إصدارات.. نظرة أولى
في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات الفكرية والسياسية وعلم الاجتماع إلى جانب تأملات في الأدب.
■ ■ ■
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر مؤخراً كتاب "مدخل إلى المنطق التقليدي" للباحث الجزائري الأخضر قريسي. يركز العمل على أهمية المنطق التقليدي من جوانب متعددة متنوعة، أبرزها، أنه إنجاز جسّد تدرّج الفكر البشري من مرحلة الميثوس إلى مرحلة اللوغوس، وكان أول محاولة لصوغ منهج عقلاني وعلمي لإصابة الحقيقة وتجنب الأخطاء والمغالطات، وفق مبادئ وقوانين وقواعد مقننة وضابطة للفكر والاستدلال. ينقسم الكتاب لجزأين: الأول بعنوان "المنطق التقليدي ومباحث التصورات"، والثاني "المنطق التقليدي ومباحث التصديقات".
بترجمة ودراسة الباحث والمؤرخ الكوسوفي السوري محمد م. الأرناؤوط ، تصدر هذه الأيام في عمّان (الآن ناشرون وموزعون) مختارات جديدة من كتاب الرحالة العثماني أوليا جلبي، وتشمل هذه المرة "مختارات عن بلاد الألبان". الجديد في هذه المختارات هو ما تكشفه عن اختراع جلبي للأصل العربي للألبان الذي تحوّل إلى أسطورة انتشرت بين الأتراك والعرب، واكتشافه لمجتمع أوروبي مسلم مختلف عما رآه في بلدان أخرى. من كتب الأرناؤوط الأخرى: "الثقافة الألبانية في الأبجدية العربية"، "تاريخ بلغراد الإسلامية"، "البلقان من الشرق إلى الاستشراق".
"نموذج الصين: الجدارة السياسية وحدود الديموقراطية" عنوان العدد الأخير من سلسلة "عالم المعرفة" التي يصدرها "المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب" (الكويت). العمل من تأليف دانييل بيل ونقله إلى العربية عماد عواد، وقد صدر أوّل مرة بالإنكليزية عام 2015 عن "منشورات برينستون". يتجاوز العمل قراءة الواقع السياسي للصين وفهم خصوصياته إلى وضع التجربة الصينية كمحك لأسئلة كبرى في الفكر السياسي الغربي أبرزها: هل حقاً أن الديمقرطية أقل الأنظمة السياسية سوءاً؟ وأي معنى للتسميات الأيديولوجية المستعملة منذ أكثر من قرنين؟
"الطبقة المغلقة: أصلُ استيائنا" عنوان كتاب للصحافية الأميركية إيزابيل ويلكرسون، صدر حديثاً لدى "راندوم هاوس". غالباً ما يقودنا الحديث عن نظام الطبقات المنغلقة ـ اجتماعياً أو إثنياً ـ إلى الهند، المعروفة باحتوائها وتسامحها مع النظام الهرمي الذي يخلق تراتبية وفصلاً بين الجماعات. لكنّ ويلكرسون تقول للأميركيين: لا تذهبوا بعيداً لتعثروا على نظام كهذا، فهو موجود عندنا. من خلال تحليل لميكانيزمات السلطة، تُقدّم المؤلّفة العديد من الأدلّة حول وجود نظام طبقات منغلقة يحكم المجتمع الأميركي ويعيد إنتاج نفسه.
عن "دار كنوز المعرفة"، صدر مؤخراً كتاب "أنطولوجيا العرفان واللسان. من المنظومية إلى النسقية" لـ عبد الرحمن طعمة وأحمد عبد المنعم وهو عملها المشترك الثالث بعد "النظرية اللسانية العرفانية" و"المقاربة العرفانية في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها". يسعى الكتاب الأخير إلى فهم العلاقة بين الدماغ واللغة من منظور تطوّري، ويصل الباحثان إلى تفنيد فرضية "فطرية اللغة". يشير المؤلفان في تقديم الكتاب إلى أنه "محاولة تأسيسية منا لتفسير الظاهرة اللغوية تجريبيًّا؛ بوصفها نظامًا من النسق العرفاني للذهن البشري".
لدى منشورات "لا ديكوفرت" في باريس، يصدر هذه الأيام كتاب "اللاوعي أو نسيان التاريخ" للباحث إيرفيه مازوريل. ينضمّ الكتاب إلى سلسلة من الكتب البحثية الصادرة في السنوات الأخيرة في فرنسا، والمدافعة عن تجاوز بنية اللاوعي للإطار النفسي الفردي والعائلي، كما فهمه سيغموند فرويد. الأطروحة الأساسية في هذا الكتاب هي أن الوعي مشرَّبٌ بالتاريخ، وليس غريباً عنه، وهو يتشكّل ويتغيّر ــ جماعياً ــ وفقاً للأزمان والمراحل التاريخية. وللدفاع عن أطروحته، يقدّم المؤلّف العديد من الأمثلة حول تغيُّر رغبات وأخلاق وعادات وتقاليد ومُثُل والكثير من العناصر المرتبطة باللاوعي، بتغيُّرٍ حاصل في التاريخ.
"زاما 202" عنوان العمل الروائي الأخير للكاتب والباحث التونسي الأزهر زناد وقد صدرت مؤخراً عن منشورات "بوب ليبريس". ينتمي العمل إلى نمط الرواية التاريخية باستعادته مرحلة من التاريخ التونسي القديم مع نهايات الإمبراطورية القرطاجية. من الأعمال الروائية الأخرى للمؤلف: "الإسفنجة" و"الناطور"، وقبل ذلك عرف بكتاباته البحثية ضمن حقل اللسانيات ومن أبرز مؤلفاته ضمنه: "المنوال الاحتمالي في انتظام المعجم العربي"، و"اللغة والجسد"، و"نسيج النص"، كما ترجم كتاب "بناة اللغة" لـ كلود حجاج، و"مدخل في نظرية المزج" لـ مارك تورنر.
"أنا ورافع الناصري: سيرة الماء والنار" عنوانُ كتابٍ صدر حديثاً عن "المؤسّسة العربية للدراسات والنشر"، للشاعرة والمترجمة مي مظفّر، تتناول فيه مسيرة الفنان العراقي (1940 ــ 2013) الذي قضت معه حياةً مشتركة امتدّت أربعين عاماً. تتناول المؤلّفة هذا الجانب الشخصيّ من علاقتهما، كما تتوقّف عند عدد من المحطّات الأساسية في تجربته. يُعدّ الناصري واحداً من أبرز الفنانين العراقيين من أبناء جيله، ومن أوائل المشتغلين بالغرافيك عربياً. ولحفظ أثره الفني، قامت مظفّر بإنشاء "جائزة رافع الناصري السنوية لفنون الغرافيك".
في كتابه "المعابد المصرية فى العصرين البطلمي والروماني" الذي صدر حديثاً عن "مكتبة زهراء الشرق"، يتناول الباحث عبد الرحمن علي عبد الرحمن، الطرز المعمارية التي مثّلت فترة حكم اليونان ثم الرومان منذ نهاية القرن الرابع قبل الميلاد وحتى الفتح الإسلامين ومنها الأيوني والدوري والكورنثي الذي تختلط فيه عناصر وزخارف فرعونية مع تصاوير وموضوعات يونانية، كما يتطرّق إلى الأنظمة والتقاليد التي حكمت هذه المعابد وهي مزيج أيضاً من معتقدات وفلسفات إغريقية ومصرية قديمة، وطبيعة العلاقات بين المصريين والحكام اليونايين.
"كيف تقرأ الشكل الدال- دراسة تحولات الشكل الدال في الواقع الافتراضي" عنوان الكتاب الذي صدر للباحث والفنان التشكيلي عبد الله التميمي، عن "دار أمواج". يدرس المؤلّف تأثير تكنولوجيا الاتصالات في صناعة الصورة على تكوين الأشكال وتوسّع مفهومها ليشمل العديد من المجالات المعمارية والطب والإعلام وعالم التسوق الإلكتروني، إذ يتجسّد الواقع الافتراضي كوسيط يمثل مخزوناً بصرياً للأشكال الدالة، وانعكاس ذلك على الفنون من خلال الجمع بين عناصر بناء العمل الفني والتقنية في الوقت ذاته، واختزال الواقع الحقيقي بمنظومة رمزية جديدة.
يعود الباحث روبرت دوغلاس فيرهورست في كتابه "نقطة التحول: عام غيّر ديكنز والعالم" الصادر حديثاً عن "منشورات جوناثان كيب" إلى 1851، باعتباره عاماً حاسماً في حياة الروائي الإنكليزي (1812- 1870) إذ ظهرت في بريطانيا ابتكارات صناعية عدّة في لحظة عمّت الاضطرابات السياسية والمجاعات والمرض، وتزامن ذلك كلّه مع انهيار زواج ديكنز، كما غادر والده الدنيا بعد عملية جراحية فاشلة، ورغم مزاجه السيئ وإجهاده الشديد، أجرى تعديلات جوهرية في رواية "ديفيد كوبرفيلد" وطوّر شكلاً من الكتابة يكشف مدى الترابط الذي أصبح عليه العالم.
