من عادات التونسيين في رأس العام الهجري

من عادات التونسيين في رأس العام الهجري

14 أكتوبر 2015
احتفالات خاصة في المدن التونسية بمناسبة العام الهجري
+ الخط -
تحتفل سائر الشعوب العربية والإسلامية اليوم بالعام الهجري، وعلى الرغم من أن لكل بلد عاداته وتقاليده في إحياء هذه المناسبة الدينية المهمة، إلا أنه على الرغم من اختلاف العادات والتقاليد والتراث الغذائي يبقى هذا اليوم فرصة لجمع شمل الأسر العربية والجلوس على طاولة واحدة لتذوّق أكلة تقليدية من صميم التراث الشعبي.


ويولي معظم المحافظات التونسية أهمية بالغة للاحتفال برأس العام الهجري، وتظل لكل محافظة عاداتها وتقاليدها الموروثة عن الأجداد، فتحضر في هذا اليوم الملوخية تبركاً بلونها الأخضر والكسكسي بالقديد (لحم مجفف) الذي يعد خصيصاً لهذه المناسبة، ويسمى أيضاً كسكسي "رأس العام" العربي، ويستقبل أهالي محافظة نابل السنة الهجرية بطريقتهم الخاصة، فيزيّنون الطعام بعرائس الحلوى التي تمتلئ بها المتاجر استعداداً لهذه المناسبة.

ويعود إعداد الكسكسي (طبق أمازيغي قديم يصنع من طحين القمح) في رأس العام الهجري إلى العهد الفاطمي إحياءً لذكرى الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة المنورة، ويُذكر أن الفاطميين كانوا أول من احتفل به ليخطو على إثرهم الملوك الحفصيون في تونس.

الحاجة زهرة، من محافظة بنزرت، كانت بصدد تأمل قدر "الملوخية" التي تغلي على نار هادئة، قالت لـ"العربي الجديد" إنها تنتظر أحفادها فقد تعودوا الاحتفال بهذه المناسبة في بيتها، وبينت أن من عاداتهم استقبال العام الجديد بالملوخية، ولكن في ليلة العام الهجري يطبخون كسكسي بالعصبان الجاف (يتم إعداده منذ عيد الإضحى) ويطبخ خصيصاً في "مقفول" مغلق وهو (إناء خاص) يرمز إلى غلق العام وتوديعه لاستقبال آخر.

كانت رائحة "الملوخية" تنبعث من بيتها ومن جل البيوت التونسية، فاللون الأخضر يرمز إلى الخير والسلام وحضوره له دلالات خاصة. وتحرص أغلب ربات البيوت في تونس على طبخ "الملوخية" في هذا اليوم، فبعد أن تصفى الأوراق ثم تطحن توضع في قدر تقليدي من النحاس أو الفخار ويوضع على نار هادئة ويذكر أن ذلك يكسبها نكهة خاصة ومذاقاً أطيب.

أما السيدة منوبية في أصيلة جزيرة جربة في الجنوب الشرقي التونسي، فتعتبر أنّ عاداتهم مختلفة عن مدن الشمال، فهم يعدون المحمص بالقديد أو أكلات تشبه كثيراً الحساء ويضعون فيها البقول الجافة، والفول الأخضر... ثم يزينون الطبق بالبيض الذي يوزع لاحقاً على الأطفال.

ومن بين العادات التي تكثر في مدن الجنوب التونسي بمناسبة العام الهجري إضافة إلى إعداد الملوخية، وطبخ الكسكسي بالقديد، التجمّل بالحناء، ويقال إنها رمز البركة والخير. كذلك تكثر في هذا اليوم الزيارات العائلية بين الأقارب، وتبرز حفلات عقد القران ومراسم الخطوبة والهدايا بين المخطوبين لأن كتيراً من الأسر تعتقد أن هذا اليوم هو طالع خير. لكن يتم في بعض الجهات طبخ العصيدة العربية نظراً لبياضها الذي يحيل بدوره إلى التنبؤ بعام جديد.

من جهته، أكدّ الدكتور من المعهد الوطني للتغذية، الطاهر الغربي، أنّ لكلّ طعام رمزيته، معتبراً أن العودة إلى التراث الغذائي تعتبر القاسم المشترك الذي يجمع التونسيين في مثل هذه المناسبات. وقال في تصريح إلى "العربي الجديد" إنّ الطعام له قيمة غذائية وصحية وله أيضاً أبعاد نفسية واجتماعية، تتمثل في جمع شمل الأسر التونسية والمجتمع ككل.

وأضاف الغربي أن مثل هذه العادات توارثها التونسيون جيلاً بعد جيل، فعلى الرغم من التطور الذي حصل في التغذية والنظم الغذائية فإن ذلك لم يمنع الشعوب من المحافظة على تقاليدها الغذائية والاحتفال بمثل هذه المناسبات. وأشار المختص في التغذية إلى أن كل طعام يرمز إلى شيء ما، فالملوخية مثلاً على الرغم من أنها من الأكلات الدسمة إلا أنها تبقى رمز التفاؤل بالمستقبل ولكي يكون العام أخضر. واعتبر أن الكسكسي بالقديد من الأكلات القديمة التي لها تاريخ، وقيمة غذائية مهمة. وشدّد على أنّ التراث والطعام جزء من هوية كل بلد، مثمناً استمرار مثل هذه العادات. 

 
اقرأ أيضاً: المطاعم اليمنية وصلت إسطنبول

دلالات

المساهمون