لا جهة مسؤولة عن المخيمات الصيفية في لبنان

لا جهة مسؤولة عن المخيمات الصيفية في لبنان

10 سبتمبر 2017
يرسمون ما يحلو لهم (حسين بيضون)
+ الخط -
الصيف هو ما يمكن أن يُقال عنه "سيف ذو حدّين". هي عبارة قد تبدو "كليشيه"، لكن هذا هو حال الأهل في العطلة الصيفية. راح الأصعب وبقي القليل. بعض المدارس تبدأ خلال الشهر الحالي، وقلّة في أوائل أكتوبر/ تشرين الأوّل المقبل. مع انتهاء العام الدراسي، وبدء أشهر الصيف "الطويلة"، يبحثُ الأهل عن إلحاق أطفالهم في مخيمات صيفية، خصوصاً إذا ما كانوا يعملون.

بحثٌ عن المخيّم الصيفي "الأفضل". كلمة فضفاضة. إذاً، البحث عن مخيّم صيفي لم يشهد وقوع حوادث. وهُنا تصير الخيارات أصعب. لم يتأذّ طفل في هذا المخيّم، كما أنّه معروف، وقد أشادت به أمّ شارك طفلاها في المخيّم نفسه العام الماضي. فليكن إذاً. كما أنّ الصور على "فيسبوك" تُظهر أن المنشّطين الصيفيين خضعوا للتدريب اللازم. ثمّ يصيغُ الأهل هذه العبارة: مخيّم معروف، خضع منشّطوه للتدريب اللازم، كما أن المحاور الأسبوعية التي أعدّها جاذبة. خلالها، سيتعرّف الأطفال على مهن مختلفة، وسيمارسون الرياضة والرقص وغيرها. خلال اليوم الأوّل، أسئلة إلى المسؤولين الذين يستقبلون الأطفال، وبعدها تَعوُّد.

قلّة هم الأهل الذين يسألون عن التفاصيل. ومع مرور الوقت، تصبح الحادثة "قضاء وقدراً". الوقت يُنسي، كما أنّ بعضهم يتخذ خطوات "احتياطية" من قبيل عدم إرسال أولادهم مع المخيم إلى البحر.

وحدث، في المخيّم، الذي نُظّم في إحدى المدارس، أن سقط حجر على رأس طفلٍ لم يتجاوز الخامسة من عمره. إدارة المخيّم هاتفت الأمّ لنقله إلى المستشفى. لم يصب الطفل بأذى، وهذا ما اتكلت عليه الإدارة لتبرير الخطأ أو غياب الحرص اللازم. حين طالبت الأم المسؤول عن المخيّم بمزيد من الاهتمام، واستغربت وجود حجارة كبيرة أصلاً، ردّ إنّ الطفل بخير. إلّا أنّه كان يمكن أن يحدث العكس. وسألت الأم نفسها، إن كان المنشّطون يعرفون كيفية التعامل مع الأطفال، فكان الردّ، إنهم خضعوا للتدريب، علماً أنّه جرى توظيف مراهقين مع بدء المخيّم. "كيف ذلك"؟ تسأل. في النهاية، نقلت طفلها إلى مخيّم آخر، إلّا أن النتيجة لم تكن أفضل حالاً.
تستغرب الأم، في حديث لـ "العربي الجديد"، كيف أن الأهل لا يُتابعون تفاصيل أولادهم. "هل أكون الوحيدة التي أعترض؟ ولماذا أقبل اعتماد صيغة الأمر في المخيم على سبيل المثال؟". ستعترض إذاً. وفي معظم الأحوال، لن يتغير شيء. سيُقال لها إنه بإمكانها نقله إلى مخيّم آخر.



من يكون المسؤول عن المخيمات الصيفية في لبنان؟ الجواب: "لا أحد". والأمان هو مسألة حظّ، بعد التأكّد من بعض معايير السلامة الأساسية. إحدى المسؤولات في وزارة الشباب والرياضة، والتي رفضت الكشف عن اسمها، تقول لـ "العربي الجديد" إنّ الوزارة مسؤولة فقط عن مراقبة الجمعيّات المرخصة، من دون أن تكون مسؤولة بالتالي عن المخيمات الأخرى التي تنظمها مدارس أو شركات خاصة. تلفت إلى أن "البلدية هي المسؤولة عن المخيمات الصيفية الأخرى، بحسب المنطقة الموجودة فيها". لكن بالنسبة للبلدية، فلا علم لها بالأمر.

يلعبون (حسين بيضون) 


ما من مسؤول إذاً؟ في هذا السياق، يرى المسؤول عن الرياضة والنشاطات في أحد المخيمات الصيفية في لبنان، جهاد سلامة، أن "وزارة الشباب والرياضة يجب أن تكون مسؤولة عن المخيمات الصيفية في لبنان". وهو، في المخيّم الصيفي الذي يديره، مسؤول أمام المدرسة، ما يعني أن المدرسة هي المسؤول الرئيسي. يحرص على مراقبة البرامج، وتوظيف ممرضتين، وعلى النظافة، كما يتم الاستعانة بمتخصصين اجتماعيين. ويشدد على الاستعانة بحادقات أطفال، للتعامل مع الصغار الذين تتراوح أعمارهم ما بين ثلاث وست سنوات، يعاونهن طلاب جامعيّون.

ولأنّ مدّة المخيّم الصيفي لا تتجاوز الشهرين، لا يهتم بعض الأهل بتفاصيل قد تبدو أساسيّة، منها مدى كفاءة الأشخاص الذين يتعاملون مع أطفالهم. يكفي أنّهم يمرحون، ويلعبون الكرة، وغيرها من الرياضات. وربّما لا يكترثون إذا ما أعرب أطفالهم عن عدم استمتاعهم بالمخيّم الصيفي، فهذا على الأغلب "غنج".

هل يصيبها؟ (حسين بيضون) 


تقول ناريمان، وهي أمّ لطفل وحيد، إنه للعام الثاني على التوالي، تضطرّ إلى تسجيل ابنها في مخيّم صيفي، كونها تعمل. تلفت إلى أن ارتفاع الأسعار يضع الأهل في ورطة. المخيّم الذي كانت قد اختارته العام الماضي، يفوق قدراتها المادية في الوقت الحالي، إذ تتجاوز الفاتورة الألف دولار في شهرين فقط. ألحقته في مخيّم نظم في المدرسة، وحاولت أن تطمئن نفسها. صيت المخيّم جيّد، وما من حوادث سابقة. هي التي يعنيها أن يكون هناك معالج نفسي ومتخصّص اجتماعي، وأن تكون قادرة على الاتصال به متى شاءت. يعنيها أيضاً أن يكون هناك عمل على تنمية شخصيّته. تقول: "لم ألحق ابني بمخيّم صيفي من أجل تمرير الوقت فقط". هذه المخيمات باتت مهنة مربحة اليوم. وستتكرر حيرة الأهل في الصيف المقبل. كأن هذا التردد لا نهاية له في ظل غياب أي جهة يمكن الرجوع إليها.