أن تشعر بالإبداع ينمو داخلك، فهذا رائع. لكن الإشكال يكمن في مدى قدرة الذات على تجسيده، إذ إن محاولة سجنه تمثل المعاناة، إذ أين تقمع الذات؟ فإذا كنت تعتقد أن هناك شيئا اسمه إبداع يربض داخلك؟ فإنك مجرد واهم.
من مظاهر القنوط الفكري أن يستقطب المنبر الإعلامي، ولعل من أبرزه التلفزي، أشخاصا يضخون دلالات اللامعقول، اللامنطقي واللاعقلاني، إلى مختلف شرائح المجتمع، ليكون بذلك المنبر الإعلامي الوسيط المناسب لتغييب معطى التفكير.
نوع من الإرهاب الفكري تسلّطه الأنظمة الديكتاتورية على أقلام مجتمعاتها، فمعجم النقد ومصطلحاته يعد من الأفعال المحظورة سياسيا، والمحرّمة دينيا، والمنبوذة اجتماعيا، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي تدريجيا إلى إقصاء تلك الأقلام وتكميمها.
أضحت حياته تتلخص في تلك الأعمال اليومية المألوفة بالنسبة له غير المرغوبة، هو يبحث عن بداية، فالأمر يتطلب شعورا بالسعادة، لحظة توّلد تلك الأفكار وترابطها كي ينطلق القلم في تلك المتاهة.
يتحدث الجميع في تونس عن "الامتحان الحقيقي"، سواء إن اعتمدها السياسي أو النقابي أو المواطن. لذا لا بد من استخراج معنى تلك العبارة، وكشف جوهرها. الأمر الذي يدفعنا إلى طرح تساؤل حول مدى توفر هذه العناصر في وعي المجتمع التونسي؟
اعتاد الجلوس والبقاء مدة طويلة من دون أن يكترث للوقت، يفكر، يخاطب نفسه، مزيج من الاندفاع والتريث، من الرغبة والجمود، من الحزن والضحك، من الغضب والاستقرار. كانت هذه أفعاله متى أراد الكتابة.
الكتابة أداة تحمل، في طياتها، روح المسؤولية، جوهر الإرادة، ماهية التغير. إنها وباختصار وعي. هذا الوعي الذي يبلور لتخلص الذات من بوتقة الأنانية، اللامبالاة والسلبية.
أحسّ، بعد أن حاور ذاته، بأنه يشعر بنوع من الراحة النفسية، ما دفع به إلى المحاولة ثانية، والتفكير مجدّدا، ليجد قلمه من جديد يدوّن كلماتٍ تنساب على تلك الأوراق، لتروى تعطشه للكتابة، وتدعم بذلك عزيمته.
اختلاف درجة التفكير من موضوع إلى آخر يكون نتيجة الخشية من أن تكون الحقائق والقناعات السابقة مجرد مغالطات، أحكام مسبقة خاطئة أو دوغمائيات، غير أنّ ضريبة التفكير تنفى جلّ هذه الفرضيات، حيث يتعارض التفكير مع مظاهر الجمود والقنوط الفكري.
التحليل، النقد وتقديم الحلول المناسبة والبديلة، تعد الركائز الرئيسية، بل والجوهرية التي من شأنها أن تجسد مفهوم فن الكتابة. فتكون بذلك مرتبطة أشد الارتباط بمعاني الموضوعية، العقلنة، المنطق، المعقول والنجاعة.