سمر رمضاني... مشاجرة بسبب مكالمة هاتفية (11)

سمر رمضاني... مشاجرة بسبب مكالمة هاتفية (11)

30 مايو 2019
+ الخط -
مرةً أخرى كادتْ أجهزةُ الموبايل أن تفسد سهرة الإمتاع والمؤانسة التي انعقدت في منزل صديقنا "أبو إبراهيم" بمنطقة (Avcılar)- إسطنبول.

الوصف الدقيق للحالة صدرَ عن العم أبو محمد، حينما قال: كان يجيْ لعندنا عَ الضيعة فَتَّاحْ فال من المغربْ، لما بيحطّْ صينية الرملْ وبيقعدْ ليفتحْ لنا الفالْ بتلاقيه شاردْ وسارحْ في الملكوتْ، وإذا بتمررْ إيدكْ قدامْ عينيه ما بيرفّْ.. يعني حالتو بتصيرْ هيك متل حالة الشباب اللي مْبَحّرِيْنْ بالجَوَّالات.

قال أبو الجود متهكماً: الشبابْ عَمْ يستفيدوا من هالتبحير، واحد بيجيه خبرْ إنو الروس والنظام عم يقصفوا ضيعتو، وإنو بيتو وقع ع الأرض، وواحد بيجيه خبر أنو أخوه اعتقلتو جبهة النصرة وحطتو في سجن العقابْ، وواحد بيطلبوا منو تبرع لعيلة طفرانة مع أنو هوي أفقر وأنحس من العيلة نفسها، وواحد بتخبرو مرتو إنو الولد حرارتو أربعين وإنو لازم يجي عالبيت بسرعة حتى يلحقو عَ شي مستشفى.. يا أخي في ناس بتشتري وجع الراس بالمصاري!


قال كمال: قبلما يدخلْ شهر رمضان إذا بتتذكروا كنا عم نحكي في سهرتنا عن وسائل الاتصال، كيف كانت في الماضي، وكيف صارت هلق. أنا بشوف إنو فينا نحكي بهاي الليلة عن هالموضوع.

قال أبو محمد: ما فينا نحكي شي قبلما الشباب يسكروا الجوالات. وإذا صار شي طارئ في بيت أي واحد منكن ممن يتصلوا بأخونا أبو إبراهيم، وأبو إبراهيم ممكن يترك موبايلو مفتوح وعَ الصامتْ.

قال أبو ماهر بعدما نفذنا نصيحة العم أبو محمد: ع سيرة الاتصالات، مبارحة مَرَّتْ عليّ ربع ساعة كنتْ فيها متل فارسْ مقدامْ منْ العصر الجاهلي لما بيكون في قلب المعركة.. بيكون الفارسْ عم يضرب الأعداء بالسيف، وبنفس الوقت بيجيه الضرب من كل حدب وصوب، وحتى حصانو ما بيسلم من الضرب، بدليل قولْ عنترة بن شداد:
يدعون عنترَ والرماحُ كأنها - أشطانُ بئرٍ في لَبَانِ الأدهمِ

وتابع يقول: كنت فاتح الكومبيوتر، وعم إحكي مع أحمد في ألمانيا ع السكايبي، وصارت مرتي تكتبلي عالواتس أب إنو لا تتأخر بالجية ع البيت لأنو الليلة عنا ضيوف، ولا تنسى تجيب معك كذا وكذا وكيت وكيت، وصار ابني "نمير" يتصل فيني تلفون، وأنا أفصل له الخط لأني مشغول مع غيرو، فبعت لي رسالة (SMS) وقال لي يا بابا رجاء رد علي، وبالأخير رن تلفوني الأرضي، رديت وإذ عم تحكي سكرتيرة المدير، قالت لي إذا ممكن افتح الإيميل ورد عَ الأستاذ المدير بسرعة.

قال أبو الجود: من زمان صار معي فصل إلو علاقة بالاتصالات، أحلى من كل الفصول اللي حكيتوا لنا عنها من وقت فتحنا سيرة الاتصالات لهلق.
قال أبو جهاد: هيئتو أبو الجود بدو يكذب علينا. لَكْ يا أبو الجود لما كنا عايشين في سورية أنت بقيت بلا تلفون في بيتكن لسنة 2005.
قال كمال ممازحاً: نعم. أنا بتذكر مَدَّدُولو خط تلفون لأبو الجود بعد مقتل الرئيس رفيق الحريري!
رد عليه أبو زاهر: لا لا، يمكن أبو الجود كان شاهد في لجنة ميليس، وركبولو التلفون حتى يرد على أعضاء اللجنة!

قال أبو الجود: أنا بالفعل ما كان عندي تلفون، وحتى التلفون اللي رَكَّبْتُو سنة 2005 ما طَوَّلْ عندي، لأنو ما كان معي إدفع الفاتورة، بتذكر لما أجاني أول إنذار إني مسكت ورقة الإنذار ومسحت فيها فردة صباطي اليمين، وورقة الإنذار التاني مسحت فيه الفردة اليسار، وفي المحصلة ألغوا لي الخط. وأنا أخدت الجهاز ع السوق وبعتو واشتريت بحقو مَقَادِمْ خاروف، وأختكم أم الجود طبخت لنا فتة المقادم!

قال أبو جهاد: بس هيك؟
قال: لا والله، مو بس هيك. بتذكر بعدما أكلنا المقادم وانبسطنا جبنا الدربكة، وصارت أم الجود تدق لنا، وأنا والولاد صرنا نرقص. نحن هاي عادتنا، كلما أكلنا أكلة دسمة منرقص!
قال العم أبو محمد: هلق لا تاخدونا شرق وغرب. احكي لنا القصة اللي وعدتنا فيها يا أبو الجود.

قال: في يوم من الأيام، رحت على دكان عمي أبو ماجد "علي الشب" لحتى إحكي تلفون مع ابني "محمود" اللي كان عم يخدم عسكريتو في درعا. ضلينا ساعتين ونص لحتى أجانا الخط. ولسه ما حكيت مع ابني كلمتين صار الخط يقرقع ويخشخش. فعرفت أنو عامل الصنطرال داخل عَ الخط. فخطرت لي فكرة. قلت لحالي: بدي أسبُّو، فإذا ما رَدْ علي، بيكون مو داخل عالخط، وإذا رَدْ بيكون داخل! المهم، سبيتو، قام هوي سبني، قلتلو: خيو، أنا بطلت إحكي مع ابني. خليك مكانك، أنا جاية لعندك وبدي أعمل لك كفين وبوكس ورفسة. وتركت التلفون من دون ما أدفع أجرة المكالمة لعمي أبو ماجد، وبلشت أركض باتجاه البريد. بتعرفوا أشو صار؟

قلنا: أشو؟
قال: عامل الصنطرال كان مجنون أكتر مني. ترك غرفة الصنطرالْ وركض باتجاه السوق، وتلاقينا أنا وهوي بنص الطريق وبلشنا في بعضنا ضرب ورفس وتبكيس.. من عدا المسبات والتحاشيك. كيف هالقصة؟

قال كمال: والله مدهشة. وكيف انتهت؟
قال أبو الجود وهو ينظر نحو الباب الذي دخل منه ابن أبو إبراهيم حاملاً عدة الشاي: نهايتها بتاخد العقل. هلق بس توصل كاسة الشاي لقدامي بحكي لكم إياها.

للحديث تتمة..
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...