"العقل المحكم": إدغار موران والمسألة التربوية

"العقل المحكم": إدغار موران والمسألة التربوية

05 نوفمبر 2020
(إدغار موران)
+ الخط -

بترجمة المنصف وناس، الباحث التونسي في علم الاجتماع الذي رحل أمس الأربعاء، ومراجعة أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس فرج معتوق، صدر قبل أيام عن "معهد تونس للترجمة" كتاب "العقل المحكم" للمفكر وعالم الاجتماع الفرنسي إدغار موران (1921).

يُخصّص موران كتابه لموضوع إصلاح التربية والتعليم، حيث يرى أنه لإصلاحهما لا بُدّ مِن إصلاح الفكر أوّلاً، ويُحدِّد مهمّة أساسية للتربية تتمثَّل في الريبة واللايقين، داعياً إلى إعمال العقل المحكم، القائم على التفكير بمنطق، والاستعانة بمناهج الاستنتاج والاستقراء وفنّ الحجاج والنقاش، وهذا العقل، حسب قوله، مبنيٌّ ومؤهَّل لتنظيم المعارف المكتسبة وتجنُّب التراكم المعرفي غير المجدي.

ينقسم الكتاب إلى تسعة فصول وأربعة ملاحق. في الفصل الأوّل، "التحديات"، يظلُّ المفكّر الفرنسي وفيّاً لنظرته الشمولية للعلوم وللمجتمع، فيدعو لتجاوُز فكرة الإختصاص شديد الدقّة، والذي يحجب رؤية الشامل والجوهري، معتبراً أنَّ المعارف المجزّأة تمثّل مشكلة للتعليم، لأنها غير قادرة على تغذية الفكر.

الصورة
العقل المحكم - القسم الثقافي

وفي الفصل الثاني، "العقل المحكم"، يُدافع المؤلّف عن العقل القائم على الانتقاء والتنظيم، أي العقل المؤهّل لتنظيم المعارف وربطها وإعطائها معنى دالّاً، بينما يُوضّح في الفصل الثالث، "الوضع البشري"، كيفيّة مساهمة العلوم الإنسانية والطبيعية في دراسة الوضع البشري.

ويرى موران في الفصل الرابع، "تعلّم كيفية العيش"، أنّ المعارف وحدها لا تكفي لتعلّم كيفية العيش، وإنما يجب تحويلها إلى حكمة داخل ذهن الطفل، في حين يتحدّث في الفصل الخامس، "مجابهة الارتياب (تعلّم العيش، تكملة)" عن التهيئة البشرية لمجابهة الريبيات، معتبراً أنّ اللايقين يبقى العنصر الذي لا يُمكن التغلُّب عليه في الحالة البشرية.

وفي الفصل السادس، "تعلّم وضع المواطن"، يُبيّن دور التربية في التكوين الذاتي للفرد وتَعلُّمه كيف يصبح مواطناً. ويتحدّث في الفصل السابع، "المراحل الثلاث"، عن المراحل التعليمية الثلاث، الابتدائي والثانوي والجامعي، وكيف أنّ التّعليم يمكن أن يتنقّل بين المعارف المجزّأة والمعرفة الشمولية.

ويدعو المفكّر الفرنسي في الفصل الثامن، "إصلاح التفكير"، إلى إيجاد تفكير قادر على تحقيق الرّبط والتضامن بين المعارف المفكّكة، وبين البشر، معتبراً أنَّ إصلاح التفكير ستكون له نتائج وجودية وأخلاقية ومدنية. وفي الفصل التاسع، "في ما وراء التناقضات"، يدعو إلى مواجهة تحدّيات العصر ومحاولة التفكير في مشاكل البشرية.

وأمّا في الملاحق، فيطرح قضايا مثل ثقب اللائكية الأسود، والتخصصية البينية والمتعدّدة والعابرة، وقضية الهجرة والاندماج، ومفهوم الذات.

المساهمون