الأخضر قريسي.. المنطق التقليدي وتطوّره

الأخضر قريسي.. المنطق التقليدي وتطوّره

26 اغسطس 2021
محمد المليحي/ المغرب
+ الخط -

"مدخل إلى المنطق التقليدي" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" لأستاذ الفلسفة والباحث الجزائري الأخضر قريسي، ويركّز خلاله على أهمية المنطق التقليدي من جوانب متعددة متنوعة، أبرزها: أنه إنجاز جسّد تدرّج الفكر البشري من مرحلة الميثوس إلى مرحلة اللوغوس، وكان أول محاولة لصوغ منهج عقلاني وعلمي لإصابة الحقيقة وتجنب الأخطاء والمغالطات، وفق مبادئ وقوانين وقواعد مقننة وضابطة للفكر والاستدلال، وهو يعدّ المحاولة الأولى في تاريخ الفكر البشري لصوغ مبادئ الحجاج العقلاني وقوانينه وقواعده.

يقع الكتاب في قسمين حيث يضمّ القسم الأول "المنطق التقليدي ومباحث التصورات"، ثلاثة فصول. في الفصل الأول، "المنطق الأرسطي"، مبحثان، يبدآن باصطلاح المنطق الذي عرض فيه المؤلف لجدل تعريفه، وبعدها لجدل تصنيفه بالنسبة إلى الفلسفة والعلوم. وفي المبحث الثاني، جاء بحث مبادئ العقل التي تحكم بصورة عامة العقل ذاته وتضبط تفكيره، وهي تؤسس المنظومة المنطقية التقليدية كلها. 

يعرض المؤلف لأهم الانتقادات التي تعرض لها المنطق التقليدي في الفكر

في الفصل الثاني "التصورات والحدود وأنواعها"، تناول قريسي التصورات والحدود باعتبارها أصغر وحدة يُبنى بها الحكم وتصاغ بها القضية وتصير التصورات اجتماعية ومتداولة باللغة، ولهذا جاء بحث الدلالة وأنواعها، والحدود وأنواعها، والمقولات الأرسطية، والمحمولات والكليات. 

أما الفصل الثالث "التعريفات"، فيبحث المؤلف في هذه الحدود التي هي أدوات للتعريفات، مستطلعًا أهم أنواعها وقواعدها. وهو يرى أن التعريف هو أهم المباحث في منطق الحدود، وأهمها في المنطق كله، بعد الاستدلال. وحتى إذا كانت غاية المنطق كما قصده أرسطو هي القياس والبرهان، فإن أهمية التعريف تبقى قائمة معه، باعتباره ما يضبط المفاهيم والمعاني، ويجنب الالتباسات وما ينجر عنها من مراوغات ومغالطات.

الصورة
غلاف الكتاب

يضمّ القسم الثاني "المنطق التقليدي ومباحث التصديقات" خمسة فصول. في الفصل الرابع، "القضايا"، يدرس قريسي القضايا وأهم تصنيفاتها وأنواعها، بالتدرج من بسيطها إلى مركّبها. في الاستدلال، بينما يرى المؤلّف في الفصل الخامس "الاستدلال المباشر"، أن الاستدلال في المنطق هو الانتقال من قضية واحدة أو قضايا عدة إلى ما يلزم عنها بالضرورة المنطقية. والقضية أو جملة القضايا التي ننطلق منها تُسمّى مقدمة أو مقدمات. والاستدلال في المنطق من طبيعة استنتاجية صورية؛ فهو مبني على الضرورة العقلية المنطقية، لا على المضمون المادي للحدود والقضايا. والاستدلال المباشر هو الذي نستخدم فيه مقدمة واحدة، ثم ننتقل منها إلى ما يلزم عنها بالضرورة المنطقية؛ "فإنْ نحن انطلقنا من افتراض القضية: كل الأعداد الطبيعية موجبة، صادقة. تكُن القضية: بعض الأعداد الطبيعية ليست موجبة، قضية كاذبة بالضرورة؛ فالقضيتان لا يمكنهما أن تصدقا معًا. وما دمنا انطلقنا من قضية واحدة كمقدمة للاستدلال، فإن هذا الاستدلال استدلال مباشر".

في الفصل السادس "الاستدلال غير المباشر"، يقول المؤلف إن الاستدلال غير المباشر هو كل استدلال ننطلق فيه من أكثر من مقدمة، "فإذا وظّفنا مقدمتين واستنتجنا منهما نتيجة لازمة عنهما بالضرورة المنطقية، سُمي هذا النوع من الاستدلال قياسًا".

يتناول الفصل السابع "المغالطات المشهورة" المغالطات ويعرض لأشهرها وأكثرها تداولًا، "وتكمن ضرورة التعرض للمغالطات في أنه لا يكفي أن نعرف الصواب كي ننسج على منواله، بل من الضروري أن نعرف المغالطات حتى لا نقع فيها أو نوقع غيرنا فيها، وكي نكشف فساد الاستدلالات التي بُنيت عليها. 

"ما بعد المنطق التقليدي: النقد والتطور" عنوان الفصل الأخير الذي ينتقل فيه المؤلف إلى ما بعد المنطق التقليدي من جانب النقد والتطور، حيث عرض لعينات من النقد الناقض الذي واجهه المنطق الأرسطي. وحتى لا يقطع الترابط، بالبدء بالفكر الغربي لينتقل إلى الفكر الإسلامي ثم يعود ثانية إلى الفكر الغربي، عرض لنقد مفكري الإسلام قبل الفكر الغربي، "إذ انشغل علماء الإسلام ومفكروه بهذا النقد، وشكل نقد شيخ الإسلام ابن تيمية مرجعية متميزة فيه". بعده، عرض المؤلف لأهم الانتقادات التي تعرض لها المنطق التقليدي في الفكر الغربي، في العصر الوسيط وما بعده. 
 

المساهمون