تُؤكّد نسب الإقبال الهزيلة التي شهدتها الانتخابات السابقة في تونس، وعزوف الناخبين، عدم شعبيّة الخيارات الرئاسية، وضمور الثقة في مؤسّسات الدولة وممثّليها.
حرص الإعلام التونسي في العشرية الماضية على الدفاع عن استقلاليته، ولكنه مارس سلطته بتحيّز ضد السلطة المنتخبة وتجنٍّ واضح أحيانا على المسوؤلين وبعض السياسيين
محاولة فهم سلوك المنظمة غير المتوازن والمعطل للقيام بمهامّها أو حتى لعملية إصلاحها وتطويرها بسبب طغيان الحسابات والأجندات السياسية على العمل النقابي الحر.
بعد طوفان الأقصى، سقطت أقنعة الجميع في مجلس الأمن والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ووقفت غزّة شامخة وحدها تقاوم أطنانا من القنابل والصواريخ، وأياما من التجويع والتشريد لتخلط أوراق الجميع، وتضع نفسها على رأس لائحة الاهتمام الأممي.
ما حدث من انقلابات وتعسّف في استعمال السلطة وإقصاء للإسلاميين، خصوصا في مصر وتونس، قطع الطريق أمام التقييم المدني والديمقراطي لهذه التجارب عبر المحطّات الانتخابية وفتح الباب أمام انتكاسة عربية جديدة وعودة إلى نقطة الصفر.
أثبتت محاكمات سلطة الرئيس التونسي قيس سعيّد أن زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، لم يستعمل السلطة لتحقيق منافع خاصة، ولم يستأثر بسلطةٍ لتصفية خصومه، ولم تُدنه أي جهة بتهمة جنائية تلوّث مسيرته النضالية والفكرية الطويلة، وإنما يقبع في سجنه لرأي عبّر عنه.
قرّرت السلطات التونسية قبل أيام عدم السماح لوفد من خمسة نواب في البرلمان الأوروبي الدخول إلى أراضيها. وكان من المقرّر أن يتوجّه هذا الوفد إلى تونس العاصمة لفهم الوضع السياسي الحالي بشكل أفضل وتقييمه، ما يشي باستمرار سياسات قيس سعيّد الشعبوية.
يؤكّد موقف فرنسا من انقلابي تونس والنيجر كيلها بمكيالين أمام أحداث سياسية متشابهة في حيز زمني متقارب، بما يجعل من ادّعاءاتها بالدفاع المبدئي عن الديمقراطية تتساقط بين تناقضاتها وتضارب تصريحاتها التي تؤكّد دورانها خلف مصالحها والنظر وفقها إلى العالم.