نتائج الانتخابات العراقية: 3 سيناريوهات لإدارة الأزمة

نتائج الانتخابات العراقية: 3 سيناريوهات لإدارة الأزمة

21 مايو 2014
يُحتمل اختيار شخصية من "دولة القانون" غير المالكي(فرانس برس/getty)
+ الخط -

لا رابح حقيقي في الانتخابات العراقية حتى الآن، إذ لم تستطع أي من الكتل السياسية الحصول على النصاب القانوني للذهاب لتشكيل حكومة غالبية سياسية، ما يجعل الجميع أمام مارثون طويل من المفاوضات الشاقة التي لن تخلو من التدخلات الخارجية والمساومات الداخلية.

ولا يُتوقع أن تكون الحكومة محصّنة إلى درجة كبيرة من المفاجآت، إذ سيكون الدستور العراقي في هذه الفترة، ضحية الخروقات التي ستنتج عن الفراغ، وتمديد فترة انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، أو اطالة عمر حكومة تصريف الأعمال بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي.

ومن المقرر دستورياً أن تعقد الجلسة الأولى للبرلمان العراقي بعد المصادقة القضائية على نتائج الانتخابات، وغلق باب الطعون، وهو ما يعني أن الجلسة الاولى لن تنعقد قبل 14 يونيو/حزيران المقبل، ما يمنح الكتل السياسية وقتاً كافياً للتفاوض حول شكل الحكومة الجديدة التي لم تعد على ما يبدو شأناً داخلياً للعراق وحده، بل شأناً اقليمياً ودولياً.

وينص الدستور العراقي المعدل عام 2005، على دعوة رئيس الجمهورية المنتهية ولايته للبرلمان الجديد، إلى الانعقاد خلال مدة لا تتجاوز 15 يوماً من موعد المصادقة على الانتخابات، إذ يترأس الجلسة الاولى للبرلمان الأكبر سناً من الأعضاء، وينتخب خلالها رئيس الجمهورية بغالبية الثلثين، فيقوم الرئيس المنتخب بدوره، وخلال الجلسة نفسها بتسمية رئيس للوزراء يتم التصويت عليه بغالبية النصف زائداً واحداً، ما يعني أن الكتلة الطامحة لمنصب رئيس الوزراء عليها أن تجمع 165 صوتاً داخل قبة البرلمان.

وباستثناء الغضب الذي ولّدته نتائج الانتخابات لدى الكتل السياسية ضد المالكي خلال الساعات الماضية التي أعقبت اعلان النتائج، بدأت يوم الثلاثاء سلسلة اتصالات واسعة بين الكتل الفائزة في الانتخابات، وفقاً لقيادي بارز في "الكتلة الوطنية" بزعامة إياد علاوي، الذي أكد أن الجميع اتفق على أن لا ولاية ثالثة للمالكي، على أن يكون حلّ تلك العقدة بالقبول بمرشح آخر من "كتلة دولة القانون" غير المالكي، وهو أقصى ما يمكن أن يوافق عليه خصوم المالكي.

وبحسب النتائج المعلنة للانتخابات، فإن المالكي هو المرشح الأقوى لتشكيل الحكومة بـ 92 مقعداً، تتحول إلى 116 مقعداً بإضافة حلفائه من كتل "الفضيلة" و"الإصلاح" و"صادقون" و"العراق" و"النخب" و"قائمة الزرفي"، وهي قوائم صغيرة أعلنت تحالفها سلفاً مع المالكي، قبل اعلان النتائج، ما يجعل تحركات المالكي الحالية منصبة حول التفاوض مع شخصيات سنية عربية مستقلة، وكتلة واحدة من الكتل الشيعية الكبيرة، أكانت "الاحرار" (الصدريين) أو "المواطن" (المجلس الأعلى الإسلامي) للحصول على 165 مقعداً، وهذه هي الخريطة التي كشف عنها أحد قياديي "دولة القانون" لـ"العربي الجديد"، مستبعداً إمكانية تحالف المالكي مع الكتل السنية العربية أو الكردية الكبيرة.

ويشير السيناريو الثاني للتحالفات، إلى أن تدخل "دولة القانون" بعدد مقاعد تتراوح ما بين 120 و130 مقعداً، ليعلن عن كتلة جديدة، بينما تنجح الاطراف الأخرى، تحديداً التيار الصدري و"المواطن" والكتل السنية العربية وعلاوي والاقليات والكتل الكردية، بجمع 187 مقعداً، لتشكيل الحكومة، وهو العنوان الأبرز لمباحثات الكتل السياسية التي انطلقت يوم الثلاثاء.

أما الاحتمال الثالث فيكمن في نجاح المالكي بإقناع الأكراد للتحالف معه سريعاً، في مقابل تسوية قضية المناطق المتنازع عليها بين بغداد والاقليم الشمالي، وملف تصدير النفط، وهو ما سيمنحه ولاية ثالثة بشكل مريح.

وجميع تلك الاحتمالات ستكون على حساب وقت تشكيل الحكومة والدستور الذي نص على ألا يتجاوز شهراً واحداً بعد المصادقة على النتائج.

لكن اللاءات القاطعة التي قوبلت بها نتائج الانتخابات، تجعل من خريطة الطريق الثانية، أقرب للواقع، إذ أعلن التحالف الكردستاني، على لسان القيادي حمة أمين، أن الكُرد لا يمكن لهم "تجربة أربعة سنوات أخرى من الفشل".

ويقول أمين لـ"العربي الجديد" إنه سيكون على الجميع أن يتأكد من أننا سنذهب لحق تقرير المصير فيما لو فرض علينا ما لا نرغب به، "ولن نقبل أن يكون المالكي رئيساً للوزراء، ولا يمكننا أن نثق به مرة أخرى، وهو ما أبلغناه لـ(رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عمار) الحكيم و(زعيم التيار الصدري مقتدى) الصدر في حال فكروا بتغييير موقفهم الحالي من المالكي".

أما محافظ نينوى، القيادي في تحالف "متحدون"، أثيل النجيفي، فشدد على أن قبول الكتل الشيعية بتولي المالكي حكومة ثالثة، ستكون رسالة سيئة للسنة العرب والاكراد.

ويضيف النجيفي، في بيان، يوم الثلاثاء، أن نتائج الانتخابات "تشير بوضوح إلى أن العروبيين وأصحاب التوجهات الوطنية قد أصبحوا أقلية امام التحشيد الطائفي". وحذّر من أن "إعادة انتخاب المالكي تعني أنه لم يعد هناك مجال نستطيع فيه حفظ ما تبقى من كرامتنا ودماء شبابنا غير تشكيل اقليم يتمتع بصلاحيات كافية تمنع هيمنة أجهزة أمنية مسيسة وقضاء أصبح سيفاً مسلطاً على رقاب المعارضين السياسيين".

وتواجه الكتل السنية العربية، محاولات لتفتيتها، مثلما حدث سابقاً، وهو ما يحاول البعض تفاديه من خلال الاعلان عن تشكيل اتحاد يجمع الاحزاب والكتل السنية العربية، على غرار "التحالف الوطني" الشيعي والتحالف الكردي.

ويكشف نائب رئيس الوزراء العراقي، صالح المطلك، عن تشكيل ائتلاف جديد باسم "الاتحاد"، يجمع الكتل السنية العربية تحت خيمة واحدة، "لتوحيد رؤيتها حول تشكيل الحكومة والاتفاق على أمور عديدة مهمة".

ويضيف المطلك، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مهمة "الاتحاد ليست شرذمة الكتل السنية بقدر ما هي عملية جمعها في بيت واحد لصالح ناخبيهم، لتجنب عمليات الالتفاف على الأعضاء". ويكشف أن مشروع "الاتحاد" الجديد، سيضمّ "ائتلاف متحدون" (أسامة النجيفي) والقائمة العربية وقائمة العراق ووحدة ابناء العراق والوفاء للانبار، فضلاً عن شخصيات مستقلة في قوائم أخرى.

ووفقاً للمحل السياسي نهاد الجبوري، فإن "الاتحاد" هو "محاولة سنية لتوحيد الموقف على غرار التحالف الوطني الشيعي مقابل تحالف كردي متماسك وقديم".

ويضيف الجبوري أن ذلك "سيبعثر خطط المالكي للحصول على ولاية ثالثة، خصوصاً إذا ما نجح الاتحاد الجديد في الصمود امام المغريات والضغوط الخارجية".