سراييفو تحيي ذكرى ضحايا مذبحة سربرنيتسا... "جرح أوروبا النازف"

سراييفو تحيي ذكرى ضحايا مذبحة سربرنيتسا... "جرح أوروبا النازف"

10 يوليو 2020
راح ضحية المذبحة أكثر من 8 آلاف شخص (سامار جورداموفيك/فرانس برس)
+ الخط -

اعتبر مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع أوليفر فاريلي، في الذكرى الـ25 لمذبحة سربرنيتسا، أن المذبحة تشكل "جرحاً نازفاً" لأوروبا، وينبغي معاقبة كافة المسؤولين عنها.

وأشار، في كلمة له، في الجمعية العامة للبرلمان الأوروبي، إلى أن المذبحة تعتبر من أكثر الفترات ظلمة في تاريخ أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وأضاف: "في يوليو/ تموز 1995، قُتل 8 آلاف و372 من الرجال والأطفال المسلمين بشكل منهجي على يد القوات الصربية، حيث اعتقدوا أنهم في أمان، وألقيت أجسادهم في مقابر جماعية".

وأردف: "أوروبا فشلت في سربرنيتسا، يجب ألا ننسى أبداً أننا نتحمل مسؤولية هذه المذبحة لأننا لم نستطيع وقفها. لا تزال مذبحة سربرنيتسا جرحاً نازفاً في قلب أوروبا". وأكد المسؤول الأوروبي ضرورة أن تتجلى العدالة وتتم معاقبة جميع المسؤولين عن الإبادة الجماعية، مشدداً على أنه "لن يُسمح بتمجيد مجرمي الحرب في أوروبا".

وأشار إلى أنه لا يمكن تحقيق المصالحة من دون مواجهة الماضي، وأن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعم دول المنطقة من أجل السلام والاستقرار والازدهار في البلقان.

اعترف غوتيريس بأن الأمم المتحدة خذلت شعب سريبرينيتسا قبل ربع قرن

ماذا حدث في سربرنيتسا؟

بعد أن احتلت قوات الصرب بقيادة راتكو ملاديتش سربرنيتسا، في الحادي عشر من يوليو/ تموز من عام 1995،  لجأ المدنيون البوسنيون إلى القوات الهولندية لحفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ولكن تم تسليمهم للصرب بعد ذلك. وعندها سمحت قوات الصرب للنساء والأطفال بالتوجه إلى المنطقة التابعة لنفوذ الجنود البوسنيين، في حين قاموا بقتل ما لا يقل عن 8 آلاف و372 من الذكور في منطقة الغابات والمصانع والمخازن والمستودعات، وقاموا بدفنهم في مقابرة جماعية.

وفي إطار الجهود التي بدأت بعد الحرب للعثور على المفقودين، فإن الضحايا الذين يتم العثور على جثامينهم في المقابر الجماعية التي أُعدت لذلك، سيتم دفنهم في مقبرة بوتوتشاري في الحادي عشر من يوليو/ تموز من كلّ عام، بعد التثبت من هويتهم.

مراسم وداع

وشهدت سراييفو، عاصمة البوسنة والهرسك، أمس الخميس، مراسم وداع لموكب رفات عائد لـ9 من ضحايا المذبحة. وجال الموكب في بعض مناطق وشوارع العاصمة، استعداداً لدفنهم في مقبرة "بوتوتشاري" التذكارية، يوم 11 يوليو/تموز الحالي، وهو اليوم الذي وقعت فيه المذبحة. وألقى مسؤولو الدولة البوسنية والمواطنون الأزهار على موكب رفات الضحايا.

وتستعد عائلة إيبيشيفيتش لدفن أحد أبنائها الذي قُتل في الإبادة الجماعية، فيما لم تستطع أن تصل إلى رفات ابنها الآخر الذي فُقد في المذبحة.

وفقدت عائلة إيبيشيفيتش اثنين من أبنائها في مذبحة سربرنيتسا، وستقوم بدفن ابنها الكبير سالكو إيبيشيفيتش الذي كان يبلغ من العمر 23 عاماً عند مقتله، غداً السبت.

وفي حديث لمراسل "الأناضول"، قال الأب أحمو إيبيشيفيتش إنه فقد ما يقرب من 40 فرداً من عائلته في مذبحة سربرنيتسا. وأكد إيبيشيفيتش أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى رفات ابنهم الآخر سمير على الرغم من مرور 25 عاماً على قتله.

وأشار إلى أنهم لم يعثروا على كامل جثة ابنهم سالكو الذي سيقومون بدفنه في الحادي عشر من يوليو الجاري.

وأوضح الأب المكلوم أنهم أمضوا تسع سنوات في البحث عما تبقى من رفات سالكو، ولكنهم بعد كثير من البحث قرروا أن يقوموا بدفن ما تبقى من عظامه. وأوضح كذلك أنهم لم يعثروا على جثة ابنهم الآخر، والذي كان يبلغ من العمر اثنين وعشرين عاماً عند مقتله.

وأكد إبيشيفيتش على أن من كانوا يعيشون معه في سربرنيتسا لا يستطيعون إدراك ما حدث في الحرب، وأنه لا يفكر في العودة إلى سربرنيتسا مطلقاً.

أمّا الأم زينيتا إبيشيفيتش، فقالت إنها تعيش على صور ابنيها، مضيفة: "نحن مسلمون، وعشنا في نفس المنطقة مع الصرب. ولم ينبخنا أحد قط إلى ضرورة حماية أبنائنا منهم".

وتحكي الأم كيف رأت ابنها سالكو عبر نافذة الحافلة وهو يسير على جانب الطريق في صف، مُقاداً إلى المنطقة التابعة لنفوذ الجنود البوسنيين. وتابعت: "كانوا يتقدمون في صف مزدوج من فردين ويقودهم صرب مسلحون بالبنادق. كنت أود النزول من الحافلة، ولكن لم يُسمح لي بذلك".

وأكثر من سيتم دفنهم هذا العام شباباً هو سالكو إبيشيفيتش والبالغ من العمر 23 عاماً عند مقتله، أما أكبرهم سناً فهو حسن بيشيتش والبالغ من العمر عند وفاته 70 عاماً.

أما عن باقي الضحايا الذين سيُدفنون في الحادي عشر من يوليو الجاري وأعمارهم، فهم كالتالي: سيد حسانوفيتش (24 عاماً)، أليجا سولجيتش (26 عاماً)، حسيب حسانوفيتش (25 عاماً)، زهديجا أفداجيتش (48 عاماً)، باجرو صالحوفيتش (52 عاماً)، إبراهيم زوكانوفيتش (54 عاماً)، كمال موزيك (27 عاماً)".

غوتيريس يعترف

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد اعترف، في رسالة مسجلة بالفيديو، أمس الخميس، بمناسبة ذكرى المجزرة، بأنّ "الأمم المتحدة خذلت شعب سربرنيتسا قبل ربع قرن".

وفي مؤتمر صحافي عقده عبر دائرة تلفزيونية مع الصحافيين بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، قال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك إن غوتيريس وصف مجزرة سربرنيتسا بـ"الإبادة الجماعية التي كانت أسوأ جريمة مريعة على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية". وأضاف، مستشهداً بمقولة منسوبة للأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان قال فيها إن "هذا الفشل (في منع وحماية ضحايا المجزرة) سيطارد تاريخنا إلى الأبد".

وأردف: "قبل ربع قرن، خذلت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي شعب سربرنيتسا، ومواجهة هذا الماضي تعتبر خطوة حيوية لإعادة بناء الثقة وتحقيق المصالحة المدعومة بالتعاطف والتفاهم".