"انتفاضة الخبز" في تونس: الفن كذاكرة عفوية

"انتفاضة الخبز" في تونس: الفن كذاكرة عفوية

03 يناير 2022
الفاضل ساسي في ملصق طلّابي
+ الخط -

تمثّل "انتفاضة الخبز" (1984) فصلاً أساسياً من تاريخ تونس السياسي والاجتماعي المعاصر، وقد ارتبطت بتاريخ 3 كانون الثاني/ يناير، رغم أن فصولها تمتدّ إلى فترة أوسع، فذلك اليوم سقط فيه الطالب الفاضل ساسي (1959 - 1984) برصاص البوليس، ومثّل ذلك نقطة الانفصال النهائية بين الشعب والنظام البورقيبي الذي انتهى بعد سنوات قليلة (1987).

ورغم أن الانتفاضة الشعبية قد جرت تهدئتها عبر تراجع الحكومة عن قرارات الترفيع في سعر الخبز (سبب اندلاع الاحتجاجات)، إلا أن لحظة اليوم الثالث من عام 1984 بدت كرمز يكثّف علاقة الشعب بالسلطة.

يتجدّد حضور هذه الذكرى ليس كتاريخ زمني فقط، حيث أنها مثّلت محور حركية ثقافية جعلت من اغتيال الفاضل ساسي محورها فهي تلخّص ما يعتمل في ضمير الشعب من خيبة أمل في الطريقة التي تدار بها "دولة الاستقلال"، خصوصاً مع التعامل الصلب للسلطة مع جنازة ساسي حيث جرى تزوير سبب الوفاة في شهادة الطب الشرعي وجرى منع أسرته من الإدلاء بأي تصريحات ونُظّمت جنازته تحت التضييق البوليسي.

كثيرة هي النصوص الشعرية التي أرّخت ذلك المنعطف، لكن يبقى أشهر منتج ثقافي في هذا السياق أغنية "يا شهيد الخبزة" للفنان الأزهر الضاوي التي تستعاد إلى اليوم، ويقول مطلعها: "لاش تقولو مات الفاضل، ما تقولوش الفاضل مات/ الفاضل في قمحك يا سبولة، في الزيتونة في النخلات".

ما يلفت أن البحث التاريخي لا يزال لم يتناول هذه اللحظة بما يكفي من التدقيق ومحاولة الفهم، تاركاً بذلك للضمير الشعبي وحده مهمّة التأريخ لعدّة محطات من تاريخ تونس الحديث.

المساهمون