مخاوف دنماركية من هيمنة الصين على جزيرة غرينلاند

مخاوف دنماركية من هيمنة الصين على جزيرة غرينلاند

24 ابريل 2018
بكين تتجه نحو استغلال بوابة غرينلاند (العربي الجديد)
+ الخط -


وسط مخاوف في الدنمارك من تغلغل الشركات الصينية في جزيرة "غرينلاند"، تبدو محاولات تواصل بكين ترسيخ أقدامها في الجزيرة عبر سياسات ينظر إليها المراقبون بـ"براغماتية" وتقتنص الفرص.

وحتى الآن شقت بكين طريقها الاستثماري من بوابة جزيرة غرينلاند، التابعة للتاج الملكي الدنماركي، بإرسال عمالها إلى مصانع الأسماك والمأكولات البحرية، ليس لمنافسة شعب الاسكيمو الأصلي في جزيرة غرينلاند، بل للعمل جنباً إلى جنب معهم، حتى لو كانت اللغة غائبة إلا عبر مترجمين.

وترسل الصين عمالا مهرة إلى غرينلاند بحجة مساعدتها. وتشكو الجزيرة القطبية من ظلم شقيقتها المتسيدة عليها، كوبنهاغن.

فالصينيون، الذين وضعوا قدمهم أولاً في "المجلس القطبي"، إلى جانب قوى أخرى، اسكندنافية وروسية وأميركية وكندية، تنبهوا جيداً إلى ما يحتويه باطن الأرض من مواد خام هامة، وعلى رأسها اليورانيوم الذي جعل الولايات المتحدة طيلة فترة الحرب العالمية الثانية والباردة تقيم على جليدها أكبر قواعدها العسكرية التي تحمل الرؤوس النووية، حتى كشف النقاب عن تسببها بإشعاعات وضرر لبيئة السكان الأصليين.

وتكتيكات الصين الاقتصادية ليست خفية على خبراء الصناعة والاقتصاد شمالاً. ورغم أن هؤلاء حذروا لسنوات من خطوات بكين، إلا أن "السوق يبقى سوقاً تنافسياً"، أو هكذا يعلل الراغبون محلياً بجذب استثمارات الاقتصاد العملاق. فرغم خشية كوبنهاغن، وحتى واشنطن، من هذا التنفذ الاقتصادي الصيني، لاستغلاله في "نفوذ جيوسياسي"، إلا أن الاندفاعة لم يستطع أحد فرملتها.

وتحصل الصين على 12% من أسهم شركة "غرينلاند مينرال آند اينرجي" (جي ام ايه)، ورغم أن المسألة لا تبدو ذات قيمة سوقية ضخمة إلا أن الصينيين، يستثمرون في شركة مسؤولة عن تنقيب واستخراج المواد الأولية، واليورانيوم على رأس القائمة، ما أثار فزع منافسيهم الأميركيين، وامتعاض أصحاب السيادة في كوبنهاغن.
ويقول الصينيون إن "المواد الأولية التي يرغبون بها هي نوع من التربة النادرة تلك التي تستخدم في صناعة الهواتف الذكية"، لكنها هي ذات التربة التي يستخدمها الدنماركيون لإنتاج مراوح توليد طاقة الرياح، ويخشون من "احتكار الصين".

وهذه الخشية تعززها توجهات الصين لشراء 60% إضافية لذات شركة التنقيب والإنتاج، مضاف إليها شراء حقول استخراج الحديد في مناجم جنوب الجزيرة، في منطقة إيسوا غير البعيدة عن عاصمة الجزيرة نوك.

وحين يختلط "الأمن الإستراتيجي" بالاقتصاد والاستثمارات الصينية يتدخل "الخبراء الأمنيون" للتحذير من "قوة الصين الناعمة في بسط نفوذها بغرينلاند الممتد أيضا لأيسلندا"، بحسب مدير الأكاديمية الدفاعية في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، نيلس فانغ.

فالتسابق الصيني لترسيخ أقدامه عبر ما يطلق عليه "طريق الحرير الشمالي"، عبر المنطقة القطبية، يراه المتخصصون في سياسات الاستثمار الصينية "خطوة ذكية لمنافسة الأوروبيين والأميركيين بالاستثمار في غرينلاند".

ويرجع القلق الذي يثار أمنياً وسياسياً من الشركات الصينية إلى أنها "شركات مملوكة للدولة"، كما في حالة شركة التعدين "شينغ ريسورسس" التي تستثمر بكين فيها نحو 20% من خلال "معهد البحوث الصيني".
ورغم أن الصين لا تريد أن تبدو جزءاً من نزاع غرينلاند وكوبنهاغن، حول مطالب الأولى بتقرير المصير، لأن بكين بنفسها لديها مشاكل أقاليم ذات نزعة استقلالية، إلا أنها تتصرف وفق مصالح استراتيجية بما تملكه من قدرات المال والاستثمار.

فالصين فعلتها في اليونان، عقب أزمتها الاقتصادية، واستثمرت في موانئ بعينها، ما خلق ركوداً في أخرى، ما أثارغضب النقابات، دون أن تستطيع أثنيا القيام بشيء، بل إن بكين خطت خطوة أخرى في اليونان لتشارك المنتجين الأوروبيين أسواقهم. فهي استثمرت بمشاريع مصانع عملاقة لمنتجاتها على أراضي اليونان لتوسم بوسم "صنع في الاتحاد الأوروبي".

والخشية من الدرس اليوناني يدفع بكثيرين للتحذير من تكرار القضية شمالاً هذه المرة. 
والمفارقة، هذه المرة، أن اليسار هو من يحذر أكثر لوقف اندفاع الصين نحو غرينلاند، ويطالب بقوله "يجب على غرينلاند وكوبنهاغن الاتفاق فوراً لتحديد من يحق له الشراء في القطاعات التي تعتبر مهمة للأمن والاقتصاد"، بحسب ما حذرت عضو البرلمان عن حزب الشعب الاشتراكي في غيرنلاند، أويا لارسن.

المساهمون