مشروع "ميناء العريش" يثير التوجس في سيناء

مشروع "ميناء العريش" يثير التوجس في سيناء

20 مايو 2017
يبعد الميناء الجديد عن القديم كيلومترين (فرانس برس)
+ الخط -

تسود حالة من القلق لدى مواطنين في مدينة العريش وبقية مدن محافظة شمال سيناء، على الحدود الشرقية لمصر، عقب إعلان رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، أن الفترة المقبلة ستشهد تفعيل خطة تطوير شاملة للموانئ، مؤكداً أن العمل جارٍ الآن لإقامة ميناء كبير في العريش، يبعد عن الميناء الصغير مسافة كيلومترين، ليتحمل مراكب حتى حمولة 7 آلاف طن.

ويعود سبب القلق إلى ربط مصادر في سيناء بين هذا الكلام من جهة، والأفكار الإسرائيلية التي سبق أن طرحت في هذا السياق، ضمن مشاريع، من غير المعروف إن كانت جدية بعد، لضم قطاع غزة إلى مناطق في سيناء لتكون بمثابة "دولة فلسطينية بديلة". والسبب الآخر للقلق في سيناء إزاء كلام مميش، أنه يتزامن مع أسوأ مرحلة تمر فيها سيناء، ضمنها العريش، حربياً، في ظروف غاية في المأساوية نتيجة المعارك بين تنظيم "ولاية سيناء"، التابع إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وقوات الأمن وقبائل من المنطقة، في ظل تعاطٍ أمني عنفي مع أهالي المنطقة وصل إلى درجة التهجير القسري. من هنا، جاء الكلام عن مشروع الميناء في العريش، خارجاً بالكامل عن السياق، إذ لم يكن مطروحاً، قبل هذا التصريح، أي نوايا تنموية في المنطقة البائسة اقتصادياً.

ويقول أبو محمد عياد، وهو أحد سكان مدينة العريش، لـ"العربي الجديد"، إن كل خطوة تقدم عليها الدولة في سيناء ننظر لها ببالغ القلق، لأننا لم نعتد أن تقوم الدولة بأي إجراء لصالحنا طيلة السنوات الأربع الماضية. ويوضح أن الإعلان المفاجئ عن إنشاء ميناء في العريش، بهدف تحسين الوضع الاقتصادي، لا ينسجم مع التعامل الأمني الخشن، عند الكمائن والحواجز المؤدية إلى محافظة شمال سيناء، مع تجار العريش. أما ياسر الحويطي، أحد مشايخ سيناء، فيعتبر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تزامن الإعلان عن ميناء جديد مع إسكان النازحين قرب مدينة العريش بدلاً من مدينة رفح الجديدة لا يبشر بالخير، بل يزيد القلق من اتجاه لتنفيذ المخططات الدولية الرامية لدمج سيناء مع قطاع غزة.

وقال أحد العاملين السابقين في ميناء العريش الحالي إن الريبة الناشئة من وراء الحديث عن إنشاء ميناء كبير في العريش ناتجة عن عدم لزوم ميناء تجاري، في ظل تردي الحالة الأمنية في شمال سيناء. وأضاف العامل، الذي رفض الكشف عن اسمه، إنه في ظل حالة الإهمال التي تعاني منها محافظة شمال سيناء، منذ سنوات طويلة، لا يمكن أن تكون فكرة إنشاء ميناء جديد نابعة من باب الحرص على المحافظة، والسعي إلى إنعاش وضعها الاقتصادي. وأشار إلى أن الأزمة الحالية في سيناء لا تحل بإنشاء ميناء، كما تصور الدولة في الوقت الحالي، إنما تنمية سيناء بحاجة إلى خطة وطنية متكاملة الأركان، ضمنها تطوير الجانب الاقتصادي.

وكان مميش أوضح، في كلمته خلال اجتماع لجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس النواب، الثلاثاء الماضي، أن خطط التنمية تتضمن عمل منطقة لوجستية لتوفير فرص عمل لأبناء سيناء. وقال "سنبعث الحياة في سيناء، لحل المشكلات القائمة هناك، وكي لا نكون بعيدين عن سيناء، ولا تبتعد هي عن مصر، وحتى يتأكد أهلها وشبابها أننا جزء منهم". وأضاف "في إطار التنمية المقبلة سيتم استبدال كل المعديات بجسور. الحياة والاستثمار في سيناء سيقضيان على الإرهاب، ويربطان سيناء بالوطن من خلال الأنفاق".



وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية كشفت، في 2 أغسطس/آب 2014، عن اقتراح تم مناقشته، خلال تلك الفترة، في وزارة البيئة الإسرائيلية حول طرق حل مشكلة غزة وتوفير متنفس بحري للقطاع، مضيفة أنه خلال الاجتماع تم مناقشة وثيقة حول هذا الشأن، تحت عنوان "ميناء العريش- حل غزة". وأشارت الصحيفة الإسرائيلية حينها إلى أن الوثيقة اقترحت منح الفلسطينيين متنفساً بحرياً بديلاً في مدينة العريش، التي تبعد عن جنوب رفح بنحو 45 إلى 50 كيلومتراً، مشيرة إلى أن ميناء العريش شهد خلال العامين الماضيين أعمال تطوير وتوسيعات كبيرة، إذ سيصبح ميناء ذا مياه عميقة، على غرار ميناء إسدود الإسرائيلي.

وأوضحت "هآرتس" أن تقديرات هيئة البحار والشواطئ في وزارة البيئة الإسرائيلية تشير إلى أنه من المقرر الانتهاء من أعمال التطوير في العريش خلال 3 سنوات، بتكلفة تبلغ 2 مليار دولار، وتشمل تطوير البنية التحتية المحيطة بالميناء، مضيفة أنه بعد اكتمال عملية التطوير هناك فإنه سينافس ميناء إسدود. ولفتت إلى أن ميناء العريش سيُلبي احتياجات سكان شمال سيناء وقطاع غزة. وتضمنت الوثيقة أيضاً اقتراحاً يشمل ضم مطار العريش الجوي، الذي يبعد نحو 10 كيلومترات عن الميناء، إلى الصفقة المقترحة، مؤكدة أن تنفيذ هذا المخطط سيكون الأفضل لإسرائيل، خصوصاً وأن الميناء الذي سيخدم الفلسطينيين سيكون في العريش، أي في منطقة بعيدة عن إسرائيل، بعكس إنشاء ميناء ومطار في غزة. وكان المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، كشف، في 24 فبراير/شباط 2016، أن إسرائيل تدرس حالياً إقامة ميناء فلسطيني داخل الأراضي المصرية، وتحديداً في منطقة العريش، في محاولة لتجنب حرب قد تكون وشيكة نتيجة لتردي الأحوال الاقتصادية والمعيشية في القطاع جراء الحصار. ونقل عن جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان) إن "الوضع الاقتصادي المتردي في القطاع يمكن أن يؤدي إلى اندلاع حرب جديدة". وقال هرئيل إن هناك 5 اقتراحات مطروحة حالياً على القيادة الإسرائيلية لإقامة ميناء بحري لتزويد قطاع غزة بالبضائع اللازمة، تحت إشراف إسرائيل، بدءاً من إقامة ميناء داخل الأراضي المصرية في سيناء، وتحديداً في العريش، مروراً بإنشاء ميناء على جزيرة صناعية قبالة شواطئ غزة، أو ميناء على شاطئ غزة نفسه، وصولاً إلى إقامة أرصفة لنقل البضائع من وإلى غزة في قبرص، أو في ميناء إسدود في إسرائيل.

المساهمون