نساء مغربيات يقاومن الفقر والتهميش بالصبار والأعشاب

نساء مغربيات يقاومن الفقر والتهميش بالصبار والأعشاب

11 مارس 2015
نساء المغرب يحاربن الفقر بمشروعات محلية (العربي الجديد)
+ الخط -
عندما خرجت النساء إلى شوارع العاصمة المغربية الرباط، في الثامن من مارس/آذار الجاري، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة كي يذكرن الحكومة المغربية بحقوقهن، تذكر الخبير في قطاع الزراعة، عبد الله الباعمراني، نساءً من منطقته (أيت باعمران) الواقعة في المغرب العميق (المناطق المهمشة)، استطعن مواجهة تكاليف الحياة، عبر مشروع بسيط منحهن شهرة كبيرة في المغرب، وقبل ذلك اعتزازاً بأنفسهن لا يقدر بثمن. فقد نجحت النساء الأميات الفقيرات، في تحويل نبات الصبار إلى منتج يقبل عليه المغاربة والأجانب.
فكرة المشروع جاءت من المواطنة كلثوم بنت أيت باعمران، التي قادت أولئك النسوة إلى رفع التحدي. فلا يتوفر بالمنطقة التي يعشن فيها سوى نبات الصبار الذي يتأفف البعض من تناوله أو يستخدمه علفاً للماشية، بينما يعتبره آخرون فاكهة بخسة الثمن، غير أن كلثوم وبنات منطقتها، التي تبعد 130 كيلومتراً من "أكادير"، اكتشفن فيه مزايا لم تخطر على بال أحد. شكلن مشروعاً تعاونياً، ليفاجئن المجتمع باستخراج الزيت من الصبار يباع اللتر الواحد منه بحوالي ألف دولار، وحولن مسحوقه إلى منتج مستحضر تجميلي، وصنعن منه مربى، أضحت مطلوبة في الأسواق الكبيرة.
ذلك المشروع، غيّر حياتهن رأساً على عقب، فقد أضحى حضورهن مطلوباً في المعارض الوطنية وحتى الدولية، وأصبحن ملهمات لنساء مناطق أخرى، أخذن يفتشن في منتوجاتها المحلية عن مصدر للرزق يعن به أسرهن الفقيرة. هذا ما تجلى في مشروع آخر بمنطقة تازة.
ويحكي المواطن حسن الشيخ قصته عندما صادف النساء بأحد المعارض، اللاتي يفخرن بمشروعهن للعناية بالأرانب، في تازة، ورغم الشكوك التي حامت حول إمكانية نجاحهن، تمكن رفقة رجال القرية من توسيع المشروع، فأخذن يزودن الجزارين بحاجياتهم من لحوم الأرانب.
وتعاني المرأة المغربية من حضور ضعيف في سوق العمل الرسمي، حيث لا يتجاوز 25%، من إجمالي سوق العمل، حسب تصريحات سابقة لوزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، عبد السلام الصديقي.

وفي صمت تعمل النساء في القرى المغربية على البحث عن مصدر رزق ينفع أسرهن، هذا ما يتجلى في تكاثر المشروعات التعاونية الخاصة، التي يأتي تأسيسها من فكرة تبدو في بعض الأحيان مجنونة بالنسبة لمن ينظر إلى النساء في الكثير من المناطق القروية المغربية، نظرة تقليدية. هذا ما تجلى للفلاح عبد القادر أيت حمو، الذي يحكي أنه فوجئ بنساء من منطقة بمدينة الصويرة السياحية، اللائي اهتدين إلى أن الأعشاب التي تغطي جبال وشعاب قريتهن، تتضمن فوائد طبية وعطرية جمة، حيث شرعن في استخراج ما تحويه من عطور. صحيح أن النجاح لم يحالفهن في البداية، لكن التدريب الذي استفدن منه من قبل وزارة الفلاحة، ساعدهن على اكتساب تقنيات مكنتهن من تقنيات التقطير وكيمياء العطور.
لن تجد في منطقة تالوين، على بعد حوالي 160 كيلومتراً عن مدينة أكادير، من لا يفخر بزعفران المنطقة، يرونه أجود من زعفران إيران. ذلك انطباع يتقاسمه جميع المغاربة الذين يسألون عن زعفران هذه المنطقة دائماً.
ويقول النادل بمقهى بالدار البيضاء، خالد راي، "عند حلول موسم قطاف الزعفران، تهرع النساء قبل حلول الفجر إلى الحقول، حيث يبدين الكثير من الحرص من أجل سل شعيرات الزعفران، ذلك يحتاج إلى الكثير من الصبر الذي لا يتوفر سوى للنساء"، ويضيف أن "أبناء المدن لا يعرفون كيف يعاني الناس هناك كي يوفروا ذلك الذهب الأحمر".
وفي قرى لم تكن ترى فيها النساء، إلا في وقت عودتهن من الحقول أو منهمكات في شغل البيت الرتيب، غير العمل حياة الكثيرات منهن، كما أولئك النسوة في منطقة بآزرو غير بعيدة عن مدينة فاس، اللائي طورن مشروعاتهن إلى مجموعة ذات نفع اقتصادي، حيث انهمكن، كما لاحظت "العربي الجديد" ذلك، في تقطير الأعشاب التي يستخلصن منها عطوراً. صحيح أن هدفهن السوق، لكن بريق السعادة التي كانت بادية على وجوههن لا تقدر بمال.
عندما يتجول بك نجيب ميكو في رحاب المتجر "التضامني"، التابع لمؤسسة "مغرب تسويق"، الذي يتولى إدارتها، تكتشف من حديثه، تشكيلات مختلفة من المنتجات، من خل تفاح وزيت الزيتون والعسل وزيت الأركان ومستحضرات تجميل طبيعية وغيرها.. يؤكد ميكو لـ"العربي الجديد" أن أغلب تلك المنتجات هي من صنع أيدي النساء القرويات اللواتي يعملن بتفان من أجل ضمن إيراد لأسرهن.

اقرأ أيضا: بقال الحي..ملاذ الأسر المغربية الفقيرة
اقرأ أيضا: بائعة البخور..تركت التعليم بسبب فقر أسرتها
اقرأ أيضا: عمال النظافة..مهنة مرهقة في غزّة وأجر زهيد

المساهمون