مصر: "الداخلية" تراجع تدريب عناصرها بعد تصاعد الاعتداءات

مصر: وزارة الداخلية تراجع تدريب عناصرها بعد تصاعد الاعتداءات

23 يوليو 2017
القوى الأمنية المصرية في حاجة لتدريبات (محمد الراعي/فرانس برس)
+ الخط -
ارتفعت وتيرة الاعتداءات ضد دوريات شرطية في مصر بشكل كبير، وكان آخرها هجوم على ثلاث سيارات للشرطة في محافظة الفيوم. وأسفر الاعتداء عن مقتل مجند وإصابة ثلاثة آخرين، بعد إطلاق النيران على السيارات الثلاث من داخل منطقة زراعية متاخمة للطريق. وسبق الهجوم مقتل خمسة من أفراد الشرطة في منطقة البدرشين بمحافظة الجيزة، بعد هجوم مسلح من قبل ثلاثة مجهولين على سيارة شرطة، لتبدأ عاصفة انتقادات لوزير الداخلية الحالي، اللواء مجدي عبد الغفار، ما استدعى مراجعة ملف تدريب قوات الأمن.


وكشفت مصادر أمنية لـ"العربي الجديد"، أن "وزارة الداخلية بدأت في مراجعة ملف التدريب الذي يحصل عليه أفرادها سواء الضباط أو المجندين، وتحديداً المكلفين بمكافحة الإرهاب". وأضافت المصادر أن "الفيديو الأخير لعملية الهجوم على كمين البدرشين، كشف خللاً كبيراً في التعامل الأمني مع عنصر المفاجأة الذي تعتمد عليه العناصر المسلحة".

وأضافت أن "المسلحين انتظروا مرور سيارة الشرطة وأطلقوا النيران عليها من دون أي رد فعل من أفراد الداخلية داخل السيارة، وهو أمر غير مفهوم حتى الآن". ولفتت المصادر إلى أن "وزير الداخلية لطالما أكد ضرورة اليقظة في تعامل قوات الأمن، إلا أن الأزمة ليس في اليقظة ولكن في التدريب الذي يحصل عليه فرد الأمن".

وأشارت إلى أن "ملف التدريب يعاني بشدة من ضعفٍ خصوصاً في ظل تحديات مكافحة الإرهاب"، وقالت إن "قوات الأمن باتت جميعها مستهدفة من العناصر الإرهابية. وبالتالي لا بدّ للجميع من تلقّي تدريبات مكثفة على التعامل مع عنصر المفاجأة". وشدّدت على أن "الاتجاه في الوزارة هو تلقّي الجميع بمن فيهم الضباط تدريبات على مواجهة الإرهاب، لأنهم يسقطون قتلى أيضاً وليس المجندين وحدهم".

واعتبرت المصادر أن "ملف مراجعة التدريبات كان لا بد من الاهتمام به منذ عام 2013 بشكل كبير مع تزايد العمليات الإرهابية". ولفتت إلى أنه "تمّ التعامل مع التهديدات التي تواجه مديريات الأمن وأقسام الشرطة بتشديد الإجراءات الأمنية، ولكن لم يتم الاهتمام بالعنصر البشري، وهو ما خلّف حالة غضب داخل الوزارة". وأوضحت أن "وزارة الداخلية بدأت قبل فترة في تحسين الأسلحة لدى أجهزة الأمن، وتحديداً التي تضطلع بنصب الكمائن والدوريات الأمنية، لكن هذا لم يحل دون سقوط قتلى وجرحى من أفراد الأمن".



وأكدت المصادر نفسها أنه "توجد مطالبات كثيرة من رجال الشرطة بضرورة رفع معدلات التدريب لمواجهة الإرهاب، لكن بدلاً من ذلك لجأت الوزارة إلى تحسين نوعية الأسلحة المستخدمة، ولكن بمفردها لن تحل الأزمة". وكشفت عن "صعوبة تنفيذ هذا الملف ورفع معدلات الكفاءة لدى أفراد الأمن خلال فترة وجيزة، خصوصاً أن المضي قدماً في هذه الخطوة يؤدي لتعطيل سير العمل في مختلف قطاعات الوزارة".

من جهته، قال الخبير الأمني محمود قطري، إن "وزارة الداخلية لا تزال تتعامل مع ملف الإرهاب بأساليب قديمة بعقلية وقدرات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي". وأضاف قطري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مواجهة الإرهاب باتت عملية صعبة للغاية في ظل قدرات الجماعات الإرهابية المتطورة، في مقابل بطء في حركة الأجهزة الأمنية، وعدم اتباع أساليب حديثة لملاحقة العناصر المسلحة". وتابع أن "الاهتمام بالعنصر البشري غائب عن وزارة الداخلية تماماً، في ظل عدم التدخل لرفع كفاءة قوات الأمن وسقوط عشرات الشهداء والقتلى والتضحية بهم في حرب ليست متكافئة". ولفت إلى أنه "يجب محاسبة قيادات الوزارة على التقصير الشديد في مواجهة الإرهاب وتغيير القيادات التي يثبت فشلها".

بدوره، طالب خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، بـ"ضرورة تغيير قيادات وزارة الداخلية بمن فيهم الوزير، لا سيما بعد فشل كل الإجراءات التي تم اتخاذها تحت راية مكافحة الإرهاب". وأضاف الخبير في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنه "لا مبرر الآن لاستمرار وزير الداخلية، وإذا كان السيسي يدخل في تحدٍّ مع بعض الفئات المهنية وقطاعات من الشعب لعدم إقالته عبد الغفار، فهذا لا يجب أن يحدث على حساب الوطن وأرواح شهداء الشرطة ومن يقتلون بدعوى تورطهم في عمليات إرهابية".

ولفت إلى أن "الفوارق في تدريب العناصر الإرهابية وأفراد الأمن مختلفة تماماً، والغلبة لصالح الطرف الأول، إذا ما تم الوضع في الاعتبار عنصر المفاجأة واختيار التوقيت المناسب"، محمّلاً أجهزة الأمن "ضعف التدريب واستخفاف قوات الأمن بعملها وعدم الاهتمام بقدر كافٍ بالتعامل بيقظة شديدة في ظل وضع أمني مضطرب".

المساهمون