كريم اسطفان.. في عصر الوجود عن بعد

كريم اسطفان.. في عصر الوجود عن بعد

23 يونيو 2020
(من فيلم أليكس رفيرا Sleep Dealer المرفق ببيان المحاضرة)
+ الخط -
زادت في السنوات الأخيرة الاجتهادات في "دراسات المراقبة"، لأن نفس العوامل الاجتماعية السياسية التي تدخل في دراسة التكنولوجيا والمجتمع والسلطة تقود أيضاً إلى احتجاجات تحيط بالحريات المدنية، وقد تحوّل كثير من الفنانين والناشطين والأكاديميين بشكل لافت إلى الدخول في دراسات المراقبة وكذلك الخيال العلمي، في محاولة لوصف وتقديم أدوات لفهم هياكل المراقبة والتحكّم وتفكيكها.

الفنان والباحث كريم اسطفان، طالب الدكتوراه في "جامعة براون" والحاصل على زمالة "دارة الفنون" لعاميْ 2020-2021، ألقى محاضرة افتراضية عبر منصّة الدارة عند السابعة من مساء اليوم الثلاثاء، في ضوء سياسات المراقبة العالمية اليوم وتطوّرها، مستفيداً من طرح المفكر المارتينيكي إدوارد غليسانت والباحثة الأميركية سيمون براون.

يتناول اسطفان في محاضرته الطائرات بدون طيار كوسيط رمزي لعصر "التواجد عن بعد"، مسائلاً أثره على العديد من نطاقات المجتمع، بما في ذلك التحوّلات في الحروب والمراقبة. ويتساءل كيف تعيد الطائرات بدون طيار تشكيل الإدراك البشري والحياة السياسية؟ ما هي الأيديولوجيات التي انطوت عليها صناعة هذه الطائرات واستخداماتها؟

وفي محاضرته، يستعيد اسطفان وجهة نظر المفكر المارتينيكي إدوارد غليسانت عن "الحق في عدم الوضوح" أو الحق في العتامة أو اللاإنفاذية، ومفهوم سيمون براون حول "المراقبة المظلمة" أو "المراقبة من أسفل"، ومختلف ممارسات الإصلاح والمقاومة في الفنون والحركات الاجتماعية.

بالنسبة إلى مفهوم غليسانت، فإنه يرى أن للجميع أن يطالب بـ "الحق في عدم الوضوح"، معتبراً أن هذا موقف أخلاقي ضدّ الغزو والسيطرة الإمبرياليين، وفي حين أن غليسانت يُنظّر للتعتيم على وجه التحديد من خلال ظروف ما بعد الكولونيالية في مارتينيك، فإن المفهوم ينتشر بشكل متزايد في الفكر السياسي والدراسات الإعلامية وحتى النقد الفني.

إن عدم الوضوح أو اللاإنفاذية التي يريدها غليسانت اقتراح أخلاقي وحالة وجودية وشكل من أشكال الشرعية السياسية، فضلاً عن كونها جمالية بشكل أساسي. غير أن "العتامة" أو اللانفاذية يمكن أن تكون تكتيكاً وحالة مادية من أجل معالجة شاغلين متشابكين في عصرنا: التحكّم التكنولوجي والمادية المجسدة.

في حين تربط الباحثة الأميركية سيمون براون بين الرقابة والعرق، وساهمت في فهم سياسة المراقبة من خلال الكشف عن الطرق التي يتمّ بها التمييز بين ممارسات وتقنيات المراقبة وتمييز بعض الهيئات، حيث تعمل المراقبة، تاريخياً وحالياً، من خلال "النظرة البيضاء" وتستهدف الجسم الأسود بشكل تمييزي.

تطرح براون مفهومين أساسين؛ الأول هو مفهوم "المراقبة العنصرية" ، الذي تعرفه على أنه تكنولوجيا للرقابة الاجتماعية حيث ممارسات وسياسات وأداء المراقبة فيما يتعلّق بإنتاج المعايير المتعلقة بالعرق وممارسة ليس إلا سلطة لتحديد ما هو موجود في المكان أو خارجه.

وترى أن التمييز العنصري في الترصد يشير إلى تلك اللحظات عندما تُسن قوانين المراقبة الحدود والحدود والهيئات على أسس عنصرية، وتكون النتيجة غالباً معاملة تمييزية لأولئك الذين يتعرّضون للعنصرية من خلال هذا الترصّد.

كما تقترح براون مفهوماً آخر وهو "المراقبة المظلمة" أو "المراقبة من أسفل"، حيث الترصّد المضاد وتحديد أدوات التحكّم الاجتماعي واستيعابها وإعادة توظيفها وتحديها من أجل تسهيل البقاء والهروب، وبالتالي، لا يكشف مشروع براون عن آليات المراقبة العنصرية فحسب، بل يوثق أيضاً بشكل ملموس سلسلة من الصراعات السوداء مع المراقبة العنصرية.

المساهمون