قلق في مخيمات شماليّ سورية ينعكس على فرحة الأضحى

قلق في مخيمات شماليّ سورية ينعكس على فرحة الأضحى

31 يوليو 2020
حصلت على هديتها (عارف وتد/ فرانس برس)
+ الخط -

في المخيمات التي يقطنها النازحون السوريون شماليّ سورية، مساحات ترابية تفصل ما بين خيمة وأخرى، يستغلّها البعض  للجلوس وتذكّر أيام العيد. لا عيد في أروقة المخيمات الحزينة، وما من فرح بين الناس الذين يعانون بسبب الجوع والتهجير والفقر والألم والمرض، إضافة إلى القلق بسبب وجود إصابات بفيروس كورونا. على مقربة من مدينة الدانا في ريف إدلب الشمالي، تقيم آمنة سليمان (43 عاماً) المهجَّرة من ريف حمص الشمالي مع زوجها وأبنائها، وتحلم بأن تجتمع مع أشقائها وشقيقاتها وأقاربها، والعودة إلى منزلها. تقول لـ"العربي الجديد": "أشتاق إلى أشقائي ولمّ شمل العائلة، والخلاص من الواقع الصعب الذي نعيشه في الوقت الحالي، والحلويات التي لم تعد مهمة بالنسبة إلينا. كنا نسابق الوقت لشراء بعض الملابس خشية إغلاق المحال التجارية بسبب كورونا". ستمضي سليمان العيد مع أقاربها في المخيم حيث تقيم. تقول: "الجنة بلا ناس لا تُداس. نحن هنا لا نستطيع الابتعاد عن بعضنا، على الرغم من أن أقاربي يقطنون في أماكن مختلفة. لكن للعيد خصوصيته، وعلينا كنساء أن نجتمع باعتبار أن تنقل الرجال أسهل في المنطقة. كذلك، يجب ألا نحرم أطفالنا فرحة العيد على الرغم من الخوف من كورونا، على أمل ألا ترتفع نسبة الإصابات". 

ظروف الحرب السورية ساهمت في تشتيت العائلات التي قررت النزوح في الشمال السوري. وتعيش بعض العائلات بعيداً بعضها عن بعض؛ منهم من توجّه إلى عفرين أو إدلب أو درع الفرات. في هذا السياق، يقول عيسى أبو بلال (47 عاماً) إنه يقيم على أطراف مدينة أعزاز، ويعيش أشقاؤه في منطقة الشيخ حديد في عفرين. "قد نجتمع معاً. لكن الأمر ليس سهلاً، لأن المواصلات صعبة، وفي الأمر مشقة". من جهته، يقول أبو باسم، الذي نزح من ريف معرة النعمان إلى مخيم حربنوش: "خلال الأعياد السابقة، كان أطفالنا، على الرغم من خطورة القصف والاستهداف الدائم، يمارسون بعض طقوس العيد في مدنهم وقراهم. يلعبون على الأراجيح ويرتدون ثياب العيد وغيرها. أما اليوم، فسيقضون العيد بين الأفاعي والعقارب التي تنتشر في المخيم كثيراً، من جراء موجة الحر". ويشير إلى أن الوضع الاقتصادي "يمنعنا من إعطاء حتى العيدية. فكيف بشراء ثياب العيد؟". يضيف لـ"العربي الجديد": "توقفت أعمالنا وفقدنا مدخراتنا نتيجة تكاليف النزوح الباهظة وكثافة النازحين التي تقلل من فرص إيجاد عمل. وفي حال إيجاد عمل، فإن المردود لا يكفي قوت يومنا". ويقول: "العيد الحقيقي يكون بالعودة إلى منازلنا وإنهاء حياة التشرد التي نعيشها".
ويأتي العيد بالتزامن مع استمرار أزمة كورونا التي حدّت من حركة الناس، وفاقمت الأوضاع المعيشية المتردية أساساً سوءاً نتيجة ارتفاع نسبة البطالة. ويعيش القاطنون في المخيمات في الشمال السوري حالة من الخوف بسبب وجود مصابين بكورونا. يحدث كل هذا وسط تردي القطاع الصحي في المخيمات. برامج التوعية محدودة، ولا نقاط طبية أو مستشفيات قادرة على استيعاب عدد النازحين الكبير. ويخشى عاملون في القطاع الصحي تفشي الفيروس في المخيمات، الأمر الذي سيجعل الوضع كارثياً. 

إلى ذلك، يقول الناشط الإعلامي أبو أسعد الحمصي لـ"العربي الجديد" إن الأهالي في الشمال السوري يعيشون ضغوطاً كبيرة، فالخوف من إغلاق المعابر دفع البعض إلى شراء ملابس العيد في وقت مبكر خشية إغلاق المعابر وغيرها من الأسباب. يتابع: "قد لا يكون هناك اختلاف كبير بين هذا العيد والذي سبقه. الفقر سيد المشهد، والاختلاف الوحيد هو وصول فيروس كورونا إلى المناطق المحررة. لكن نرى ردود فعل متفاوتة من الأهالي هنا. البعض يرى أنه لا داعي للهلع والخوف، إلا أن آخرين يعيشون حالة من الصدمة منذ وصول الفيروس إلى المنطقة".
أما إياد محمود، النازح من ريف حماة الشمالي منذ عام 2015، فيوضح لـ"العربي الجديد" أنه اعتاد قضاء العيد بين الأقارب والأصحاب في مخيم أطمة "كانت الدار والبلدة تجمعنا. أما اليوم، فقد بات المخيم المكان الذي نجد فرحة العيد فيه أو ما بقي من هذه الفرحة التي نحاول إحياءها، على الرغم من الحزن والأوجاع. منذ أعوام، بات العيد كباقي الأيام، باستثناء الاجتماع اللطيف للأهل والأقارب والأحبة". ويعيش في الشمال السوري نحو مليون و700 ألف نازح موزعين على نحو 1277 مخيماً، منها نحو 300 مخيم عشوائي. ويأتي العيد وسط مخاوف وتحذيرات من تفشي فيروس كورونا بينهم. ويمكن القول إن حياتهم مهددة بسبب الحر والأفاعي والعقارب ونقص الغذاء والمياه وتفشي الأمراض المعدية. 

المساهمون