قراءة في الانتخابات الإيرانية

قراءة في الانتخابات الإيرانية

13 يونيو 2021
+ الخط -

تقام الانتخابات الإيرانية في 18 من الشهر الجاري وهي تعد رقم 13 منذ حصول الثورة عام 1979، وسط أزمة تعاني منها إيران تتعلق بانتشار جائحة فيروس "كورونا"، وإطلاق بطيء للقاح، حيث عدد إجمالي الوفيات حتى الآن 81672 من بين ما يقرب من 3 ملايين إصابة.

هذا ناهيك عن وضع اقتصادي سيئ وانهيار للعملة الايرانية فعلى سبيل المثال قبل إعادة فرض العقوبات عام 2018، صُنّف حوالي 60% من الإيرانيين ضمن الطبقة الوسطى بناء على النفقات الاستهلاكية، لكن هذه النسبة تراجعت إلى 50% في الفترة الممتدة بين عامي 2019 و2020. ومنذ عام 2011، تراجع حوالي 8 ملايين إيراني إلى الفئة الأدنى دخلا، 75% منهم منذ بداية حملة الضغط القصوى التي شنها ترامب.

قانون الانتخابات

تجري هذه الانتخابات كل أربع سنوات، وحسب الدستور ممكن تنحية الرئيس في أي ظرف استثنائي والدعوة لانتخابات أخرى، أما بخصوص المرشحين يقوم مجلس صيانة الدستور بقبول طلباتهم، وهذا ما حصل في هذه الانتخابات حيث تم رفض طلبات عديدة وأبرزها علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى السابق، والرئيس السابق الشعبوي محمود أحمدي نجاد، والنائب الحالي لرئيس الجمهورية الإصلاحي إسحاق جهانغيري. ولكن بعد بيان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية من المتوقع أن يعدل مجلس صيانة الدستور قراره وأن يعيد لاريجاني وجهانغيري.

أما رئيسي لديه ذهنية محافظة اقتصادية، حيث يفضل العمل على تعزيز القدرات الداخلية ولديه أولوية في المواضيع المرتبطة بالبنى التحتية والثروات الموجودة

مؤثرات قرار مجلس صيانة الدستور

من الواضح أن قرار مجلس صيانة الدستور باستبعاد بعض الشخصيات تخدم مرشح الدولة العميقة إبراهيم رئيسي، فالمنافس الأبرز لرئيسي هو أحمدي نجاد، فبعد بيان خامنئي لتعديل قرار مجلس صيانة الدستور الذي يعطي معايير لاريجاني وجهانغيري وليس نجاد، فمن الواضح أن هذا القرار سيكون في مصلحة رفع نسب الاقتراع بطريقة ضخ روحية جديدة في الانتخابات، ولكن لن تساعد هذه الخطوة حسب الأرقام إلا بزيادة حوالي عشرة بالمئة، حيث من المتوقع أن تصل نسب الاقتراع إلى 35 بالمئة كحد أقصى.

لا يوجد منافس فعلي لرئيسي من ضمن اللائحة المقبول بها لأن جميعها لا تمتلك شعبية فعلية، ومعظمها يعتبرها الرأي العام الإيراني شخصيات تقليدية ولا تواكب تطلعات الشعب الغاضب من السياسات المتعاقبة خلال السنوات الماضية التي أدت إلى ارتفاع نسب البطالة والفقر والانهيار المالي والاقتصادي.

فعلى سبيل المثال لو تم قبول طلب الرئيس السابق أحمدي نجاد لنفس الشعب الإيراني غضبه بالتصويت لهذه الشخصية المعارضة، ومن هنا لم ولن يتم قبول ترشحه. فحسب الدراسات والأرقام 25 بالمئة من أصوات المقترعين عادة تصب في مصلحة المحافظين أي معظمها لرئيسي في هذه الحالة، وحوالي 20 بالمئة عادة في مصلحة الإصلاحيين، ولكن في هذه المرة ومع فشل حكومات روحاني ووعوده التي لم ينفذها خلال الأعوام الماضية، فهناك غضب على طريقة أدائهم مما سيؤدي إلى انخفاض اقتراعهم إلى 10 بالمئة، والباقي ممكن أن نصنفهم بالأصوات الرمادية التي تصوت حسب اقتناعاتها، وهذه الأصوات من الواضح أنها لن تصوت في هذه الانتخابات لأن المرشحين لا يمثلون رغباتهم، فبالتالي بعملية حسابية بسيطة الحظ الأوفر سيكون لرئيسي، وباقي المرشحين سينتشون الأصوات من هنا وهناك.

من هو إبراهيم رئيسي؟

يبلغ من العمر 60 عاما، يعد أحد المرشحين لخلافة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، يعتبر إبراهيم رئيسي من بين المقربين إلى المرشد علي خامنئي، باعتباره كان أحد طلابه في إحدى المدارس الدينية بمدينة مشهد. يحظى رئيسي بثقة خامنئي، وينحدر مثله من مدينة مشهد الدينية التي تقع شمال شرق إيران. تم تعيينه من قبل خامنئي عام 2016 على رأس المؤسسة الخيرية "أستان قدس رضوي" التي تتكلف بتسيير شؤون ضريح الإمام رضا، حيث أعطته مساحة واسعة من بناء شعبية. وبعد ثلاث سنوات من العمل، عينه القائد الأعلى للثورة الإسلامية رئيسا للسلطة القضائية الإيرانية في آذار 2019 وهو منصب حساس وكلفه بـ"مكافحة الفساد".

وسبق لإبراهيم رئيسي أن ترشح في 2017 ضد حسن روحاني. لكنه لم يفز بالانتخابات واكتفى بالحصول على 38 بالمئة من الأصوات، حيث خلال تلك الانتخابات كان هناك حماسة من قبل الإصلاحيين والرماديين بدعم روحاني لأنها كانوا متأملين بخطاباته الإصلاحية ولكنها باءت بالفشل، فالمشهد هذه الانتخابات سيختلف عن سابقه لعدة عوامل ذكرناها سابقا.

الانتخابات والمشهد المستقبلي

لا يوجد أحد من المرشحين يعارض الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة الأميركية، وفي الأصل هكذا قرار يكون بيد خامنئي، أما بخصوص الأمور الأخرى المتعلقة بالعلاقة مع الغرب والاقتصاد فتختلف من مرشح إلى آخر، فعلى سبيل المثال عبدالناصر همتي وهو أحد أبرز منافسي رئيسي، لديه سياسة انفتاحية اقتصادية، أما رئيسي لديه ذهنية محافظة اقتصادية، حيث يفضل العمل على تعزيز القدرات الداخلية ولديه أولوية في المواضيع المرتبطة بالبنى التحتية والثروات الموجودة، وليس لديه حماسة لفتح السوق الداخلي للخارج، ولكن يمكن أن نقول إن السياسة فن الممكن، وبالتالي الأمر الواقع سيفرض نفسه إن جرى الاتفاق النووي، وهذا ناهيك عن الاتفاق الاستراتيجي مع الصين.

دلالات