالشيفيتش الذي صدر حديثاً عن "الشبكة العربية للأبحاث والنشر" في بيروت، بترجمة الكاتبة والباحثة في العلوم السياسية عومرية سلطاني.

الصورة
غلاف الكتاب

وتوضّح مقدمة الكتاب بأنه لا يمكن تجاوز حجم الدموية والوحشية الموجودتين في التاريخ القديم والوسيط للعالَم؛ واللتين تمثّلتا في المذابح الجماعية، والتعذيب الشديد، والحروب المستمرة، والنزاعات الدموية، والمجازر البشعة التي طاولت الأفراد والجماعات والأعراق والأديان. ويشير المؤلّف إلى أن التركيز عند دارسي التاريخ وعلماء الاجتماع ينصبّ على شيوع الممارسات الوحشية والسلوك اللاإنساني في التاريخ في شتّى بقاع الأرض، وأن ثمة تناسباً طردياً بين التحضّر والحداثة وتطوّر المجتمعات، وبين تراجع مستوى العنف والتوحُّش في العالم.

ويحاول أيضاً استكشاف الكيفية التي يتغيَّر بها العنف المنظَّم على طول التاريخ البشري. حيث يُحاجج بأنَّ القسم الأكبر من أشكال العنف المنظَّم، وبدلاً من الانحسار، عرف تحوّلاً اجتماعياً هائلاً كانت نتيجتُه قدرةً تنظيميةً وأيديولوجية على العنف، موضحاً بأن العنف تحوّل إلى قوة تنظيمية وأيديولوجية اكتسبتْها المنظّمات الاجتماعية، التي صارت أقدر على الاستفادة من التضامنات الجزئية المتنوّعة واستخدامها لتوسيع نطاقها وشرعيتها.

ويسعى الكتاب إلى تطوير مقاربة ذات أرضية سوسيولوجية وتاريخية تهدف إلى تحليل التحوّل الاجتماعي للعنف المنظم في سياقاتٍ تاريخيةٍ وجغرافيةٍ مختلفة، وذلك بالتشديد على اشتغال ثلاث عمليات تاريخية مترابطة، هي: البقرطةُ التراكميةُ للقسر، والأدلجةُ المركزيةُ الطاردة، وتطويقُ التضامنات الجزئية.

المساهمون