هذا الإعلان الوقح

هذا الإعلان الوقح

26 يوليو 2020
الحكومة ستبيع المواد الغذائية بطريقة التقسيط للعاملين بالدولة (فرانس برس)
+ الخط -

لا شيء ربما يذكّر السوريين بوضعهم المعاشي المتردي وحلول حكومة الأسد المستفزة كالإعلان الذي أصدرته "المؤسسة السورية للتجارة" كعيدية للشعب المنتظر حلاً.
فالإعلان الذي عكس إحساس دولة الممانعة بمعاناة شعبها، نصّ على البدء ببيع المواد الغذائية المتوفرة في صالات المؤسسة بطريقة التقسيط للعاملين بالدولة، وذلك بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى.
وحمل الإعلان كل ما تفتقت عنه العلوم المصرفية، من جذب وإغراء للعملاء، فهو أولاً ذو سقف عال "150 ألف ليرة، ما يعادل 60 دولاراً"، وثانياً من دون سعر فائدة والميزة الثالثة فترة سداده طويلة الأمد تمتد لعام كامل. فما الذي يرجوه السوري المطلبي من السيد الرئيس أكثر من ذلك؟!

 

 

لا وأكثر، لم تطلب المؤسسة الحكومية ضمانات لقرضها الميسّر، لا مسكن المقترض ولا كفلاء خارجيين، إذ اكتفت فقط بكفالة محاسب الإدارة وآمر الصرف، فقد نصّ الإعلان حرفياً "وعلى مسؤوليتهم".
ثمة أسئلة موجعة، على الأرجح لن يحس بمرارة طرحها إلا السوريون الذين حوّلهم نظام الأسد خلال سني ثورتهم الممتدة منذ آذار 2011 إلى جوعى ومتسولين في الداخل، يبيعون كل ما يمكن أن يباع ليستمروا على قيد الحياة، وإلى لاجئين يبلعون موس الغربة بحدّيه في الخارج.
ربما أول الأسئلة التي تتوثّب على الشفاه هو ماذا بشأن غير العاملين في الدولة يا مؤسسة التجارة، أم هؤلاء خارج الرعاية الأسدية، وليس شرطاً أن يأكلوا ويلبس أولادهم خلال عيد الأضحى؟!
وثاني الأسئلة المرّة، ترى كم يمكن أن تشتري تلك الآلاف، من سلع ومستلزمات لأسرة سورية، إن كانت مراكز الأبحاث من دمشق تقدّر تكاليف المعيشة شهرياً، لأسرة صغيرة، بنحو 500 ألف، فسعر كيلو اللحمة في دمشق 20 ألف ليرة، وسعر كيلو حلوى العيد أكثر من 50 ألفاً، والقرض الحكومي لا يشتري كسوة لطفل بواقع التهاب الأسعار في دولة الصمود والتصدي المحاصرة.
وهنا، لن نأتي خلال الأسئلة على كيفية تسديد القرض وماذا يمكن أن يحدث لموظف يتقاضى 50 ألف ليرة، إن اقتطع منها شهرياً أكثر من 10 آلاف ليرة وعلى مدى سنة.
كما لن نسيء الظن بالمؤسسة الحكومية، رغم الوقائع والدلائل، بأن هدفها من هكذا قرض إنما لتبيع سلعاً مكدسة بأسعار مرتفعة، وربما منتهية الصلاحية أو شارفت على الفساد.
نهاية القول: توقع سوريّو الداخل أن يرفع "سيادة الرئيس" وحكومته الممانعة بعض الضغوط المعيشية عنهم، بعد أن تعدت نسبة الفقر 90% وانتشرت الجريمة والرذيلة بمناطق سيطرة الأسد، كأن يرفع الرواتب والأجور المثبتة منذ أعوام، بعد أن ناقش برلمان الأسد الأمر مراراً ورفع اتحاد العمال مذكرات عدة، وألمحت الحكومة لتحسين الدخول لتتناسب مع الإنفاق في غير مناسبة نضالية ووطنية.

 

أسواق
التحديثات الحية

 

بل وصل الطموح بالبعض، ليحلموا أن أموال الأسد، أو بعضها المستردة من ابن خاله "رامي مخلوف"، ستضخ بالسوق السورية، فتعدل من سعر الصرف المتهاوي وتحسن قليلاً من مستوى معيشة السوريين، فهي بالأساس أموال السوريين المنهوبة عبر مرحلتي حكم الأسدين الممتدة منذ نصف قرن.
بيد أن الواقع والوقائع أكّدا ويؤكدان أن التجويع والإذلال هما السياسة الدائمة لتلك العصابة الحاكمة للسوريين، فغير الشعارات والدعوة للصمود لن يحصلّوا من حكم الابن، كما لم يروا من حكم أبيه، سوى تطييف المجتمع وتجهليه، لتتكامل خطط عصابة الأسد ودورها الوظيفي، وتطبق على صدور السوريين حتى الموت.. أو يتحرك الضمير العالمي فيقضي الله أمراً كان مفعولاً.

المساهمون