معركة الباب... المرحلة الأصعب من "درع الفرات"

معركة الباب... المرحلة الأصعب من "درع الفرات"

18 سبتمبر 2016
نجحت عملية "درع الفرات" بتحرير مناطق عدة (أمين سنسر/الأناضول)
+ الخط -
تُكثّف فصائل المعارضة السورية المسلحة تحضيراتها للبدء بمرحلة جديدة من عملية "درع الفرات"، ومن المتوقّع أن تخوض هذه الفصائل معارك طاحنة مع مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من أجل انتزاع السيطرة على آخر معاقل التنظيم الهامة في شمال سورية. وأعلنت هذه الفصائل أنها بصدد التحضير لانطلاق المرحلة الثالثة من "درع الفرات" بدعم مباشر من الجيش التركي من أجل انتزاع السيطرة على مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، التي يفرض التنظيم سيطرته عليها منذ عامين ونصف العام.
وكان الجيش السوري الحر قد بدأ في الرابع والعشرين من الشهر الفائت عملية "درع الفرات"، ونجح في مرحلتها الأولى باستعادة السيطرة على مدينة جرابلس على الحدود السورية التركية، وطهّر في مرحلتها الثانية الشريط الحدودي على طول نحو مائة كيلومتر من تنظيم "داعش" من مدينة أعزاز حتى مدينة جرابلس مروراً ببلدة الراعي التي ستكون منطلقاً للقوات التي ستهاجم مدينة الباب.
وقال القيادي في الفرقة 13 التابعة للجيش الحر المشاركة في "درع الفرات"، المقدّم أبو حمود، إن إجراءات "تنظيمية" حالت دون بدء المعركة يوم أمس الأول الجمعة، متوقعاً تجاوز هذه العقبات لتبدأ المعارك مساء السبت أو صباح اليوم الأحد. وقلّل أبو حمود في حديث لـ"العربي الجديد" من أهمية اعتراض فصائل في الجيش الحر ضمن "درع الفرات" يوم الجمعة على وجود مستشارين عسكريين أميركيين في بلدة الراعي من أجل عمليات التنسيق مع طيران التحالف الدولي، مشيراً إلى أنه "اعتراض عاطفي تم تداركه"، مضيفاً: "لا يتوقع الأميركيون أننا سنستقبلهم بالورود بعد أكثر من خمس سنوات من عمليات إبادة الشعب السوري".
وأشار أبو حمود إلى أن الجيش الحر لا يحتاج إلى قوات تسانده بقدر حاجته إلى الدعم العسكري غير المشروط، مؤكداً أن هذا الجيش رفض العديد من عروض المساعدة الإقليمية والدولية "لأنها لا تصب في صالح السوريين وثورتهم". وتوقّع ألا يصمد تنظيم "داعش" طويلاً في مدينة الباب وأن تتقهقر قواته، مشيراً إلى أن التنظيم يعاني من "انكسارات" ولم تعد لديه قوات منظّمة في شمال شرق حلب إثر هزائمه المتلاحقة منذ بدء عملية "درع الفرات"، معرباً عن قناعته بأن التنظيم لن يغامر بحياة المزيد من مقاتليه، وسيضطر للانسحاب من مدينة الباب كما فعل في مدينة جرابلس.
ولم يستبعد أبو حمود أن تحاول قوات النظام السوري مهاجمة مدينة الباب انطلاقاً من مواقع لها في مطار كويرس والمنطقة الصناعية في شرق حلب والتي تبعد عن المدينة أقل من عشرين كيلومتراً، مشيراً إلى أن النظام يحاول أن يكون له موطئ قدم في المنطقة خصوصاً أن مشروع حليفه حزب "الاتحاد الديمقراطي" في شمال سورية تعرض لنكسة كبيرة، كما يسعى إلى أن يكون شريكاً مع الجيش السوري الحر في محاربة الإرهاب لتحقيق مكاسب سياسية، مشيراً إلى إمكانية أن يقوم "داعش" بإخلاء مناطق يسيطر عليها من أجل أن تتقدّم قوات نظام الأسد لخلط أوراق الصراع، لافتاً إلى وجود تنسيق بينهما.
من جهته، أكد القيادي في الجيش الحر، قائد اللواء 51 المشارك في "درع الفرات" العقيد هيثم عفيسي، أن معركة استعادة مدينة الباب ستبدأ "قريباً جداً"، معلناً أن فصائل الجيش السوري الحر "مستعدة لها"، ومتوقعاً أن تكون المرحلة الثالثة من "درع الفرات" الأصعب والأشرس. وأشار عفيسي في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن انتزاع السيطرة على مدينة الباب سيكون "ضربة قاصمة لتنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق حلب ولكل من يفكر بتقسيم سورية". كما لم يستبعد أن تحاول قوات نظام الأسد التقدّم شمالاً إلى مدينة الباب، مؤكداً أن الجيش السوري الحر "مستعد لكل الاحتمالات".


وتوقع مراقبون أن تحسم فصائل الجيش الحر معركة استعادة مدينة الباب خلال فترة زمنية قصيرة في استعادة لسيناريو معركة جرابلس، مستفيدة من دعم تركي كبير، كما بات من الواضح أن التحالف الدولي يريد إنهاء المعارك في شمال شرق حلب من أجل التفرغ للمعركة الكبرى وهي استعادة أهم معاقل التنظيم في سورية مدينة الرقة في شرق سورية.
وفي هذا الصدد، رأى المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور أن نتيجة معركة الباب "محسومة لصالح فصائل الجيش الحر"، مستبعداً أن يغامر النظام بمهاجمة المدينة، مشيراً إلى أن الطريق إليها ليس تحت سيطرته وعليه أن يخوض معارك مع التنظيم قبل أن يصل إليها، وهو أمر مستبعد، وفق بكور. وعن أسباب الإعلان عن وجود قوات أميركية في بلدة الراعي، رأى بكور أن واشنطن "ربما تحاول ردع الجموح التركي ضد الأكراد في شمال سورية".
ومع السيطرة المتوقعة لفصائل الجيش الحر على مدينة الباب وريفها، يكون تنظيم "داعش" قد خسر أهم معاقله في شمال وشمال شرق حلب، وهي منبج وجرابلس والباب، ولم يعد يسيطر إلا على بلدة اخترين وريفها الذي يضم العديد من القرى منها صوران واحتمالات، ودابق شمال غرب مدينة الباب، وتُعد الأخيرة ذات رمزية عالية بالنسبة لتنظيم "داعش" إذ يعتقد بوجوب حدوث معركة كبرى مسرحها قرية دابق بين "جيوش الكفر"، و"جيوش الإيمان". ومن المتوقع أن يسحب التنظيم مقاتليه من شمال وشمال شرق حلب باتجاه بلدة دير الحافر شرق حلب، ومنها إلى معاقله في شرق سورية، منهياً بذلك وجوده في شمال سورية الذي استمر على مدى عامين ونصف العام.

المساهمون