عيد الميلاد في مدريد: شوارع من فرح

عيد الميلاد في مدريد: شوارع من فرح

19 ديسمبر 2015
مدريد في موسم العيد (Getty)
+ الخط -
يقبل الميلاد على دول العالم بفرح. في مدريد، في هذه المدينة الساحرة الجمال والنابضة بحياة لا تتوقف، تصبح الشوارع لوحات متعددة مذهلة من الجمال الذي تصنعه أضواء متقنة التشكيل والانسجام اللوني، وتصبح كل شجرة في الطريق هي شجرة من ضوء، أما الساحات فتتحوّل لحدائق تتوسطها أشجار ميلاد عملاقة، وكل ساحة تتباهى بطول وجمال شجرتها، لا يمكن أن تسير في أي شارع أو ساحة في كل مدريد وضواحيها دون أن تباغتك الزينة المتنوعة والتي وُظّف الكثير من الفنانين لتصميمها والكثير من العمال والتقنيين لتنفيذها بكل هذا الإتقان، والشيء نفسه على واجهات المولات التجارية الضخمة وعلى واجهات البيوت القديمة أو دور الثقافة والمسرح والسينما وأمام واجهة القصر الملكي الجميلة جداً.
ومع الزينة تملأ الدوائر الرسمية كلها والبلديات والمدارس والمستشفيات وحتى العيادات الخاصة والصيدليات أعمال فنية عبارة عن مجسّمات كبيرة أو "ماكيتات" ضخمة تسمى هنا بـal balen. وهذه الكلمة تعني بيت لحم، المدينة العربية الفلسطينية التي ولد فيها المسيح.
وفي هذه المجسمات المصنوعة باليد بالجس أو بالخشب مع الخيش أو بنوع من أنواع البلاستيك أو الشمع، يعاد إنتاج كل تفاصيل المكان الذي ولد فيه السيد المسيح. إذ يعاد إنتاج شكل مدينة بيت لحم وشكل الحياة القديم فيها كما كانت في تلك الفترة، من خلال تجسيد كل البيوت وأشكال تضاريس المدينة بأحجارها وأنواع نباتاتها وأشكال جبالها وأنواع الحيوانات التي كانت موجودة، واقترن وجودها مع قصة ميلاد السيد المسيح، من أغنام وجمال وأحصنة، إذ إنه كان راعياً، بالإضافة إلى أشكال ملابس النساء والرجال في تلك الفترة التي تمثل اللبس العربي القديم لسكان فلسطين. والأجمل هو تجسيد المهن التي كانت تسود بيت لحم. اذ إنك تجد مثلا حدادا يُعالج الحديد، وامرأة تعجن وتخبز الخبز وأخرى تحيك الصوف، وتجد فلاحا يزرع أرضه وآخر يجمع محصوله من الحنطة أو يحصده، كما تجد أُمّاً تعد بيتها وترعى أطفالها، والأجمل هو أنك تجد كامل تفاصيل البيوت، من نوعية الحجارة التي بنيت بها الجدران، إلى نوعية وأشكال أدوات المطبخ كلها، وأشكال أدوات المائدة وأشكال أسرّة الأطفال الصغار، وطبعا فإنك ستجد دائما العذراء ومعها طفل صغير تهدهده، إنه المسيح. وقد تصل مساحة "البيلين" هذا إلى 200 متر مربع، وغالباً ما يستغرق إنجازه أكثر من سنة، ويصطف الناس ضمن طوابير طويلة لمشاهدته ولالتقاط صور معه.
ولا يقتصر الاحتفال هنا على الزينة وعلى البيلين، بل يتعداه إلى وجود فرق موسيقية دائمة تنزل للشوارع وتعزف على الأغلب ألحانا لموسيقى لاتينية رائعة عميقة قادمة من آلات نفخية مميّزة، ويتجمع حولها الناس والأطفال لساعات طويلة. بالإضافة إلى هذا، تنتشر في أعياد الميلاد حلوى خاصة تسمى التوررينو، وهي عبارة عن اللوز مع العسل، وقد قدمت صناعة هذه الحلوى إلى إسبانيا مع العرب في الأندلس، وهي حلوى لذيذة جدا تُقدّم في عيد الميلاد بشكل تقليدي منذ عام 1890، وهي تعتبر هنا حلوى فاخرة جداً.

اقرأ أيضاً: داماسكينو طليطلة روح دمشق فوق اسبانيا

المساهمون