فقاعة العملات الرقمية تهدد أموال الخليج

فقاعة العملات الرقمية تهدد أموال الخليج بعد سحبها 12 مليار دولار

26 نوفمبر 2017
تزايد إقبال الخليجيين على العملات الافتراضية رغم التحذيرات(فرانس برس)
+ الخط -
رغم التحذيرات والقيود، التي فرضتها المصارف المركزية في دول الخليج العربي، تجاه الاستثمار في عملة البيتكوين الافتراضية، إلا أن البيانات المتخصصة تشير إلى أن الاستثمار في هذه العملة يشهد نشاطا كبيراً لتستحوذ هذه الدول على أكثر من 13% من إجمالي قيمة تداولات هذه العملة عالميا.

والـ "بيتكوين" هي عملة إلكترونية، افتراضية ليس لها وجود مادي، ولا يمكن رصد حركتها في الأسواق المالية أو في النظام النقدي والمصرفي، لكونها افتراضية ويتم تداولها بين الأشخاص والمؤسسات عن طريق الإنترنت، التي تعتمد تعاملاتها على ما يطلق عليه بالتعامل بمبدأ الند بالند.

وفي عام 2008، ظهرت هذه العملة، وطالبت المصارف المركزية العالمية بضرورة توخي الحذر عند استخدامها، ثم صعدت من لهجتها، واعتبرت أن التعامل بها يخرج عن الأطر القانونية.

وقدر موقع "كوين ديسك"، الأميركي، المتخصص في رصد سعر العملات الرقمية، في وقت سابق من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، حجم التجارة في البيتكوين بأكثر من 90 مليار دولار، وهو ما يعني أنها أصبحت أكبر من موجودات العديد من الشركات الأميركية الكبرى التي تصنع مؤشرات الأسهم الأميركية.

وبحسب تقرير حديث صادر عن شركة "CryptoCorp" الأميركية المتخصصة في تداول البيتكوين، فإن حجم تداولات هذه العملة في منطقة الخليج يقدر بنحو 12 مليار دولار، وتتركز غالبيته في إمارة دبي.

ويتزايد عدد المتعاملين في البيتكوين يومياً، حيث أنها تحقق أرباحاً تفوقت على جميع أدوات الاستثمار العالمية سواء ذات الفائدة الثابتة أو تلك ذات الفائدة المتغيرة.

وقفز سعر هذه العملة إلى مستويات قياسية الأسبوع الماضي مسجلة نحو 8 آلاف دولار، وذلك للمرة الأولى على الإطلاق، بحسب وكالة بلومبيرغ الاقتصادية الأميركية التي ذكرت أنها فقاعة توشك على الانفجار.

وتستفيد البيتكوين، في هذا الارتفاع الجنوني من محدودوية كمياتها المتداولة، حيث أن الكمية التي ستطرح منها لن تفوق 21 مليون وحدة حتى العام 2040، كما تستفيد كذلك من ترويج بعض المشاهير لها.

وقال يحيي كمشاد، مدير عام قطاع الأصول في شركة الشرق للاستثمار في الكويت، إن "شريحة الشباب الخليجي الأكثر إقبالاً على هذه العملة، وهذا سبب إضافي لزيادة تداولاتها، حيث ترتفع شهية الاستثمار في هذه العملة، لدى المتداول الأقل سناً باعتبارها مصدراً لتنامي ثروته الصغيرة في فترة قصيرة، ويكفيه في هذا الخصوص أن يسمع إحدى القصص الأسطورية التي تتحدث عن أحد المتداولين الذي صار مليونيراً في بضعة أشهر بفضل تعاملاته في البيتكوين".

وأضاف كمشاد خلال حديث لـ "العربي الجديد" أن ما يزيد من أهمية هذه العملة لدى بعض المتداولين هو تشفير البيتكوين، حيث يكون التعامل بين شخصين بطريقة مباشرة دون الحاجة إلى هيئة أو بنك أو وسيط، وتذهب النقود من حساب شخص إلى آخر بشكل فوري دون الحاجة إلى رسوم تحويل أو ضرائب.

لكن رياض الخولي، نائب رئيس مجلس إدارة الشركة الدولية للوساطة المالية في الكويت، حذر من مخاطر التعامل بالبيتكوين والعملات الافتراضية بشكل عام، مشيرا إلى افتقادها التنظيم دولياً، بما يكفل حقوق المتعاملين بها، ويجعل التعامل بها محفوفاً بمعدلات عالية من المخاطر إلى الدرجة التي تهدد معها حقوق المتعاملين، مشيرا إلى أن ما يغذي المخاوف أكثر أن أيا من البنوك أو الأنظمة الرقابية لا تستطيع مساعدة العميل في استرداد أمواله.

وحذرت البنوك المركزية الخليجية تباعاً خلال الأشهر الأخيرة من التعامل مع هذه العملة الافتراضية. وذكرت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) في يوليو/تموز الماضي، أن تدول البيتكوين يعرض متداوليها لعواقب سلبية.

كما حذر اتحاد مصارف الكويت، عملاء البنوك من استخدام البيتكوين، وذلك بعد أن لاحظ أن هذه العملة بدأت تنتشر في الكويت بشكل يرفع معدلات المخاطر على متداوليها.
وفي الإمارات، حذر المصرف المركزي من مخاطر استخدام العملة الافتراضية، مشيرا إلى أنه لم يصدر أي تراخيص للعمل بها في السوق المحلية، ولا يمكن الرقابة عليها بشكل كاف، وليس لها مرجع معروف.

وفي البحرين، حذر المركزي البحريني من أن العملات الافتراضية لا تعد عملة قانونية، ولا يوجد أي التزام على أي بنك مركزي في العالم أو أي حكومة لتبديل قيمتها مقابل نقود صادرة عن هذه الدول أو مقابل سلع عالمية متداولة أو الذهب.

وقال عبدالعزيز الكندري أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت،إن الاشكالية الرئيسية في استخدام البيتكوين، أنها تستخدم للتبادل دون وجود سلطة مركزية أو وسيط، وتتم إدارة المعاملات وإصدار النقود بشكل جماعي عن طريق شبكة الإنترنت، ما يعني أنها منفلتة من أي سلطة رقابة يمكن من خلالها حماية حقوق العملاء.

وشكلت البيتكوين، حجر الزاوية في الهجومين الإلكترونيين العالميين، بفيروس الفدية الأول. وفي هذا السياق قال عمر السديري بمؤسسة الأبحاث المالية في الراجحي كابيتال بالسعودية في اتصال هاتفي لـ "العربي الجديد"، إن العملات الإلكترونية على الرغم من أنه يمكن تتبع عملياتها ومراقبتها على صعيد الدول التي تعترف بها، إلا أنها لم تزل تشكل مكاناً خصباً بالثغرات لتنفيذ بعض الألاعيب وسحب العملة الصعبة، أو سحب الدولار، من البنوك المركزية.

أما طارق العلي مؤسس شركة زاد لاب في دبي، وهي من أوائل الشركات التي بدأت تتعامل في البيتكوين، فقال في اتصال هاتفي إن العملة الافتراضية تشبه إلى حد كبير التداول في الذهب والمعادن الثمينة، ولها قيمة ويمكن شراؤها عبر مواقع صرافة على الإنترنت.

ويقول محللون دوليون إن العالم يشهد مرحلة تأسيس سوق مالية موازية، قائمة على العملة الافتراضية، وبدأ العملاق الأميركي غوغل، على سبيل المثال، بقبول مدفوعات عبر العملة الافتراضية وأنتج لهذه العملية تطبيقاً مخصّصاً اسمه API .