ما المصير الذي واجهه الصحافيون العرب المتّهمون بالتحرّش؟

تظاهرة ضد التحرش في القاهرة- الأناضول
29 اغسطس 2020
+ الخط -

عندما نشرت "نيويورك تايمز" و"نيو يوركر" الأميركيتان في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 تقارير وشهادات تتهم المنتج الأميركي الشهير هارفي ويسنتين بسوء السلوك الجنسي (تحرّش وابتزاز واغتصاب)، بدا كأنّ العالم يتّجه نحو مرحلة جديدة من التعامل مع النساء وأجسادهنّ.

وبالفعل، نجحت حركة "أنا أيضاً Me Too" بتسليط الضوء على الانتهاكات الجنسية التي تتعرّض لها النساء حول العالم، في منازلهنّ وأماكن العمل والمساحات العامة.

في العالم العربي، كانت ردود الفعل خجولة، ثمّ تصاعدت تحديداً في مصر، لتكشف عن عدد من أسماء مغردين وناشطين اتُّهموا بالتحرّش الجنسي الإلكتروني أو الجسدي المباشر. لكن ما لبثت هذه الحملة أن خفتت، من دون أن تتخذ السلطات الأمنية والقضائية في القاهرة أي إجراء حقيقي بحق المتّهمين بالتحرّش.

لكن قبل شهر تقريباً، عادت اتهامات جديدة وأكثر خطورة للظهور إلى الواجهة في مصر تحديداً، وأعادت فتح دفاتر قديمة، مثل جريمة الاغتصاب الجماعي في فندق فيرمونت قبل سنوات... ولم توفّر هذه الاتهامات شخصيات عامة، بينها صحافيون وإعلاميون.

في ما يأتي، نستعيد أبرز أسماء الصحافيين والإعلاميين العرب الذين اتهموا منذ انطلاق تصاعد حملة "أنا أيضاً" عام 2017، والمصائر المختلفة التي واجهوها نتيجة هذه الاتهامات.

 مدير القناة المغربية الثانية سليم الشيخ

مطلع شهر فبراير/ شباط 2017 اتّهمت الصحافية المتدرّبة في القناة المغريية الثانية "دوزيم" سلوى بوشعيب، مدير المحطة سليم الشيخ باغتصابها والتحرش بها خلال فترة تدريبها في المؤسسة الإعلامية، واتهمت إعلامياً آخر بابتزازها جنسياً، حين كان في منصب إداري. ورغم نشر بوشعيب لمحادثات تؤكد تعرضها للتحرّش من قبل الشيخ، إلا أن هذا الأخير هو من تقدّم بدعوى قدح وذمّ ضدها، ولم تتخذ الإدارة أية إجراءات بحقه، بل لا يزال حتى الساعة مديراً للقناة الحكومية.

رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة "اليوم السابع" المصرية دندراوي الهواري

في شهر أغسطس/ آب 2018، أكّدت الصحافية المصرية في "اليوم السابع" مي الشامي تعرضها للتحرش الجسدي واللفظي المتكرّر من قبل رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة "اليوم السابع" المصرية دندراوي الهواري. وطالبت الشامي بالكشف عن تسجيلات الكاميرا داخل الصحيفة التي تظهر تعرّضها للتحرش من قبل الهواري،وهو ما رفضته إدارة الصحيفة. ونتيجة لهذه الاتهامات، منعت الشامي من الدخول إلى مبنى الصحيفة، وخسرت عملها، ورغم تقديمها بلاغاً ضدّه، برأت النيابة الهواري وحفظت الشكوى إدارياً، وهي الخطوة التي توقّعها الجميع نظراً لقرب الصحافي المصري من الأجهزة الأمنية، وتخصصه في التطبيل لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في كل مقالاته.

 

الإعلامي المصري في القناة الألمانية "دويتشه فيله" يسري فودة

في شهر سبتمبر/ أيلول 2018، نشرت صحف مصرية تقارير عن اتهامات بالتحرّش وجهتها صحافية سابقة في  القناة الألمانية "دويتشه فيله" إلى الإعلامي المعروف يسري فودة، ثمّ خرجت أكثر من شهادة شبيهة ضدّ فودة، وهو ما دفع القناة إلى إصدار بيان تؤكد فيه أنها فصلت أحد إعلامييها بسبب "ادعاءات تحرش جنسي ذات مصداقية".

وقالت المؤسسة في بيانها الصادر يوم 14 سبتمبر/ أيلول 2018، إنه "أحيطت إدارة دويتشه فيله علماً أخيراً بواقعة تحرش جنسي محتملة. التحقيق الذي أطلق على الفور، أظهر أن الاتهامات المقدمة يمكن تصنيفها على أنها ذات مصداقية.. وأنها اتخذت بعد ذلك الإجراءات اللازمة". وأكدت في بيانها: "الشخص المتهم لم يعد يعمل لدى دويتشه فيله". اليوم يبتعد يسري فودة تماماً عن الأضواء، ولم يقدّم أي برنامج إعلامي جديد، حتى إنه انسحب من مواقع التواصل الاجتماعي لتكون آخر تغريداته في شهر أغسطس/ آب 2018.

الصحافي المصري هشام علام

آخر المتهمين بالتحرش الجنسي والاغتصاب، كان الصحافي الاستقصائي المصري هشام علام. فقبل أسبوعين نشرت على مدونة جديدة هي "دفتر حكايات"، سلسلة شهادات لصحافيات ومتدربات تعرّضن للتحرش من قبل علام. ونفى علام التهم الموجهة إليه، بل أعدّ فيديو يحاول فيه دحض ما سيق ضدّه، لكن زاد الشريط من إدانته. حتى الساعة، لم يؤخذ أي إجراء قانوني ضدّ علام، خصوصاً أن صاحبات الشهادات لم يكشفن عن هوياتهن، وهو ما يجعل تقديم بلاغ ضدّه مستحيلاً. لكنّ موقع "مدى مصر" كشف أن عدداً من المحامين يبحثون آلية التقدم ببلاغ للنائب العام لفتح تحقيق بشأن الاتهامات المتداولة ضد علام.

ورغم أن أي إجراء قانوني لم يتبلور بعد، فإنّ بعض المؤسسات أعلنت تعليق عملها مع علام، بينها موقع "درج" اللبناني.

استخدام اتهامات التحرش لتصفية الحسابات السياسية

لم تتردّد بعض الأنظمة العربية باستخدام اتهامات التحرش الجنسي، لتصفية حساباتها مع صحافيين معارضين، أو التضييق عليهم. ولعلّ خير مثال على هذه الحالات، سجن مدير تحرير "اخبار اليوم" المغربي توفيق بوعشرين، بعد اتهامه بالتحرش والاغتصاب والاتجار بالبشر، وهي التهم التي ينفيها. وكان بوعشرين قد كتب قبل توقيفه سلسلة مقالات تهاجم الحكومة المغربية والنظام السعودي، وهو ما أثار غضب الحكومة في البلاد. وتقدّمت هيئة الدفاع عن بوعشرين بدلائل عدة تشير إلى عدم قانونية توقيفه وعدم كفاية وقانونية الأدلة التي تدينه. لكن رغم ذلك أصدرت محكمة ابتدائية حكماً عام 2019 بالسجن 12 عاماً ضد الصحافي المغربي.

المساهمون