عن "إخوان" اليمن

عن "إخوان" اليمن

23 ابريل 2019
+ الخط -
لم تكن حرب 1994 في اليمن بين وحدة وانفصال في بداياتها، وإنما حرب بين رؤيتين سياسيتين واجتماعيتين، رؤية ترى ضرورة قيام دولة المؤسسات دولة النظام والقانون يمثلها الحزب الاشتراكي والقوى الوطنية الأخرى، وهي قوى قومية ويسارية، ورؤية ترى أن بقاءها مرتبط ببقاء حكم القبيلة والأسرة، يمثلها علي صالح، وعبدالله الأحمر، وحزبا المؤتمر والإصلاح. ولكن حجم التضليل الإعلامي وحملات التكفير التي نظمتها جماعة الإخوان المسلمين ضد الاشتراكي، ومن حوله، كان لها التأثير في ما جرى بعد ذلك، من حرب ومحاولة للعودة إلى نظام الشطرين، فاندلعت الحرب، وكانت تحت شعار مقدس عند الطرف الذي يمثله علي صالح و"الإخوان"، وهي حرب الوحدة أو الموت، وهي حرب ضد الماركسيين الذين يحاربون الدين، ويسحلون العلماء ويشربون الخمور! هكذا صور إعلام صالح والجماعة الحرب.
بعد الحرب، بدأت بوادر الافتراق بين علي عبدالله صالح والجماعة وآل الأحمر الذين يتبوأون مناصب عليا فيها، وتم دمج التعليم وإلغاء المعاهد العلمية، إلا أن حبل الود ظل بين صالح والجماعة، حيث جعل التجمع اليمني للإصلاح علي صالح مرشحاً رئاسياً له في أول انتخابات رئاسية تشهدها اليمن، وكانت صورية، حيث تم حرمان مرشح الاشتراكي اليمني، علي صالح عباد (مقبل)، من الترشح للرئاسة، وتم ترشيح شخصية مؤتمرية لمنافسة صالح، بحيث يضمن بقاء الأخير في سدة السلطة. بعد ذلك، تصاعدت حدة التوتر بين حلفاء الأمس، وبدأ "الإصلاح" بعملية التقارب مع الأحزاب المعارضة، وبالذات الحزب الاشتراكي اليمني، وكان مشروع اللقاء المشترك الذي كسر حاجزاً كبيراً بين الإصلاح اليميني والاشتراكي اليساري، وبدأت قوى الحداثة من الجيل الجديد بالظهور داخل "الإصلاح"، وبدأ يعلو صوتها شيئاً فشيئاً، حتى كانت انتخابات الرئاسة في 2006، والتي زعزعت نظام علي صالح وثقته بنفسه، وأتى الحراك الجنوبي ومسيراته لتشكل نقطة انطلاق ضد نظام علي صالح، وكانت ثورة 11 فبراير 2011 بداية السقوط الكبير للنظام، وبداية التغيير الكبير في رؤية حزب الإصلاح للدولة، ولنظام الحكم والديمقراطية، فقد كان الإصلاح الذي يمثل فكر الجماعة الأم من القوى التي شاركت بفاعلية في مخرجات الحوار الوطني التي تؤسس لدولة يمنية فيدرالية من ستة أقاليم، يحكمها النظام والقانون، دولة مدنية حديثة بمبادئ وقيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وتقف هذه الجماعة اليوم، مع كل القوى الوطنية، في مواجهة المشروع الطائفي السلالي الذي يحاول السيطرة على اليمن.. ولا ننسى أن هناك تياراً داخلها يرفض هذه التحولات، ويعتبرها تخلياً عن فكر الجماعة، وهو تيار له قوته فيها، إلا أنه غير قادر على العمل بقوة بسبب حالة الحرب والإجماع الوطني حول الشرعية ومخرجات الحوار الوطني، وما زال هناك الكثير لقوله عن الجماعة، أو حزب الإصلاح، ومدى استقلاليته عن الجماعة الأم.
792CB557-8E75-46A4-9474-41FAE9572A01
792CB557-8E75-46A4-9474-41FAE9572A01
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)