جوزيف كوديلكا.. العالم في مرآة أطلاله

جوزيف كوديلكا.. العالم في مرآة أطلاله

10 أكتوبر 2020
(من المعرض)
+ الخط -

بين عامي 1991 و2015، أتم المصوّر التشيكي جوزيف كوديلكا (1938) رحلة عبر خلالها عشرين بلداً تُطلّ على البحر الأبيض المتوسّط، وتوقّف في أكثر من مئتي موقع أثري فيها، باحثاً عن لقطات جمالية تكشف عن التاريخ والفن المشترك بين ضفاف المتوسّط، من سورية والأردن إلى إيطاليا وتونس وفرنسا وإسبانيا والجزائر.

قبل كوديلكا، لم يحاول أيُّ فوتوغرافي أن يكوّن سجلاً شاملاً للتاريخ الأثري في هذه المساحة الممتدّة، حيث كان الفوتوغرافي التشيكي يسعى إلى استخدام الفن من أجل "إعادة تهيئة عالم يهرب منّا ويمكن أن نخسره" وفق تعبيره.

هذه الصور جُمعت في كتاب مع تعليقات وتأمّلات لكوديلكا تحت عنوان "أطلال" Ruins، صدر أخيراً عن دار "تايمز أند هادسون" في لندن، بالتزامن مع معرض يضمّها في "المكتبة الوطنية فرانسوا ميتران" بباريس، يُقام حالياً ويتواصل حتى 16 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.

تأخذ الأعمال شكلاً بانورامياً؛ معظمها مستطيل الشكل، وممتدّ على مساحة كبيرة، ويصوّر إلى جانب الأثر أو المَعلم نفسه الفراغَ المحيط به. نجد صورة كبيرة بالأسود والأبيض - مثل كلّ صور كوديلكا - للبتراء، وأُخرى لموقع بومبي في إيطاليا، ودلفي في اليونان، وأفاميا في سورية، وأفسس في تركيا. ومن ليبيا يصوّر البازيليكا الشرقية في برقة، بأعمدتها الطويلة التي تعلوها التيجان والمنحوتة من الرخام في القرن الخامس الميلادي، ولكنه مثل كلّ مرّة لا يصوّر الآثار بطريقة تجعلها خلّابة أو تُظهرها رومانسية، بل يحاول أن يظهرها مثل كيانات ممزّقة تعكس مرور الوقت، ويكشف عن حالة من التحوّل والدمار بسبب قوى الطبيعة والأفعال البشرية.

ينشغل كوديلكا بالآثار لإعادة تهيئة عالم يهرب منا ويمكن أن نخسره

تشير النصوص العديدة الموجودة في هذا المجلّد، والتي ترافق الصور، إلى تعقيد الآثار وأهميتها التاريخية بين الثقافات المختلفة، ومن بين النصوص مقدّمة كتبها لورانس إنجل؛ رئيس المكتبة الوطنية الفرنسية، وأُخرى كتبها متخصّصون في الأيقونات والآثار، متناولين الاختلاف في التمثيلات التقليدية للآثار، كما كتب علماء آثار وأكاديميّون من "جامعة السوربون" حول الأطلال في السياق التاريخي للحضارات القديمة ومعنى أن يكون الأثر عالمياً. 

الفنانة الفوتوغرافية التشيكية ليندا زينغوفا قدّمت تحليلاً لرؤية كوديلكا في هذه الصور، ورأت أنّ أسلوبه في تركيب الضوء والظلّ يساعده في التهرّب من مجرّد التقاط صورة للواقع، بل إن هناك "عدم استقرار للمرئي واللامرئي يجعل من الخراب أو الأطلال رمزاً للعالم"، بحسب الفنّانة التي تضيف: "من خلال وجهة النظر الذاتية هذه للآثار الخربة، يُشير كوديلكا إلى ضعفنا وحتمية الموت. يساعدنا المزج بين الماضي والحاضر والمستقبل في صوره على إدراك أنه يوماً ما سنكون جميعاً محاطين بالأطلال، خاصّةً إذا استمر الدمار البشري". 

سبق لكوديلكا أن صوّر عدة سلاسل من بينها: المنافي، والغجر، ولديه سلسلة عن بيروت في آخر سنوات الحرب، وكذلك سلسلة عن المساحات الصناعية المهجورة.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون