"من الاستشراق إلى علم الشرق" لأسعد دوراكوفيتش: جائزة للنسخة العربية

"من الاستشراق إلى علم الشرق" لأسعد دوراكوفيتش: جائزة للنسخة العربية

09 ديسمبر 2021
(أسعد دوراكوفيتش)
+ الخط -

حاز المترجم السوري عدنان حسن جائزة "مجمع اللغة العربية الأردني" في عمّان لأفضل ترجمة في مجال العلوم الإنسانية لعام 2021، عن ترجمته كتاب "من الاستشراق إلى علم الشرق" للمفكر والناقد البوسني أسعد دوراكوفيتش، مناصفةً مع القاصّ الأردني باسم الزعبي عن ترجمته كتاب "دكتاتورية المستنيرين" للباحثة الروسية أولغا تشيتفيريكوفا.

يعتمد دوراكوفيتش في كتابه مصطلح علم الشرق بدلاً من الاستشراق أو الدراسات الشرقية، وهما المصطلحان الملونان أيديولوجياً، متبنياً نهجاً علمياً يخالف المركزية الأوروبية في مقاربة هذا الحقل المعرفي، كذلك لا يحفل بالتحقيب التاريخي الخاص بعصور الأدب العربي، وهو التحقيب الذي نشأ في أوروبا مع بعض المستشرقين، وخاصةً الفرنسيين، وسيادة نظرية العرق، والجنس، والبيئة.

يرى المؤلف أن الأدب العربي القديم هو منظومة مترابطة بشكل ملحوظ، ويمتلك تفرده الخاص

ويتناول في دراسته قضايا كبرى، مثل شعرية الأرابيسك، والشعرية الاستدلالية للقرآن، وشعرية المسافة في التشبيه في الشعر العربي القديم، والمجاز القرآني، العالم من الداخل، ونضج الشعرية ما بعد القرآنية والتراث الأدبي، ويحلّل نصوص الأدب العربي القديم بمنظار الشعرية والأرابسك، والموتيفات، والإلهام الشعري، والسردية، والتناص، والأسلوبية، والفضاء النصي مع مقارنات بين الأدبين العربي والغربي، وصل من خلالها إلى خلاصات بالغة الجدة والطرافة.

ويرى دوراكوفيتش الإسلام الذي لم يقدّم خطاباً يقطع مع مسلمات العرب جميعها، ومنها الموقع المركزي للشعر، بل أنشأ منظومة جديدة تُسند إليه موقعاً جديداً، موضحاً أنه "بسبب النص القرآني غيّر العرب بشكل كامل نظرتهم إلى العالم، ثم غيّروا هذا العالم نفسه أيضاً".

الصورة
غلاف الكتاب

ويعتبر أن الأدب العربي القديم منظومة مترابطة بشكل ملحوظ، أي إنه يمتلك تفرده الخاص به، وهذا هو المنطلق الطبيعي لقراءته، ويشير إلى أن بعض المفاهيم التقليدية وكثيراً من الأحكام حوله (كالحكم السلبي حول "الطبيعة المادية" للشعر العربي القديم) قد نشأت عن الإخفاقات في فهم المبادئ الجمالية لهذا التراث.

يبني دوراكوفيتش رؤيته على فكرة أساسية تتمثّل بأن مذهب شعرية الأرابسك (أو شعرية الرَّقْش، وهو المصطلح التراثي والأدق للمفهوم، بحسب الناقد كمال بُلّاطه) هو المبدأ البنيوي والجمالي الأساسي، السائد دائماً في الفن العربي الإسلامي، حيث إن الأدب شكل فنّي وَجدت فيه العبقرية العربية والعربية الإسلامية تعبيرها الأكثر أصالة وقدرها الأكبر من الثقة المسوّغة بالنفس.

ويظلّ النص القرآني مركزياً في الثقافة العربية، وفق الكتاب، الذي لم يواجه الشعر ليبطل الشكل الشعريّ العربي، بل ليهزم البعد الأيديولوجي للشعر، مع أنه واجه الشعر من حيث الشكل عندما تحدّى العرب بأن يأتوا بسورة من مثله، وبعد حسمه هذه المعركة، عاد الشعر وازدهر في العصر العباسي، حيث استطاع النص القرآني من طريق احتفائه بالمجاز قلب الشعرية الاستقرائية إلى شعرية استدلالية.

أما الباحثة تشيتفيريكوفا، فتقدّم في كتابها "دكتاتورية المستنيرين" قراءات في تاريخ العلم بالعودة إلى تصوّراته في الفلسفات القديمة بدءاً من الغنوصية التي قابلت بين عالمَي الظلمة والنور، لتنتقل إلى مفهوم العلماء السحرة الذي انبثق من الإيمان بأنّ المجتمع يمكنه الوصول إلى كمال أهل الجنة بالبحث عن "المعرفة العليا" التي يصبح من خلالها العلماء فوق الكهنة.
 

المساهمون