"العلاقات الأميركية": التاريخ وتقلّباته

"العلاقات الأميركية": التاريخ وتقلّباته

22 اغسطس 2021
عمل لـ جاكسون بولوك
+ الخط -

ضمن "سلسلة ترجمان"، في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر مؤخراً كتاب "مقدمة مختصرة في العلاقات الخارجية الأميركية"، بترجمة أحمد طارق البوهي، وهو عمل وضعه أندرو بريستون بالإنكليزية. 

الكتاب محاولة للإجابة عن بعض المسائل المتعلقة بتاريخ العلاقات الخارجية للولايات المتحدة الأميركية منذ تأسيسها في أواخر القرن الثامن عشر، وحتى أوائل القرن الحادي والعشرين، وأبرز هذه الأسئلة: كيف بلغت الولايات المتحدة هذه المكانة العالمية غير المسبوقة؟ وما التطورات التي مرت بها عبر تاريخها حتى وصلت إلى هذه المرحلة؟ وما العوامل التاريخية التي يمكن من خلالها فهم سياساتها الخارجية وعلاقاتها الدولية؟ وكيف يرى الأميركيون أنفسهم ودورهم في العالم؟ وكيف أثرت الولايات المتحدة بتفاعلاتها في العالم الذي نعيش فيه اليوم؟

يتألف الكتاب من ستة فصول. يسرد بريستون في الفصل الأول، "المبادئ الأولى"، قصة تأسيس الولايات المتحدة، والتي يصفها بأنها كانت عملًا من أعمال السياسة الخارجية، متناولًا أهم المعضلات التي واجهت الجمهورية الوليدة في أثناء حرب الاستقلال وما تلاها، مع انشغال الآباء المؤسسين بمسألة إقامة التحالفات والشراكات الضرورية مع باقي دول العالم، ولكن مع الحفاظ على استقلالية الجمهورية الوليدة وابتعادها عن مشكلات وصراعات تلك الدول التي لا شأن للولايات المتحدة بها. 

بعد الاستقلال، سيطرت مسألة التجارة الخارجية وحرية الملاحة عبر الأطلسي، ورأى مؤسسو الجمهورية الجديدة أنها ضرورية لإبقائها على العلاقات الخارجية للولايات المتحدة في تلك الفترة. وارتبطت بهذه المسألة المركزية معضلة الموازنة بين العلاقات مع بريطانيا وفرنسا المتصارعتين. وتمخضت تلك المرحلة الأولى عن أول حرب تخوضها الدولة المستقلة الوليدة في عام 1812 وعقيدة مونرو التي تستلهم مبادئ الأحادية والاستثنائية الأميركية.

في الفصل الثاني، "التوسعية"، يقص المؤلف حكاية توسع الولايات المتحدة الأميركية من ثلاث عشرة مستعمرة متناثرة على طول الساحل الشرقي لقارة أميركا الشمالية إلى الولايات المتحدة التي نعرفها اليوم. وفي أثناء هذه القصة، يعرفنا إلى القيم والمبادئ والأحوال التي دفعت هذه العملية ومثلت أيديولوجيا قومية عامة للتوسعية التي هي نتاج الشعور بالاستثنائية والفردانية، والتي ستصبح أحد أهم ما يدفع السياسة الخارجية الأميركية.

يتناول بريستون في الفصل الثالث، "أميركا العالمية"، استغلال الولايات المتحدة قوتها الاقتصادية وخصائصها الطبيعية لتؤدي دورًا أكثر حيوية في السياسة العالمية. فمن حرب الاستقلال الكوبية، التي قضت فيها الولايات المتحدة على إسبانيا بوصفها قوة إمبراطورية، إلى الحرب العالمية الأولى التي قلب دخول الولايات المتحدة فيها الموازين، بات واضحًا للجميع أن هذا العملاق الجديد سيتولى القيادة العالمية.

الصورة
مقدمة مختصرة

 

في الفصل الرابع، "القرن الأميركي؟"، يُدرج بريستون الجدالات والتجاذبات التي سادت بين فريقين من الأميركيين بين الحربين العالميتين واستمرت حتى أوائل الحرب العالمية الثانية؛ إذ حاجَ الدولانيون بأن على الولايات المتحدة واجب استلام راية القيادة العالمية بما تمتلكه من قوة هائلة غير مسبوقة ومبادئ سامية يجب عليها حمايتها ونشرها في العالم، بينما اعتقد فريق آخر أن على بلادهم، المتمتعة بالأمن والرخاء في أراضيها بعيدًا عن العالم، أن تهتم بشؤونها الخاصة وألا تُجَر إلى صراعات وحروب لا طائل منها ولن تحقق إلا الإضرار بأمن الولايات المتحدة واستقرارها.

يبيّن بريستون في الفصل الخامس، "قوة عظمى"، أسباب الحرب الباردة بين قوتين خاضتا الحرب العالمية الثانية في خندق واحد، ثم يبيّن مراحل الحرب الباردة التي استمرت أربعين عامًا تتأرجح بين التصعيد والتهدئة وسنوات من الأزمة، يكاد يصل فيها العالم إلى الفناء النووي، تتلوها فترات من الهدوء النسبي.

أما الفصل السادس والأخير، "القوة الفائقة وشكاياتها"، فيتناول فيه بريستون الهيمنة الأميركية الكاملة على الشؤون العالمية وغياب أي منافس لها، مقارنًا بين نظريتين لهذا الموقف الأميركي الجديد: إحداهما تتنبأ بانتهاء التاريخ واستقرار العالم على قبول المبادئ الديمقراطية الليبرالية الأميركية (فوكوياما)، بينما تزعم الأخرى أن القادم في العلاقات الدولية إنما هو صراع متجدد يدور حول الهويات الثقافية لحضارات العالم المختلفة (هنتنغتون).

المساهمون