سجون لبنان... "إرهابية"

سجون لبنان... "إرهابية"

12 نوفمبر 2019
+ الخط -
عندما نلفظ كلمة السجن في لبنان، تلقائياً يخطر في بالنا وضع مأساوي وغير إنساني، وعندما نقول إرهابا ليس محصورا بأفراد، يكون قصدنا أنه من الممكن أن يكون من مؤسسات أو دولة، وذلك عندما لا تراعي الدولة أدنى حقوق الإنسان وتسجن مئات السجناء من دون محاكمات، ثم نجد من يخرج منهم بريئاً لأسباب مختلفة، منها سياسية، منها أمنية ومنها إهمال قضائي.

هذا عداك عن تقاعس الدولة في تطبيق القانون الوطني لمناهضة التعذيب (قانون رقم 65) حيث توجد مئات حالات التعذيب، والاعتراف بأمور غير صحيحة تحت ضغط التعذيب.
عدد المساجين في لبنان يفوق 180 في المئة القدرة الاستيعابية للسجون، هذا بحد ذاته إرهاب، أي أن يجلس العشرات في غرفة واحدة، بدلا من أن يكون السجن لإصلاح المرتكب، يصبح وكرا لتخريج مجرمين.


إن أردنا التحدث عن وضع المساجين الإنساني فحدث ولا حرج، فلكل ثلاثة آلاف سجين طبيب واحد! هذه هي حقوق الإنسان على طريقة الدولة اللبنانية، أما بخصوص حياة السجين اليومية من ماء وغذاء فهي لا تراعي أدنى معايير حقوق الإنسان، تارة تُقطع المياه كأسلوب لتهديد السجناء، والغذاء لا تُراعى فيه الشروط الصحية، وغيرها وغيرها.. إلخ.

هذا ناهيك عن الفساد داخل السجون، أي أن هناك سجيناً بـ"سمنة" وسجيناً بـ"زيت"، ويستفيد مديرو السجون من منافع شخصية لقاء تقديم بعض الخدمات لبعض المساجين.

الأنظار عادة تتجه إلى سجن رومية، ونتحدث عن مأساوية السجن، خاصة أنه سجن مركزي، ولكن هذا السجن يعد وضعه "أفضل" بكثير من السجون الأخرى، هناك سجون تحت الأرض، حيث لا يوجد أي نور، وغير ملائم لأدنى معايير حقوق الإنسان، مثل سجن الريحانية، حيث يتآكل البعض من جراء حساسية جلدهم.

عندما يجري الحديث عن حالات تمرد، تلقائياً يجري الحديث عن أن السجناء إرهابيون أو ما شابه، ولكن الصحيح هو أن أي شخص يعيش مكان السجناء سوف يتصرف مثلهم أو أكثر، خصوصاً أنهم ليس لديهم أي شيء يخسرونه في ظل هذا الواقع الأليم الذي يعيشون فيه.

أما في المقلب الآخر، السجن هو مركز لإعادة تأهيل السجين، وللأسف ليس هناك أدنى وسائل للتنمية البشرية أو بناء قدرات أو ترفيه للسجين في لبنان. في بلدان أخرى تتم الاستفادة من هذه الطاقات لأجل تنمية أوطانهم -مثل أميركا والصين والكثير من الدول الأوروبية- أما في لبنان، السجن هو معتقل لأجل تدمير السجين على الصعد المعنوية والمالية.

السجون في لبنان هي أحد موارد تحطيم المجتمع اللبناني، وهي تعد قنبلة موقوتة في وجه الوطن بأجمعه، وهي تعزز الحقد والتطرف، وهي بذلك دولة تنشأ وتمارس الإرهاب بحق شعبها.

لذا على الدولة إقرار قانون العفو العام والبدء بورشة إصلاحية شاملة للسجون، تراعي شروط حقوق الإنسان، للانتقال من دولة الإرهاب في السجون إلى دولة الإصلاح وحقوق الإنسان في السجون.