عبد القادري.. آخر وردة حمراء للبنان

عبد القادري.. آخر وردة حمراء للبنان

22 يوليو 2020
(من المعرض)
+ الخط -

قدّم عبد القادري عدّة تجارب تتكئ على ثيمات من التاريخ، منها المقامة "الموصلية" وهو تتمة للمشروع الفني الذي مثّل تحية للرسام يحيى الواسطي، الفنان الإسلامي الذي يجسّد أهم وأكثر الفترات التاريخية تحرّراً في الحضارة الإسلامية، وهي فترة العصر العباسي التي ازدهرت فيها الفنون والفلسفة والترجمات. 

كما نظّم الفنان اللبناني (1984) معرض"أركاديا"؛ الكلمة التي تحيل إلى الأرض الموعودة في الأسطورة اليونانية والتي (أي اليونان) تمثل اليوم وجهة المهاجرين واللاجئين عبر البحر وما تجسّده رحلاتهم من تراجيديا، لكنه افترض نهاية سعيدة مختلفة عن كل ما نشاهده من مآس، فلنقل نهاية سعيدة أو جنة افتراضية. 

"رفات آخر وردة حمراء على وجه الأرض" عنوان معرضه الجديد الذي يفتتح عند الثالثة من بعد ظهر الإثنين المقبل في "غاليري تانيت" ببيروت ويتواصل حتى الخامس والعشرين من أيلول/ سبتمبر المقبل، ويستهلّ بيانه الصحافي بعبارة "إذا كان العالم مكاناً مظلماً، فلبنان مركزه".

(من المعرض)
(من المعرض)

يضمّ المعرض سلسلة من اللوحات السوداء الجديدة بعنوان "نيكتوفيليا" التي يشير معناها الحرفي إلى تفضيل الظلام على النور، ويقصد بها القادري "اللحظة التي ننحدر فيها صوب المزيد من الظلام، سواءً حرفياً أو مجازياً؛ تضاؤل كميات الوقود المتوافرة، مولّدات صامتة، اقتصاد في حالة سقوط حر، شارع مهجور تماماً كموقع للثورة - فلماذا يظهر الظلام في مثل هذه الأوقات العصيبة؟"، بحسب البيان ذاته.

رسمت اللوحات ما بين عاميْ 2018 و2019، وهي ليست رد فعل حرفي على الكآبة السائدة، ولا نوعاً من استبطان السيرة الذاتية، ولكنها تمثّل دعوة للمواجهة والتفكير، وتشير إلى أنه الميل والشوق لليل أو الظلام نصل من خلاله في نهاية المطاف إلى التنوير، ومن المفارقة أن الأسود يبتغي الوضوح، وهو احتضان أعمى لجميع الألوان في وقت واحد، وليس أسودَ في الحقيقة.

تتجاور اللوحات مع قصائد الشاعرة اللبنانية مريم جنجلو، التي تستحضر فيها الجدل بين"نيكتوفيليا" ومشروعه السابق "أركاديا"، حيث الجانب الآخر من اليوتوبيا، قاسٍ ومليء باليأس ويتسرب الأسود إلى الأمل، تماماً مثل نزيف اللون في الظلام، مدفوعاً بالأرق والقلق والارتباك خلال الأشهر الستة التي استغرقها إنجاز اللوحات، لم يستمتع الفنان فقط بالسواد، ولكن بوعده التحويلي بالنسيان.

يُذكر أن عبد القادري كان أحد الفنانين الذين واظبوا على المشاركة في المظاهرات اللبنانية التي اندلعت في السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2019، ورغم أن لوحات معرضه هذا بدأ رسمها في وقت أسبق إلا أنها تبدو ذات صلة وثيقة بتلك الأحداث.

المساهمون