مصر وقطر: أمواج في بحر الخصومة الخليجيّة

مصر وقطر: أمواج في بحر الخصومة الخليجيّة

06 فبراير 2014
+ الخط -

توصف العلاقات المصرية ـ القطرية، منذ انقلاب الثالث من يوليو/ تموز الماضي، بأنها أشبه بموجات البحر، تفور غاضبة، ثم تهدأ بحذر. غير أن الهدوء الحذر لم يعد توصيفاً مناسباً، بعد الثالث من يناير/ كانون الثاني الماضي، عندما أعرب بيان لوزاة الخارجية القطرية عن قلق الدوحة من "تزايد أعداد ضحايا قمع التظاهرات". ودعا البيان، في حينها، إلى الحوار بين المكوّنات السياسية المصرية، على اعتباره حلاً وحيداً للأزمة السياسية في مصر، ولأن "طريق المواجهة والخيار الأمني والتجييش لا يؤدي إلى الاستقرار".

وتتصل العلاقات المتوترة بين البلدين، إلى حد كبير، بمدى التوافق أو التباين بين الدوحة وكل من الرياض وأبو ظبي؛ فاللافت أن الادارة المصرية تكثف هجومها على قطر كلما حصلت زيارات لمسؤولين إماراتيين أو سعوديين إلى القاهرة أو العكس. أحدث دليل على ذلك هو أن استدعاء وزارة الخارجية المصرية، القائم بالأعمال القطري في القاهرة، أمس، جاء عشية زيارة رئيس الوزراء، حازم الببلاوي، إلى السعودية، في زيارة أحد أهدافها هو حصول القيادة المصرية على معونات تتراوح بين 3 و5 مليارات دولار. وأتى هذا التصعيد الدبلوماسي ضد الدوحة بعد يومين من تسليم الإمارات سفير قطر لديها احتجاجاً على "تطاول" الداعية يوسف القرضاوي عليها، وهو المقيم في الدوحة والمقرّب من حكامها.

وقال الببلاوي إن "قطر إحدى الدول العربية التي تجمعنا بها روابط، لكننا نرى أن هناك ممارسات من قبلها يُقال عنها إنها غير صديقة، ومصر تأسف في الفترة الأخيرة لأعمال كثيرة تقوم بها قطر بأسلوب لا يتّفق مع دول الجوار". وكانت وزارة الخارجية المصرية قد طالبت، أمس، قطر بتسليم من سمّتهم "مطلوبين للعدالة" من قيادات جماعة الإخوان المسلمين "الفارين" لديها، منهم نائبا مرشد الجماعة محمود عزت وجمعة أمين، والأمين العام للتنظيم الدولي محمود حسين وعبد الموجود الدرديري وأشرف عبد الغفار ويحيي حامد. ولا تقيم هذه القيادات الإخوانية في قطر بصفة دائمة، وبعضها مقيم في تركيا وآخرون في بريطانيا والولايات المتحدة.

وجاءت مطالبة القاهرة بعد ساعات من تصريحات إيجابية لوزير الخارجية القطري، خالد العطية، لقناة "الجزيرة" مساء الاثنين، قال فيها إن مصر هي "العمود الفقري" للمنطقة، وبلاده تتعامل مع الحكومات وتدعم الشعب المصري، ولا تتمنى أي ضرر له. وأضاف: "دعمنا الحكومة المصرية المؤقتة، ولم ندعم حزباً أو تياراً، والدليل شحنات الغاز القطرية التي وصلت إلى مصر بعد 30 يونيو". ويذكر أن آخر شحنات الغاز القطري إلى مصر وصلت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وكانت الأولى قد وصلت في مايو/ أيار 2011، خلال ولاية المجلس العسكري عقب خلع حسني مبارك. وكان أمير قطر السابق، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قد زار القاهرة في إبريل/ نيسان 2011، وهنأ المجلس العسكري على نجاح الثورة المصرية، واتّفق، في حينه، على توريد شحنات الغاز الخمس لمصر من قطر التي عقدت اتفاقيات مع الحكومة المصرية في حينه، برئاسة عصام شرف، تقدم بموجبها إلى القاهرة مساعدات مالية. وزار الشيخ حمد بن خليفة القاهرة مرتين في ولاية مرسي، وقدمت بلاده مساعدات جديدة، غير أن منابر إعلامية مصرية شنّت حملات ضد قطر، وادّعت أن نظام الإخوان المسلمين يبيع لقطر الأهرامات وقناة السويس. وعقب إطاحة مرسي في 3 يوليو/ تموز الماضي، بادر النظام الجديد إلى خطوات هجومية تجاه قطر وتركيا. وتتصاعد بين حين وآخر هذه الهجمات، ويحدث أن تهدأ، غير أن الإعلام يتولّى إشعالها، كما تلاحق الأجهزة الأمنية صحافيين في قنوات شبكة "الجزيرة". وتبقى العلاقات المصرية ــ القطرية في مد وجزر، أو الاتجاه إلى حالة شبه ودية، إذا ما استجابت الدوحة والقاهرة لوساطات عربية. والأرجح أن العلاقات ستتجه إلى الاستقرار النسبي عقب إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر، ومع مغادرة قيادات إخوانية الدوحة إلى بلدان أوروبية، لا يحق للإنتربول الدولي القبض عليهم فيها.

المساهمون