مكدوس ماهر حميد المحترم

مكدوس ماهر حميد المحترم

31 يناير 2018
+ الخط -


يعتقد صديقي المهندس ماهر حميد أن الإنسان لو نظر إلى الأمور من خلال صناعة المكدوس، أو تناول المكدوس، أو تخزين قطرميزات المكدوس في النملية، لتَمَكَّنَ من تفسير عدد كبير من الظواهر التي كان يستعصي عليه تفسيرها في السابق.

الأديب العربي الكبير نجيب محفوظ، مثلاً، اعتذر عن الذهاب إلى السويد لاستلام جائزة نوبل، بسبب رهابه المزمن المتعلق بركوب الطيارة، مع أن هناك بحسب ماهر حميد، احتمالاً كبيراً أن يكون توقيت الدعوة هو فصل الصيف، حيث الفلاحون ينقلون الباذنجان إلى البندر، ونساء البندر يقشرنه ويحشينه بالجوز ويغمرنه بزيت الزيتون، ليصبح مكدوساً ذا مذاق مغر لأي أديب بأن يعتذر عن السفر، ويطلب من اللجنة السويدية إرسال جائزته على شكل حوالة بريدية، وصلى الله وبارك.


بالأمس دخل ماهر حميد إلى صفحته على "فيسبوك" وكتب عن ملابس وفد المعارضة الذي ذهب لمقابلة دونالد ترامب في البيت الأبيض، ثم أغلق اللابتوب ومشى باتجاه الثلاجة، ومد يده إلى قطرميزة المكدوس فوجدها فارغة، ووقتها قال لنفسه:

- يا ولد عيب عليك، استحِ، إنك تحكي عن وفد رفيع المستوى ذهب ليقابل رئيس دولة عظمى، وأنت ما عندك مكدوس؟ لو أي شخص مكانك وجد نفسه في موقف كهذا لطأطأ رأسه خجلاً، وتمنى أن تنشق الأرض وتبلعه. وافرض يا سيدي أنك مكان هذا الوفد، ولبستَ وتشيكتَ ولبستَ الكندرة الجديدة من صناعة عمك (بريمو) ورحت تقابل دونالد ترامب، ورآك سكرتيره وقال لك:
- ما شاء الله شو هالشياكة.. عندك مكدوس؟
ألا تتمنى وقتها أن تتحالف مع زكور ابن أم زكور، أو فلاديمير بوتين وتذهب للقائه في حميميم حتى ولو هجم عليك العسكري الروسي وقال لك: إرجع يا هذا، الرئيس بوتين مو فاضي لك ولأمثالك..؟

الحقيقة أن المكدوس، عدا عن مذاقه اللذيذ، يصلح لتهدئة الأعصاب على إثر الخيبات، ولا أسهل عليك من أن تتخيل صاحبك وقد عاد إلى القصر الجمهوري وجلس يغمس بصحن المكدوس، مفرغاً حقده على العسكري الروسي الذي منعه من مقابلة معلمه.
موال:
يلي نويت الاجتماع عليك بالمكدوس
ما بينفعكشِ ترامب، ولا بينفعوك الروس
اجلس مع زكور واستهدي بالناموس
وعَ الأصل دور
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...