وليد بدر: الدمى ستبقى ساحرة

وليد بدر: الدمى ستبقى ساحرة

06 نوفمبر 2014
بدر في دور نمنم (يمين) في عالم سمسم(العربي الجديد)
+ الخط -
لم تكن فرقة "ولّ يا ولّ" مجرّد فرقة مسرحية أبطالها الدمى، بل أتت ثمرة خبرة سنوات في عالم مسرح الدمى ومسرح الطفل، خاضها المسرحي وليد بدر منذ تسعينات القرن الماضي.

الفرقة التي تأخذ اسمها من عبارة شعبية فلكلورية مصرية محضة، لم تكن البداية وليست النهاية، فتأسيس فرقة عرائس مسرحية مشروع تواجهه الصعوبات في التمويل وفي إيجاد العنصر البشري، من متخصّصين في مسرح الطفل وتحريك الدمى وحتى الكتابة للدمى، لأنّ الدمى تُعتبر من أصعب ما يكتب لها المؤلف الدرامي، فهي لا تمتلك إمكانية التحكّم بملامحها، ما يضع المؤّلف والمخرج والمحرّك في تحدٍّ كبير لتوصيل الشخصية وانفعالاتها للجمهور الحسّاس الذي هو الطفل.

مشوار شاقّ مشاه بدر الذي درس علوم المسرح، يشجّعه إيمانه بفنّ العرائس وشغفه به. وفي معظم برامج العرائس التلفزيونية، نجد وليد بدر حاضراً كمحرّك دمية وممثّل، كما في برنامج "عالم سمسم" عبر شخصية نمنم، وهو النسخة العربية من برنامج "شارع سمسم" الأميركي الشهير، وبرنامج "ظاظا وجرجير" عبر شخصية جرجير.. إضافة إلى العديد من الأعمال المسرحية بينها مسرحية "جحا وقطّورة"...
عن "مغامرة" وليد بدر و"عرائسه" كان هذا الحوار.

- كيف بدأت علاقتك بالعرائس؟
بالصدفة البحتة، كانت مدرستي قرب قصر ثقافة الجيزة التي تحوي "قاعة منف" وتقام فيها العروض المسرحية. فى بداية المرحلة الإعدادية، كنت أتردّد عليه للمشاركة فى الأنشطة العلمية التي تشارك فيها المدرسة، وفي يوم جمعة، شاهدتُ عرضاً لمسرح العرائس، يشارك فيه أصدقائي، وحين اكتشف المخرج تغيّب أحد أصدقائي طلب منّي أن أحلّ مكانه. قال أصدقاء لي: اعمل زيّ ما بنعمل. ورحت أقلّدهم، اتّضح أنّي أجيد هذا. وصرت أشارك في تقديم العرض كلّ يوم جمعة، أرتدي قناع البجعة، وأستمتع في تأدية دوري الصغير، الذي كان بداية حبّي للمسرح وفنّ العرائس، ونقطة انطلاقي في عالم المسرح والعرائس.

- متى بدأت الاحتراف؟
شاركتُ فى عروض أخرى في القصر، ومنها عرض مسرحية إيزيس، تأليف توفيق الحكيم، وإخراج كرم مطاوع، مع حفظ الألقاب، ومن إنتاج المسرح القومي، تلك كانت بدايتي في عالم الاحتراف، وفى يوم الافتتاح فوجئت بتصفيق المشاهدين وهذه كانت نقطة التحوّل فى حياتي، إذ قرّرت حينها أن يكون الفنّ، والمسرح بشكل خاصّ، عالمي وهدف مستقبلي.

- لماذا أسّستَ مسرح دمى ولم تتابع في مسرح الكبار؟
حصلتُ على دورة تدريبية فى مؤسّسة "جيم هانسون" في الولايات المتّحدة الأميركية، وذلك لتقديم شخصية نمنم في النسخة العربية من "سيسامي ستريت" بعنوان "عالم سمسم"، احد أبرز برامج الأطفال العربية، ووجدتُ أنّ العالم لا يعرف شيئاً عن فنّ العرائس في مصر، وهذا أحزنني كثيراً، ومع الاستمرار فى تقديم "عالم سمسم"، أحببت أن أقدّم عرضاً مسرحياً له النهج التعليمي والترفيهي نفسه، كما يقدّم فى عالم سمسم، وخلال التنفيذ أسّست فرقة لها أهداف وأنشطة تقوم بها مجموعة من محّبي فنّ العرائس، وقدّمت العرض، ثم أسّست موقعاً إلكترونياً للفرقة، بدأتُ من خلاله أقدم نشاطي كفرقة مصرية على الساحة الدولية لعالم الدمى، وأشارك أيضاً فى المهرجانات الدولية.. شاركت الفرقة فى مهرجان العرائس بالبوسنة والهرسك، ومهرجان العرائس في براغ، ومهرجان العرائس في دولة أذربيجان، ومهرجان العرائس في الصين... ومن خلال الظهور الدولي خاطبتُ "الاتحاد الدولي لفنّ العرائس لمشاركة مصر فى الاتحاد، وبالفعل قمتُ بكلّ الإجراءات التى تسمح لمصر بالمشاركة فى الاتحاد الدولي لفنّ العرائس، وقد حضرت مصر لأوّل مرّة فى تاريخها الجمعية العمومية للاتحاد في دولة الصين 2012.


طفلة صينية تحتضن دمية جحا خلال عروض لفرقة "ولّ يا ولّ" في الصين(العربي الجديد)

 

- لماذا اسم "ولّ يا ولّ"؟
أصدقائي المقربون كانوا ينادونني تحبّباً "ولّ"، اختصاراً لاسم وليد، ولكن هذا لم يخطر لي يوم بحثع عن اسم للفرقة، الحقيقة أنّ أستاذي شوقي خميس هو من اقترح الاسم، وهي عبارة شعبية محبّبة، ترد في مونولوجات فلكلورية، وكانت تردّدها الطفلة فيروز في أفلامها مع انور وجدي... 

- لشخصية نمنم شعبية عند الأطفال، كيف تتفاعل مع هذه الدمية لتحقّق النجاح؟
برنامج "عالم سمسم" ناجح ككلّ، وتمّ إنتاج 300 حلقة منه. نمنم هو شخصية مرحة ومتفائلة، محبّ للبيئة والطبيعة يقدّر الصداقة لذا يحبّه الأطفال.. أما علاقتي بشخصية نمنم فهي علاقة توحّد بين صفات شكلية ونفسية تتميز بها الشخصية، وصفات ومهارات حركية وأدائية أتميّز أنا بها، تجتمع هذه الصفات والمهارات في شخصية واحدة يحبّها الكبار والأطفال.

- في زمن الثلاثي الأبعاد والديجيتال كيف تصمد الدمية؟
للعروسة سحر خاص، لا يماثله أي نوع آخر من أنواع الفنون، يشاهدها الطفل على المسرح ككائن مستقلّ، يرسم عالمها كاتب ومخرج وفنّانون ليندمج الطفل فى هذا العالم ويصدّقه ويعيش فيه. مهما تطوّرت التقنيات ستبقى للعروسة مكانتها الخاصّة.

- كيف هو تفاعل الجمهور مع المسرحيّات التي تقدّمونها؟
نجد الطفل يصفّق للدمية بحرارة، يتفاعل معها ويحدّثها.. ومع كلّ عرض نكتشف أنّ الطفل يدخل عالم "الحدوتة" ويعيش مع البطل حتى حين ينتهي العرض، يبقى يتعامل مع الدمية على أنّها الشخصية الدرامية.

- إن كان المسرح عامّةً في أزمة، فمسرح الدمى في أزمة أكبر، ما أبرز المشاكل التي تواجهها؟
مشكلة مسرح العرائس هي الدعم الرسمي. النصّ والممثّل والإخراج ليسوا المشكلة، مع إمكانية وجود بعض المشكلات بالنسبة للكتابة أو محرّك العروسة، الدولة تدعم "مسرح القاهرة للعرائس"، ولكن من دون فكر تربوي يواكب العصر، أو رؤية. أمّا في خصوص الفرق المتخصّصة في فنّ العرائس، فالدولة مسؤولة عن دعم الفرق عبر تخصيص أماكن للعرض ومسارح لنشر هذا الفنّ على مستوى محافظات مصر، ومنها إلى خارج مصر، فمسرح واحد لا يكفي لملايين المواطنين، سعة المسرح 300 كرسي، وحتى لو قدّم 365 عرضاً فى السنة، بمعدّل عرض يومي، فإنّ من يشاهد عروضه لا يتعدّى واحداً بالمئة من السكّان، وهذا لا يحدث بالطبع، لأنّ مسرح العرائس لا يقدم سوى 100 عرض في السنة في أحسن الأحوال.

- ما هي أحلامك ومشاريعك المستقبلية؟
حلمي هو امتلاك مسرح عرائس نقدّم من خلاله أعمالاً مسرحية للأطفال والكبار، وكلّ ما نطلبه من الدولة توفير مكان. والباقي علينا وعلى جنود مسرح العرائس المجهولين.

وليد بدر الثالث الى اليمين، ويبدو في الصورة المخرج تامر محسن (الأول الى اليمين) والممثل ومحرّك الدمى وائل عوض(يسار الصورة) خلال تدريبات في الولايات المتحدة على النسخة العربية من عالم سمسم

دلالات

المساهمون