فواتير السيسي

فواتير السيسي

04 مايو 2014
رجال الأعمال يمولون حملات السيسي الانتخابية
+ الخط -

خلال لقائه صباح السبت الثالث من مايو/أيار مع وفد من مقدمي البرامج الحوارية في التلفزيون المصري والقنوات الفضائية والمحطات الإذاعية، قال عبد الفتاح السيسي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، إنه ليست لديه فواتير ليسددها لأحد، وإنه غير محمل بمجاملات من أحد في الداخل والخارج.

وأضاف قائلا: "أنا محسوب على اثنين فقط.. على الله سبحانه وتعالى وعلى المصريين، أنا رجل صادق وأمين وليست لدي فواتير لأسددها لأحد".

وعلى الرغم من أن الرجل أكد للإعلاميين هذا المعنى بثقة شديدة لا يحسد عليها، إلا أن الواقع يقول عكس ذلك، فهناك فواتير عدة، يجب على الرجل أن يسددها حال فوزه في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يومي 26 و27 مايو/أيار الجاري.

فاتورة رجال الأعمال

أول الفواتير التي يجب على السيسي سدادها على الفور، فاتورة رجال الأعمال الذين لعبوا دورا مهما في مساندة الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز والانقلاب على الشرعية وإسقاط أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد.

فقد لعب رجال الأعمال الدور الأكبر في إسقاط الرئيس المنتخب محمد مرسي عبر تقديم الدعم المالي السخي لقادة الانقلاب، وتمويل حركة "تمرد" المعارضة، وتوفير المال لأعمال البلطجة وتأليب الشارع اقتصاديا ضد مرسي وسياساته، كما نجح هؤلاء في قيادة الثورة المضادة لتعود إلى واجهة الأحداث من جديد.
ولولا مليارات الجنيهات التي ضخها رجال الأعمال في الشارع، لما نجح قادة الانقلاب في إقناع ملايين المصريين بالتظاهر يوم 30 يونيو/حزيران، ولولا أموال كبار رجال الأعمال، لما أقدم العسكر على الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد.

ولم يقف دور رجال الأعمال عند هذا الحد، بل قاموا بتسخير الصحف والقنوات الفضائية التي يمتلكونها في تغذية كراهية المصريين لنظام مرسي وحكومته، والتقليل من جدوى أي خطوة إصلاحية قامت بها.
بل وصل الأمر بوسائل الإعلام التي يمتلكها هؤلاء إلى قلب الحقائق وتضليل الرأي العام بشكل متعمد وممنهج والزعم في نهاية عام 2013 ، على سبيل المثال، بأن حكومة مرسي رفعت الضرائب على 52 سلعة رئيسة، كالسكر والزيوت والدقيق وغيرها، رغم أن قرار مرسي كان موجها في ذلك الوقت لزيادة الضرائب على الإعلانات والخمور والسجائر والمشروبات الغازية والمياه المعدنية.

ورجال الأعمال الذين سيطالبون السيسي بسداد فواتيرهم، هم من ضغطوا بشدة على الاقتصاد المصري إبان حكم الرئيس مرسي عبر تهريب أموالهم إلى الخارج، وهو ما شكل ضغطا شديدا على سوق الصرف أدى بدوره إلى ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه في السوق السوداء ليتجاوز حاجز الـ 8.5 جنيه للدولار.
وكانت النتيجة النهائية ارتفاعا متواصلا في الأسعار بسبب زيادة سعر الدولار، خاصة أن مصر بلد مستورد تتجاوز وارداتها 60 مليار دولار سنويا.

ولم يقف دور رجال الأعمال عند هذا الحد فقد تجاوزه لما هو أكثر من ذلك، فقد قام كبارهم وحيتانهم بالتهرب من سداد ضرائب مستحقة عليهم تقدر بمليارات الجنيهات، بهدف الضغط على الدولة ماليا وزيادة عجز الموازنة العامة للدولة، وتجفيف منابع الإيرادات الحكومية وتمويل احتياجاتها، سواء اليومية المتعلقة برغيف الخبز والدواء أو تلك المتعلقة بسداد رواتب العاملين في الدولة أو تمويل المشروعات العامة.
وعندما أحكمت حكومة مرسي قبضتها على كبار المتهربين من الضرائب، وفي مقدمتهم عائلة ساويرس راحت أبواق الإعلام تزعم أن ما تفعله الحكومة يهدد مناخ الاستثمار، وأن الدولة تلاحق رجال الأعمال الشرفاء، أمثال نجيب ساويرس وأحمد بهجت ومحمد الأمين وحسن راتب وياسين منصور وغيرهم.

ولمزيد من الضغط على حكومة مرسي، قام عدد من رجال الأعمال بتصفية مشروعاتهم، ونقلها إلى الخارج لضرب مناخ الاستثمار، في حين قام آخرون بإغلاق مصانعهم وتشريد آلاف العمال ودفع هؤلاء دفعا إلى الشارع للتظاهر ضد الحكومة، والمطالبة ليس بتحسين أجورهم وحسب، ولكن بحقوقهم الأصلية.

وبالاتفاق مع أجهزة الدولة قام بعض كبار رجال الأعمال أصحاب محطات الوقود بالامتناع عن استلام حصصهم من البنزين والسولار؛ لإحداث أزمة في الشارع، خاصة في أوقات موسم حصاد القمح.
وبالاتفاق مع الأجهزة أيضا، قام رجال أعمال كبار بنشر شائعات بهدف الإضرار بالاقتصاد خلال فترة حكم الرئيس مرسي، من قبيل أن مصر مقبلة على انهيار اقتصادي، وأن مصر قاربت على الإفلاس، وأن الحكومة تحارب كبار المستثمرين الشرفاء أو أن الحكومة باعت مشروع تنمية قناة السويس للقطريين.
وهناك نوعية أخرى من رجال الأعمال قامت بالتمهيد للانقلاب العسكري، وبالضغط ماليا على حكومة محمد مرسي من خلال رفض سداد مليارات الجنيهات المستحقة عليهم للبنوك والجمارك والتأمينات رغم امتلاكهم القدرة المالية.. وأحمد بهجت المدين للبنوك بأكثر من 3.5 مليار جنيه أكبر دليل على ذلك.

ومن رجال الأعمال من باع محفظته المالية في البورصة تحت زعم زيادة المخاطر في البلاد وتردي الوضع الاقتصادي ليؤدي إلى انهيارها، وبالتالي إثارة الذعر بين أكثر من ثلاثة ملايين مستثمر لديهم استثمارات في البورصة.

قصص دعم رجال الأعمال المصريين للانقلاب العسكري طويلة.. وقائمة كبار المستثمرين الذين وفروا الدعم السخي للانقلاب طويلة أيضا.

فاتورة الخليج

أما الفاتورة الثانية التي يجب على السيسي سدادها حال فوزه في الانتخابات القادمة، فهي من نصيب ثلاثي دول الخليج (السعودية – الإمارات – الكويت)، فهذه الدول قدمت دعما ماليا سخيا للانقلاب منذ اللحظة الأولى لوقوعه، فإلى جانب دعم مالي قيمته 12 مليار دولار قدمت الدول الثلاث مشتقات بترولية بقيمة تجاوزت أربعة مليارات دولار.

ولعب ثلاثي دول الخليج أيضا دورا في إقناع بعض الدول والمؤسسات المالية الدولية بالاعتراف بالانقلاب، ومواصلة منحه القروض والمساعدات.
صحيح أن الدول الثلاث فشلت في إقناع صندوق النقد الدولي والبنك الإفريقي للتنمية بمنح مصر قروضا بقيمة 6.9 مليار دولار، تم الاتفاق عليها إبان فترة الرئيس مرسي، ولكن أموالها السخية حالت دون انهيار احتياط مصر من النقد الأجنبي وسوق الصرف في مصر، وبالتالي دعمت الانقلاب العسكري بقوة.

كما قدمت الدول الثلاث دعما معنويا للاقتصاد المصري عبر التأكيد المستمر على توفيرها النقد الأجنبي اللازم لتمويل فاتورة واردات مصر من قمح ومشتقات بترولية، وسداد ما على مصر من ديون خارجية سواء لدول نادي باريس أو الدول الدائنة الأخرى، وفي مقدمتها قطر وتركيا.

إذاً، رئيس مصر القادم مطالب بسداد هاتين الفاتورتين العاجلتين، فرجال الأعمال في حاجة لاستعادة ما سددوه من مليارات لإسقاط مرسي، ودول الخليج الثلاث لديها أيضا طلبات سياسية قد لا يقدر السيسي على الوفاء بها.

المساهمون