المعلمة ذات الحنك الرخو

المعلمة ذات الحنك الرخو

18 يوليو 2017
+ الخط -



إن نظرية حافظ إبراهيم في إعداد الأم الصالحة التي تتلخص في بيت الشعر القائل: الأم مدرسة إذا أعددتَها، أعددتَ شعباً طيبَ الأعراقِ، ليست خاطئة، ولكن المشكلة تنحصر في كوننا، في الواقع، نُعِدُّ الأمَّ لتكون غنمة، لا تهش ولا تكش ولا تعض ولا تخرمش.

ولا تنسوا أن أهالينا عندما يريدون تزويجنا كانوا يبحثون لنا عن البنت العاقلة التي "ما باس فمها غير أمها"، والتي تمشي وتضرب بصرها بالأرض مثل الذليلات، وإذا أرادوا مديحها، بعد الزواج، يقولون: العروس بعقلها وقلة أكلها.. وأحياناً يقولون: عينها على دربها وخرسا وبتشتغل أكتر من دابة.   

مثل هذه المرأة المدعوسة التي حولها القمع إلى "نصف جدبة" لا يمكن أن تكون قادرة على إعداد أي شيء له علاقة بالمستقبل، وإذا تصرفت في مشكلة ما، سرعان ما يتضح أن تصرفها غبي، بل وكارثي، كما في الحكاية التي أرسلها إلي الصديق محمد التي صيغت حواراتها بالعامية الإدلبية، وتقول بالحرف الواحد:

في يوم من الأيام ذهب التلميذ محمد إلى أمه وقال لها: يا أمي، الآنسة معلمة الصف ضربتني. 

فقالت: استنى ليجي أبوك منحكي له ومنشوف أشو بيقول.

في اليوم التالي، بعد أن أخذت توجيهاتها الحكيمة من زوجها الشجاع، اصطحبت ابنها وذهبت إلى المدرسة، وحينما أصبحا في الداخل سألته: 

- وين آنستك يا محمد؟ 

قال: هاي آنستي يا أمي. 

ذهبت الأم إلى الآنسة وقالت لها: مرحبا يا أختي، ان شا الله محمد ما عم يعذبك؟ 

قالت الآنسة: ابنك قليل أدب. 

قالت أم محمد: وليش بقا عم تحكي هيك؟ بأيش قلل أدب عليكِ؟

قالت الآنسة: ابنك لما بيحلف يمين بيقول (بـ عِرْض أختي)، وبيقول علي الطلاق بالتلاتة في الصف، هيك بيفسد أخلاق رفقاته. 

أم محمد: أشو فيها إذا حلف بالطلاق وبعرض أخته؟ أبوه وأخواته كلهم بيحلفوا بالطلاق وبعرض أخواتهم. 

الآنسة: يا سلام! معناها العيلة كلها هيك. 

أم محمد: أي ستي العيلة كلها هيك، وإذا ما عجبك، نحن بَطَّلنا. 

وقالت لابنها محمد: تعا لاك، محمد، الحقني عالدار، ما بدنا هيك مدارس ولا هيك معلمات. تضرب في حنكها الرخو. وإذا كانت معلمة يعني؟ بدها تركب علينا؟ 

وبطل محمد من المدرسة! 

أي نعم.

دلالات

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...