كورونا يؤزّم معيشة ملايين العمّال في المغرب العربي

كورونا يؤزّم معيشة ملايين العمّال في المغرب العربي

25 مارس 2020
انتشار الفيروس زاد ظروف العمل قسوة وبطالة (فرانس برس)
+ الخط -


يواجه ملايين المتوقفين عن العمل بسبب وباء كورونا أوضاعا صعبة في بلدان المغرب والجزائر وتونس، إذ يفتقر أغلبهم إلى الحماية الاجتماعية ويعملون في ظروف هشة من دون عقود عمل ومن دون مدخرات.

وتسببت إجراءات الطوارئ الصحية الرامية للتصدي لانتشار الوباء في توقف العديد من القطاعات الاقتصادية أو تقلص نشاطاتها بالبلدان الثلاثة، إذ باتت الأزقة خالية من الباعة الجائلين وأغلقت المقاهي والمطاعم والعديد من المتاجر أبوابها.

وجد حكيم (30 عاما)، النادل في مطعم بالرباط، نفسه حبيس بيته رفقة أسرته من دون أي دخل منذ توقفه عن العمل منتصف مارس/ آذار. ويقول بيأس: "أخبرنا رب العمل أننا لن نتلقى أجرا في نهاية الشهر، من دون أن يكون لنا أي خيار آخر".

وتهدد تداعيات هذه الأزمة الاجتماعية على وجه الخصوص العاملين في القطاع غير المنظم، مثل العديد من الحرفيين والباعة الجائلين والعمال المياومين أو عاملات البيوت؛ ما يمثل ملايين العمال على مستوى البلدان الثلاثة وعدد سكانها مجتمعة نحو 90 مليون شخص.

والوضع أشد وطأة في المغرب، الذي يعاني من فوارق اجتماعية صارخة، حيث يمثل عدد العاملين في القطاع غير المُهيكل، كما يُسمى، 79.9%، مقابل 63.3% في الجزائر و58.8% في تونس، بحسب أرقام نشرتها منظمة العمل الدولية في 2018.

"لا نجد شيئاً"

ويشكو السباك محمد توقفه الاضطراري عن العمل "بينما ارتفعت أسعار الخضار بشكل كبير"، كما يقول الرجل الذي يعيل أسرة من 3 أبناء في حي شعبي بالعاصمة الرباط.

ويعاني حارس السيارات عبد الكبير الوضع نفسه ويقول: "لم أعد أجني شيئا"، بسبب تضاؤل حركة السيارات في مدينة المحمدية غرب البلاد، حيث يعيش هذا الستيني على دراهم معدودة.

ويحاول المغرب تخفيف تداعيات هذه الأزمة من خلال إجراءات، أعلنتها الأسبوع المنصرم لجنة أنشئت لهذا الغرض، لفائدة الشركات والأجراء المتوقفين عن العمل إذا كانوا مستفيدين من التغطية الاجتماعية.

وسيمنح هؤلاء العمال تعويضا شهريا قدره 2000 درهم (نحو 200 دولار)، بينما لم يعلن بعد عن الإجراءات الموجهة للأجراء غير المستفيدين من أي تغطية اجتماعية والذي يشكلون ثلاثة أرباع المغاربة العاملين، بحسب معطيات رسمية.

وأكد وزير الاقتصاد والمالية المغربي محمد بنشعبون لوكالة فرانس برس "إننا بصدد التباحث حول إجراءات لمواكبة نحو 4 ملايين أسرة تعيش على القطاع غير المهيكل"، على أن يتم تنفيذها قريبا.

وتمول هذه الإجراءات من خلال صندوق خاص أنشئ لمواجهة الأزمة بلغ رصيده 25 مليار درهم (2.5 مليار دولار)، بفضل تبرعات مؤسسات عمومية وشركات خاصة.

وأعلن عن مخطط مماثل في تونس، التي تعاني تفشي البطالة ومعدل تضخم بـ7%، لدعم المقاولات والأجراء. ورصد له في المجموع 2.5 مليار دينار (800 مليون دولار)، بينها 150 مليون دينار (51 مليون دولار) مساعدات مالية مباشرة للأسر الأشد عوزا.

لكن العضو في جمعية المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية عبد الجليل بدوي يرى أن هذه الإجراءات "أقل من حجم الاحتياجات الفعلية"، فضلا عن كون تنفيذها "سيأخذ وقتا".

ويشير أيضا إلى أن لوائح الأسر المعوزة التي يفترض أن تستفيد منها "أقل مما هو موجود على أرض الواقع"، ‘ذ لم يُدرج ضمنها العمال المستقلون في أوضاع هشة.

"المرض اللعين"

في الجزائر، حيث يمثل القطاع غير المهيكل نحو 40% إلى 50% من إجمالي الناتج الداخلي، تأزمت الأوضاع منذ إغلاق المقاهي والمطاعم وتعليق وسائل النقل العام، وفرض حجر صحي جزئي منذ ليل الاثنين في العاصمة الجزائر ومنطقة البليدة الأكثر تضررا من انتشار الوباء.

وحذر معلقون على مواقع التواصل الاجتماعي من أن "كثيرين لن يتحملوا التوقف عن العمل يوما واحدا، لأنهم لا يملكون أجرا ولا مدخرات". وتتساءل زهرة حائرة "من سيوفر قوتنا؟ لا نملك حتى ثمن شراء أقنعة أو الكحول الطبي لوقاية أنفسنا".

وتعيل هذه الخمسينية أسرة من أربعة أبناء، بينما زوجها عاطل عن العمل، ببيع الخبز في أحد شوارع العاصمة الجزائر. وتخشى أن يصيب الكساد تجارتها.

وتدعو حياة التي تعمل مساعدة لأشخاص مسنين الله "لنظل أحياء ويرحل عنا هذا المرض اللعين في أقرب وقت، كي أستطيع استئناف العمل". وهي توقفت عن العمل منذ الاثنين بسبب تعليق حركة المواصلات.

والجزائر هي أكثر البلدان المغاربية تضررا من المرض مع تسجيل 230 حالة أعلنت رسميا بينها 17 وفاة مقابل شفاء 65 حالة، بحسب معطيات رسمية نُشرت صباح الأربعاء.

(فرانس برس)

المساهمون