على المستوى السياسي، دعمت الدول المتحكّمة بالقضية السورية شخصيات لديها استعداد للتخلي عن الثوابت، في الوقت الذي تمّ فيه استبعاد الشخصيات التي لا يسمح لها تاريخها الوطني بتقديم مثل هذه التنازلات. فتعرضت الجهات التمثيلية السياسية لكل أنواع الضغوط الدولية، بدءاً من استهداف حاضنتها الشعبية وارتكاب المجازر بحقها في حال عدم الاستجابة، وانتهاءً باستبعاد من لا يقبل بالتنازلات، لدرجة أصبحت فيها الجهة التمثيلية السياسية عبارة عن مجموعة من الجهات والشخصيات المتباينة في التوجه، والتي تمثّل مصالح الدول التي تدعمها.
أمّا الجهة التمثيلية العسكرية، فقد تم تشويه مفهومها من خلال إيقاف الدعم عنها، ودعم التنظيمات الراديكالية، وكذلك تمّ استقطاب قادة من فصائل "الجيش الحر" ليكونوا مجرّد تابعين لبعض الدول التي تدعمهم وتتحكم بالمعارك التي يخوضونها. كما لم يسلم هذا الجيش من محاولة التنظيمات المتشددة التسلّق عليه. أمّا الناشطون السلميون الذين فجروا الثورة، فتم وضعهم كممثلين، رمزياً، لدى الجهات السياسية والمدنية، ليتم استبعادهم لاحقاً بشكل شبه نهائي من المشهد. كما تمت ملاحقة وتصفية الكثير ممن نجا منهم من النظام، على يد التنظيمات العسكرية التي تعمل باسم الثورة.
الوقوف على ثوابت الثورة التي خرجت عام 2011، يظهر أنّ مطلب إسقاط النظام لم يعد مطلباً للجهات التمثيلية، وتحوّل إلى استجداء مشاركة مع رموز النظام في حكومة انتقالية، ولو بوجود بشار الأسد. كما تحوّلت شعارات الدولة المدنية التي يتساوى أفرادها في المواطنة، إلى مطالب تقوم على ضمانات لفئات من الشعب السوري على أسس طائفية وعرقية ومناطقية. أمّا الحرية، فباتت الغائب الأكبر عن ثوابت الثورة.