تضارب المصالح يهدّد مشروعات إماراتية

تضارب المصالح يهدّد مشروعات إماراتية

17 مايو 2024
أحد موانئ الإمارات (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الإمارات تعزز مكانتها الدولية من خلال اتفاقيات ومشروعات استراتيجية مثل "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا" و"طريق التنمية"، مستفيدة من موقعها الجغرافي وعلاقاتها المتنوعة.
- تسعى الإمارات لتصبح مركزًا عالميًا للنقل والخدمات اللوجستية، موسعة التعاون مع الهند وتركيا، وتعمل على تعزيز الأمن الغذائي والتنويع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على النفط.
- تتبنى الإمارات نهجًا متعدد الأقطاب في سياستها، موازنة بين مصالحها الإقليمية والدولية، وتشارك في مشاريع بنية تحتية ذات قيمة جيواقتصادية لترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية مؤثرة.

شهدت الفترات الأخيرة نشاطاً ملحوظاً لدولة الإمارات العربية المتحدة في عقد اتفاقيات أو المشاركة في مشروعات اقتصادية ثنائية ومتعددة الأطراف سواء على المستوى الإقليمي أو على المستوى الدولي.

من بين هذه الاتفاقيات والمشروعات يحتل كل من مشروع "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا" (IMEC) واتفاق "طريق التنمية" (DRP) أهمية استراتيجية بالغة، بالنظر إلى النطاق الجغرافي لكل منهما ومردودهما الاقتصادي والتجاري واللاعبين الدوليين المشاركين.

وفي 13 فبراير/شباط الماضي، وقع الرئيس الهندي ناريندار مودي، خلال زيارته للإمارات التي استمرت يومين، مع نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتفاقاً إطارياً بين الحكومتين بشأن مشروع "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا" (IMEC) الذي أُعلن عنه في سبتمبر/أيلول الماضي على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي.

وشهد العراق يوم 22 إبريل/نيسان الماضي توقيع مذكرة تفاهم رباعية بين دولة الإمارات والعراق وتركيا وقطر بخصوص إطلاق "طريق النهضة" (DRP) بتكلفة تقارب الـ 17 مليار دولار، بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ووزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي سهيل المزروعي ووزير المواصلات القطري جاسم السليطي.

وتجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أن الإمارات كانت قد استبقت إطلاق هذين المشروعين بالتوقيع مع الطرفين الرئيسيين لكليهما (تركيا والهند) على اتفاقية للشراكة الاقتصادية الشاملة مع نيودلهي في فبراير/شباط من عام 2022، كما أعلن البلدان فيما بعد عن إنشاء ممر للأمن الغذائي يتناسب مع مشروع (IMEC)، ومع أنقرة في الثالث من مارس/آذار من 2023 ودخلت حيز النفاذ في الأول من سبتمبر/أيلول من العام ذاته. 

وجهان لعملة واحدة

من جانبه، ذكر رئيس ديسك الشرق الأوسط بمركز الدراسات الدولية في روما (CESI)، جوزيبي دينتيتشه أن "المشاركة في الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط (IMEC)، وكذلك في مشروع طريق التنمية تمثل، من وجهة نظر دولة الإمارات، وجهان لعملة واحدة. والحقيقة هي أن أبو ظبي تعتبر كلاً منهما أداة مهمة في سياستها الخارجية، من شأنها تعزيز مكانة البلاد الدولية فيما يتعلق بقوالب التعاون المصغر عبر استغلال تلك المنصات الاستراتيجية متعددة الأطراف التي تحظى بعضويتها".

وأوضح دينتيتشه في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "من بين هذه المبادرات يبرز منتدى I2U2 (الذي يضم إسرائيل والهند والولايات المتحدة والإمارات) واتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل والبحرين والمغرب، ومبادرة التعاون الثلاثي (التي تضم الإمارات وفرنسا والهند)، علاوة على مجموعة بريكس واتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) مع نيودلهي"، مشيراً إلى أن "من شأن المشاركة في مشاريع البنى التحتية ذات القيمة الجيواقتصادية العالية، من ناحية أخرى، المساعدة في وضع البلاد كمركز عالمي للنقل والخدمات اللوجستية، أي إلى حد ما "صين شرق أوسطية" مع مبادرة "الحزام والطريق" التي تشكل الإمارات أحد أطرافها".

وليس من قبيل الصدف، وفقاً للباحث الإيطالي، أن تشجع الإمارات شركاتها، شأنها في ذلك شأن الصين، في إدارة هذه التكتلات متعددة الأطراف أيضًا كأداة للتأثير الاقتصادي. 

استراتيجية متعددة الأقطاب

بدوره، قال الباحث بمؤسسة (Rie) لأبحاث الصناعة والطاقة، فرنشيسكو ساسّي، إن "اهتمام الإمارات بالمشاركة في كلتا الاتفاقيتين يسلط الضوء على قدرتها الخاصة على التحرك عبر تعقيدات المنافسة في المنطقة حيث لم يتمكن لاعبون آخرون حتى الآن من الصمود فيها، أو أن المخاطرة بها لا تستحق احتمالية العودة إلى حلبتها".

 وأوضح ساسّي لـ"العربي الجديد" أن "شركاء الإمارات في اتفاق طريق التنمية، على سبيل المثال، لديهم مواقف على النقيض تماماً من مواقف أطراف IMEC بشأن تسوية الصراع بين إسرائيل وحماس وحل الدولتين"، مشيراً إلى أن "الدبلوماسية الإماراتية تتحرك على عدة جبهات، في مقدمتها الطاقة على وجه الخصوص. وفي هذا السياق علينا أيضاً أن نأخذ في الاعتبار قدرات البلاد المالية التي يستطيع صندوق سيادي مثل ADQ توفيرها: من تركيا إلى عمان، ومن مصر إلى أذربيجان".

واستدرك الخبير الإيطالي بقوله: "نحن بصدد استراتيجية متعددة الأقطاب من شأنها، مع استمرار الصراع في الشرق الأوسط وظهور بؤر توتر ساخنة متعددة (كما هو الحال في البحر الأحمر)، أن تبرز جميع تناقضات دعم شركاء لديهم ، أحياناً، مواقف متعارضة فيما بينهم". 

مصالح وتوازنات إقليمية

وأخيراً، رأى المحلل الجيوسياسي بمركز أبحاث (Med-Or) التابع لمجموعة ليوناردو الإيطالية لصناعات الدفاع ومجلة "فورميكي" الإيطالية، إيمانويلي روسّي، أن "أبو ظبي، في واقع الأمر، شريك عربي ولا سيما للولايات المتحدة، ولكن أيضًا للاتحاد الأوروبي"، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أن "الإمارات مهتمة، علاوة على ذلك، بتعميق روابط أخرى: وعلى رأسها التأكيد على العلاقات مع الهند، القوة الناشئة في الوقت الحالي، وكذا مع اليابان وكوريا الجنوبية ومع الصين بطبيعة الحال.

كما يتعين عليها أن تبقي على قنوات الحوار مع تركيا من أجل تجنب تعقيد التوازنات الإقليمية". وشدد على أن "موقف دول مثل الإمارات هو على وجه التحديد ما يجعلنا ندرك مفهوم ممر IMEC بشكل مختلف في الغرب وغيره.

ومن الممكن أن تكون الفكرة الأساسية التي قام عليها هي التنويع الدائم من وجهة نظر إزالة المخاطر"، مستدركاً بقوله إنه "إذا كان هذا الممر يمثل للأوروبيين مشروعا بديلا للربط مع الصين وربما مع مبادرة الحزام والطريق، فإن الإمارات تعتبره، بشكل أو بآخر، مكملا لمشروعات أخرى. وفي الوقت الراهن، لا تتعامل أبو ظبي مع الممر على أنه مسألة خيار، لأنها في الواقع تشارك وتصطف مع كل ما من شأنه تطوير مصالحها". 

وخلص المحلل الإيطالي إلى أنه "إذا كانت مشاركتها في بعض المشاريع ستؤدي إلى نتائج عكسية، فإن الإمارات ستقاطعها في أقرب وقت ممكن، لأنها ليست مكبلة بقيود استراتيجية. وهكذا فإن استكشاف إمكانية وجود مساحات في اتفاق طريق التنمية يتبع النهج الذي تسير عليه بشكل مثالي. ولا ننسى أخيراً أن الإمارات أحد أطراف مبادرة الحزام والطريق أيضاً".

المساهمون