رغم تضرر النفط الصخري من قرار أوبك..أميركا الرابح الأكبر

رغم تضرر النفط الصخري من قرار أوبك..أميركا الرابح الأكبر

30 نوفمبر 2014
إقبال على الشراء ونشاط في الأسواق التجارية بأميركا(Getty)
+ الخط -

رغم خسائر شركات النفط الصخري والنفط الكبرى التي فقدت أسهمها أكثر من 30 مليار دولار منذ يوم الأربعاء الماضي، تبقى أميركا الرابح الأكبر من قرار منظمة البلدان المصدرة للنفط" أوبك" يوم الخميس الذي قضى بالإبقاء على سقف الإنتاج وهو 30 مليون برميل يومياَ دون تغيير، وترك الأسعار تتدحرج خارج نطاق سيطرة المنتجين.
وحسب خبراء اقتصاد وعلوم سياسية في لندن، فإن الولايات المتحدة تعد من أكثر المستفيدين من تدهور أسعار النفط على المستويات الاقتصادية والنقدية والجيوسياسية. ويجب الأخذ في الاعتبار أن أميركا لا تزال من كبار المستوردين للنفط، حيث تستورد يومياً قرابة 7.42 ملايين دولار يومياً.
وقال الخبراء إن تدهور أسعار النفط سيفيد معظم الصناعات الأميركية والمنتجات الزراعية وشركات السفر والطيران والنقل.
ويضيف هؤلاء إنه مع استمرار انخفاض أسعار النفط ، تعود أميركا بقوة إلى المسرح العالمي كقوة عظمى تستطيع فرد عضلاتها وإملاء شروطها على المعسكر المناوئ لها. ويضعف تدهور أسعار النفط القوة الروسية، وينهي دورها في المناورات السياسية والإمدادات العسكرية لدول مثل سورية وكوريا الجنوبية، ولعبها في المسرح الأوكراني الذي ترغب في السيطرة عليه، عبر تمويل وتسليح الجماعات المتمردة على الحكومة المركزية في كييف.
فلأول مرة منذ سنوات، تجد أميركا نفسها في وضع مريح للضغط على الدول المناوئة لها، وتستطيع تطبيق الحظر الاقتصادي بفعالية وتضييق الخناق على روسيا وإيران وكوريا الشمالية.

على الصعيد الإيراني، فإن طهران التي لم تتمكن من تسوية أزمة الملف النووي، تعيش ظروفاً اقتصادية ومالية ضاغطة؛ بسبب انخفاض مداخيل النفط ستضطرها في النهاية لقبول الشروط الغربية الخاصة بطي برنامج تخصيب اليورانيوم. ويذكر أن روسيا من الدول المهمة في محادثات الملف النووي، لأنها الدولة التي ستستقبل اليورانيوم الإيراني في حال التوصل لأي اتفاق في المستقبل.

مكاسب اقتصادية

على صعيد المال والاقتصاد سيتمكن الاقتصاد الأميركي من استعادة قوة دفعه؛ مستفيداً من جاذبية السوق الأميركية للمستثمرين الأجانب الراغبين في تحقيق أرباح، عبر شراء موجودات مقيمة بالدولار القوي في أسعار الصرف العالمية، مقارنة باضطراب وتدهور أسعار صرف معظم العملات الرئيسية. وذلك إضافة إلى وفورات أسعار الطاقة في الصناعة والزراعة والنقل والسفر.
ويلاحظ أن المدن الأميركية التي عاشت أول من أمس الذي أُطلق عليه "يوم الجمعة الأسود"، ويوافق حملة التنزيلات السابقة لأعياد الميلاد، شهدت اختناقات مرورية وصفوفاً طويلة من المشترين أمام المتاجر الأميركية. وهو ما يعكس عودة الثقة للمواطن الأميركي في المستقبل الاقتصادي، وسط انخفاض أسعار البنزين إلى قرابة دولارين للجالون لأول مرة منذ خمس سنوات.
ويذكر أن بعض محطات الوقود في الولايات الأميركية في مناطق الجنوب والوسط الغربي، بدأت بيع البنزين بسعر 2.2 دولار للغالون. وفي ولاية فلوريدا تشير التوقعات إلى أن سعر الجالون ربما يصل إلى 1.99 دولار للجالون بحلول أعياد الميلاد في نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.
ويقدر اتحاد شركات الطيران في أميركا أن تحقق شركات الطيران وفورات تقدر بنحو 5 مليارات دولار، من انخفاض سعر الوقود في العام المقبل. وتقدر فاتورة الوقود بشركات الطيران الأميركية بنحو 51 مليار دولار سنوياً.

ولاحظ اقتصاديون أن تنزلات رخص أسعار البترول لا تنحصر فقط في رخص أسعار جالون البنزين في محطات وقود السيارات، ولكنها تمتد إلى العديد من الصناعات والنشاطات الاقتصادية في الولايات المتحدة من بينها حركة نقل البضائع مثلاً، التي تعتمد بشكل رئيسي على الشاحنات الضخمة العابرة للولايات.
ومع رخص أسعار البنزين والجازولين، فإن سعر نقل البضائع من ولاية لأخرى ومن مصنع إلى مناطق التوزيع والاستهلاك ستنخفض وبالتالي، فإن كلف نقل البضائع سيترجم عملياً في رخص الأسعار.
وعلى صعيد كلف إنتاج الوحدات المصنعة، فإن إنخفاض أسعار الوقود سيضاف إلى رخص أسعار الغاز الصخري المنخفضة التي تقل 4 دولارات لمليون وحدة حرارة بريطانية، لتضيف بذلك وفورات هائلة في سعر كلفة إنتاج الوحدات المصنعة.
ومن شأن رخص كلف الطاقة، أن يضيف إلى انخفاض كلف إنتاج البضائع الأميركية، ويرفع من تنافسيتها في السوق المحلي أمام البضائع المستوردة من جهة، ومن جهة أخرى سيرفع من تنافسية البضائع الأميركية المصدرة أمام البضائع الآسيوية التي لا تزال تعاني من ارتفاع كلفة الغاز الطبيعي.
ويذكر أن سعر وحدة الغاز الطبيعي يتراوح بين 14 إلى 16 دولارا في الدول الآسيوية، فيما يتراوح في أوروبا 8 إلى 12 دولاراً للوحدة. وبمقارنة هذه الأسعار مع سعره في أميركا البالغ أقل من 4 دولارات، يلاحظ الميزة الكبيرة التي يتمتع بها المنتج الأميركي، مقارنة مع نظيره في الدول الصناعية الأخرى.

نمو أكبر للعملاق الأميركي

هذه العوامل، وكما يقول خبراء في لندن، ستنعكس بالتأكيد على انتعاش النمو الاقتصادي في أميركا. وتشير التوقعات الأخيرة إلى أن الاقتصاد الأميركي سينمو بمعدل 3.0% خلال العام المقبل. ولكن بعض الاقتصاديين يتوقع أن يحقق الاقتصاد الأميركي معدلات نمو أكبر خلال العام المقبل 2015، مستفيداً من قوة الصادرات بسبب رخص الوقود الذي ينعكس إيجاباً على انخفاض كلف الإنتاج، وارتفاع نسب التنافسية عالمياً ومحلياً.
هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فإن انخفاض أسعار النفط فسيترجم عملياً في تحسن ميزان التجارة الأميركي، حيث سيرتفع حجم الصادرات وتنخفض فاتورة الواردات النفطية. ولاتزال أميركا رغم ثورة النفط الصخري من كبار المستوردين للنفط في العالم، وتستورد نحو 7.42 ملايين برميل يومياً في الوقت الراهن.
أما جوانب الفوائد الأخرى، فتتلخص في رخص الأسعار السلع الاستهلاكية الأميركية الذي سيساهم بشكل مباشر في رفع القوة الشرائية للمواطن الأميركي. ويلاحظ أن محفظة توفير المواطن الأميركي ستستفيد من مجموعة وفورات في مجال وقود السيارات وتذاكر السفر بالطائرات والحافلات ورخص الأسعار.
ومن المتوقع أن يساهم ذلك في إشعال فورة استهلاكية، تعيد ثقة المستهلك في المستقبل الاقتصادي. ويذكر أن القوة الشرائية في أميركا تقدر بنحو 11 ترليون دولار سنويا.

المساهمون