فنانون يهود: نرفض تخييرنا بين سلامتنا وحرية الفلسطينيين

فنانون يهود: نرفض تخييرنا بين سلامتنا وحرية الفلسطينيين

06 ابريل 2024
خلال تظاهرة مناصرة للفلسطينيين في واشنطن العاصمة، 18 أكتوبر 2023 (أليكس وونغ/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في حفل الأوسكار، ألقى المخرج البريطاني جوناثان غليزر، خطابًا مؤثرًا عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أثناء تسلمه جائزة أفضل فيلم روائي دولي، مما أثار جدلًا واسعًا.
- أكثر من 150 من محترفي هوليوود اليهود، بما في ذلك واكين فينيكس وجويل كوين، وقعوا رسالة مفتوحة دعمًا لغليزر، معربين عن قلقهم من تشويه تصريحاته ودعوا إلى وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات إلى غزة.
- من ناحية أخرى، واجه خطاب غليزر انتقادات شديدة من جزء من الجماعة اليهودية، متهمين إياه بتشويه الحقائق وتأجيج معاداة السامية، مما يعكس التنوع الفكري والأخلاقي داخل المجتمع اليهودي حول الصراع.

يبدو أن خطاب المخرج البريطاني جوناثان غليزر كان الحدث الأبرز في حفل توزيع جوائز أوسكار هذا العام، فبعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع لا يزال يهيمن على النقاشات داخل هوليوود وخارجها ويثير انقساماً كبيراً، تحديداً بين اليهود المناصرين للفلسطينيين وأولئك الذين يواصلون تأييد الاحتلال الإسرائيلي، رغم حرب الإبادة التي يشنها على الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

خلال حفل توزيع جوائز أوسكار في 11 مارس/آذار الحالي، صعد جوناثان غليزر، وهو يهودي، إلى خشبة مسرح دولبي، ليتسلم جائزة أفضل فيلم روائي دولي عن "ذا زون أوف إنترست" The Zone of Interest، وقال: "اتُخذت جميع خياراتنا لتعكس صورتنا وتوجهنا في الحاضر. لا أريد القول: انظروا ماذا فعلوا آنذاك، بل أقول: انظروا إلى ما نفعله الآن. فيلمنا يبين أسوأ ما قد ينتج عن التجريد من الإنسانية... نحن نقف الآن كأشخاص ينكرون يهوديتهم والمحرقة التي سلبها منهم احتلال، مما أدى إلى صراع طاول الكثير من الأبرياء". وأضاف: "سواء كان حديثنا عن ضحايا السابع من أكتوبر في إسرائيل، أو ضحايا العدوان المتواصل في غزة، فكيف نقاوم؟".

و"زون أوف إنترست" ناطق بالألمانية عن الحياة اليومية لعائلة قائد معسكر الإبادة النازي في أوشفيتز.

واستكمالاً للنقاش والانقسام الذي أثاره خطاب غليزر، وقّع أكثر من 150 من محترفي هوليوود اليهود، بينهم واكين فينيكس وجويل كوين وإيلانا غليزر، رسالة مفتوحة يدعمون فيها المخرج البريطاني. وكتب الموقعون، في الرسالة المفتوحة التي نشرت الجمعة، أنهم "يشعرون بالقلق لرؤية بعض زملائنا في الصناعة يسيئون وصف تصريحاته (غليزر) ويدينونها". وأضافوا: "إن هجماتهم على غليزر ليست إلا تشتيتاً خطيراً عن الحملة العسكرية الإسرائيلية المتواصلة التي أدت إلى مقتل أكثر من 32 ألف فلسطيني في غزة ودفعت مئات الآلاف إلى حافة المجاعة. إننا نحزن على كل أولئك الذين قتلوا في فلسطين وإسرائيل على مدى عقود، بما في ذلك 1200 إسرائيلي قتلوا في هجمات حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول و253 رهينة احتجزوا". وذكروا أن "غليزر وتوني كوشنر وستيفن سبيلبرغ وعددا لا يحصى من الفنانين الآخرين من جميع الخلفيات شجبوا قتل المدنيين الفلسطينيين. يجب أن نكون جميعاً قادرين على فعل الشيء نفسه من دون أن نتهم خطأً بتأجيج معاداة السامية". كما دعوا إلى وقف دائم لإطلاق النار، والعودة الآمنة للرهائن، وإيصال المساعدات على الفور إلى غزة.

وقالوا: "نحن فخورون باليهود الذين يدينون تسليح الهوية اليهودية وذكرى المحرقة لتبرير ما وصفه العديد من الخبراء في القانون الدولي، بما في ذلك كبار علماء المحرقة، بأنه إبادة جماعية في طور التكوين. نحن نرفض الاختيار المضلل بين سلامة اليهود وحرية الفلسطينيين".

ومن بين الموقعين بوتس رايلي، وآبي جيكوبسون، وفرانسيس فيشر، وآني بيكر، ونايومي كلاين، وألكسندر زيلدين، وراين فينيكس، وكلوي فينمان، وديفيد كروس، وتافي جيفينسون، وكيت بيرلانت، وآخرين.

وقبل هؤلاء، عبّر السينمائي البريطاني كِن لوتش عن دعمه لغليزر والخطاب الذي ألقاه خلال تسلّمه جائزة أوسكار. وقال لوتش، خلال مقابلة مع مجلة فرايتي، الثلاثاء الماضي، إنه يكنّ "احتراماً عظيماً" لجوناثان غليزر، ووصف خطاب الأخير بـ"الشجاع". وأضاف لوتش: "أنا واثق أنه كان يعرف العواقب المحتملة، وهو ما يجعله أكثر شجاعة، لذلك أكن له ولعمله احتراماً عظيماً"، وأشار إلى أن غليزر حصل على "الكثير من الدعم... يهود كثيرون قالوا إن خطابه يكسر الصورة النمطية القائلة التي تزعم أن اليهود كلهم يدعمون ما تفعله إسرائيل، لأنه من الواضح أن الأمر ليس كذلك. كان الخطاب ذا قيمة كبيرة لأنه يظهر التنوع. لذا، فإنني أكن احتراماً كبيراً لما فعله". لوتش نفسه كان قد احتج على العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، خلال حفل توزيع جوائز بافتا السينمائية في فبراير/شباط الماضي، حين رفع قبضته إلى جانب كاتب السيناريو بول لافيرتي الذي حمل ملصقاً كتب عليه: "أوقفوا المذبحة". وكشف المخرج أيضاً أنه حاول، لكنه لم ينجح، إطلاق مشروع حول الشرق الأوسط، وقال: "كان هذا موضوعاً كنت أود العمل عليه، لكنني لم أكن أعرف تماماً كيفية التعامل معه... كان من المفترض أن يكون فيلماً وثائقياً".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

كما دعمت الممثلة الأميركية كيرستن دانست غليزر، وقالت لمجلة فرايتي: "ما فهمته هو أنه كان يقول إن الإبادة الجماعية كريهة". ودعمه المخرج البريطاني آصف كاباديا، وكاتب السيناريو الذي رشح أربع مرات لنيل جائزة أوسكار توني كوشنر، وجيسي بيريتس، ومارك روفالو، وزوي كازان، وميليسا باريرا التي استبعدت من مسلسل "سكريم" خلال الخريف الماضي، بعدما كتبت منشورات تتضامن فيها مع الفلسطينيين.

كما دافع عن غليزر مدير مؤسسة "أوشفيتز ميموريال"، المؤرخ البولندي بيوتر سيفينسكي. ودعمته مؤسسات يهودية تقدمية أميركية، بينها "الصوت اليهودي من أجل السلام".

والرسالة الأخيرة التي وقّعها محترفو هوليوود اليهود تمثل رداً على رسالة مفتوحة وقّعها المئات من الممثلين والمنتجين اليهود، وغيرهم من العاملين في صناعة السينما، تدين الخطاب الذي ألقاه جوناثان غليزر.

وُصفت الرسالة بأنها "بيان من محترفين يهود في هوليوود"، ووقّعتها شخصيات بينها الممثلة ديبرا ميسينغ وجوليانا مارغوليس والمنتجان لورانس بندر وإيمي باسكال، والكاتبة والمخرجة إيمي شيرمان بالادينو.

وكررت الرسالة مزاعم مؤيدي الصهيونية والمسؤولين الإسرائيليين، فجاء فيها: "نحن ندحض الاستيلاء على يهوديتنا بغرض رسم معادلة أخلاقية بين النظام النازي الذي سعى إلى إبادة عرق من البشر، والأمة الإسرائيلية التي تسعى إلى تجنّب إبادتها". وزعمت أن "إسرائيل لا تستهدف المدنيين وهي تستهدف حماس. إن اللحظة التي تطلق فيها حماس سراح الرهائن وتستسلم هي اللحظة التي تنتهي فيها هذه الحرب المفجعة". واتهمت خطاب غليزر بإضفاء "المصداقية على هجو الدم الحديث الذي يغذي الكراهية المتزايدة ضد اليهود في أنحاء العالم كافة، وفي الولايات المتحدة، وفي هوليوود". واستفزهم وصف غليزر لإسرائيل بأنها احتلال، فعلّقوا: "إن استخدام كلمات مثل الاحتلال لوصف شعب يهودي أصلي يدافع عن وطن يعود تاريخه إلى آلاف السنين، واعترفت به الأمم المتحدة كدولة، تشويه للتاريخ".

كان الحاضرون في حفل توزيع جوائز أوسكار صفّقوا بحرارة لغليزر بعد انتهائه من إلقاء خطابه، ثم بدأ سيل الانتقادات، خاصة أن التقارير الإخبارية الأولى التي تابعت الحدث أخطأت في اقتباس المخرج بطريقة جعلته يبدو كما لو كان ينكر يهوديته، بدلاً من إنكاره ما وصفها بيهوديته التي "اختطفها الاحتلال".

وعلّق حينها الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير جوناثان غرينبلات، وهو مناصر شرس للاحتلال الإسرائيلي، على الخطاب عبر منصة إكس حيث كتب: "إنه لأمر محبط حقاً أن نرى شخصاً يقلل من شأن المحرقة أثناء قبوله جائزة عن فيلم صنعه... حول المحرقة. يتحدث غليزر عن فهم ما يمكن أن يؤدي إليه التجريد من الإنسانية، لكنه يتعامى عن حقيقة أن تجريد حماس من إنسانيتهم لليهود والإسرائيليين هو الذي أدى إلى الحرب الحالية. اسمحوا لي أن أكون واضحاً: إسرائيل لا تسلب أي شخص يهوديته. إنها تدافع عن حق كل يهودي في الوجود".

المساهمون