"الغزالي وسياسة الحقيقة": في تجاوز كلّ إحراج ميتافيزيقي

"الغزالي وسياسة الحقيقة": في تجاوز كلّ إحراج ميتافيزيقي

01 مايو 2021
جزء من لوحة سامي بن عمر/ تونس
+ الخط -

تمثّل فلسفة الدين قطاعاً فكرياً يجد صعوبة في التأصّل عربياً نظراً لتقاطعه مع شبكة من المحظورات العقائدية والاجتماعية، وهو ما يجعل التأليف - وحتى الترجمة - في هذا المضمار قليلاً مقارنة بفروع فلسفية أخرى مثل فلسفة العلوم أو فلسفة الفن.

ضمن سلسلة "حروف الفلسفة" التي أطلقتها مؤخراً "دار كلمة" صدر كتاب "الغزالي وسياسة الحقيقة" للباحث التونسي مراد بن قاسم، وهو بحث كان في الأصل أطروحة دكتوراه كان عنوانها "سياسة الحقيقة في مدونة أبي حامد لغزالي" نوقشت في 2019، وتندرج ضمن مباحث فلسفة الدين، حيث يقترح المؤلف مُقاربة حفرية في منجز أبي حامد الغزالي (القرن الخامس الهجري). 

يشير تقديم الكتاب إلى أنه "تساؤل عن سياسة الحقيقة في مدوّنة أبي حامد الغزالي، ومحاولة لاستقصاء مشروعية الإقرار بأنّ تاريخ الحقيقة هو تاريخ أوهامها، باعتبار ما يحيط بها، دائماً، من التسلّط والمراقبة والعنف وفق تقدير الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو".

الصورة
الغزالي و سياسة الحقيقة

يشير المؤلف إلى أنّ "الحفر في المدوّنة الغزاليّة، في كلّيتها، أفضت بنا إلى أنّ سياسة الحقيقة لدى الغزالي هي سياسة تدبُّر، إذ يخلع الغزالي كلّ إحراج ميتافيزيقي عن الحقيقة ويرفع عنها حجاب التمثّل الوهمي لها. ذلك أنّ الحقيقة تتأسّس لديه على كفاية التمييز بين الميتافيزيقا الإلهية، (بمسلّماتها)، وميتافيزيقا العقل الحرّ بكفاءته النقديّة. ويتضح هذا الأمر في إنشاء التمييز بين ما هو ممكن للعقل في المجال البشري وما هو غير ممكن له في المجال الإلهي".

ويضيف: "ميتافيزيقا العقل البشري يُؤهلها "العقل التأويلي" إلى فاعليّة نظريّة وعمليّة. فنظريّاً تمكّن العقل من تجديد الفقه، وإرساء نظام فكريّ يحتكم إلى أولويّة العقل على النقل، وأسبقية الحجّة العقليّة على الخبر. أمّا عمليّاً فأرسى العقل أسس التمييز بين الحق والباطل، ووضع المعيار المناسب للتواصل بين المذاهب والنحل، ولم يعد التكفير صفة ممكنة إلاّ لمن يدّعي امتلاك الحقيقة دون غيره من البشر، هذا فضلاً عن الوصل الواثق بين السياسي والأخلاقي، مُقرّاً أنّ حكم الخلافة والتوريث أسوء النظم التي يجب إلغاؤها كلّيا، لصالح حكم يستمدّ شرعيته من خضوعه الضروري إلى المراقبة وإلى التغيّر المستمر".

موقف
التحديثات الحية

المساهمون