صراع ما وراء البحار بين إيران وإسرائيل

صراع ما وراء البحار بين إيران وإسرائيل... هل تتغير قواعد الاشتباك؟

08 اغسطس 2021
+ الخط -

منذ عام 2019 ويقود الطرفان الإيراني والإسرائيلي حروبا غير مباشرة، إما خفية أو علنية، ومع مرور الزمن بدأت هذه الحرب تظهر إلى العلن. مع انتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، وبدء مسار المفاوضات بخصوص الملف النووي الأميركي، حيث تعارضه إسرائيل إن لم يتضمن الملف الشائك أي دور لإيران خارج نطاقها الجغرافي، إضافة إلى الأسلحة الباليستية. فالبلدان يعيشان حربا مع الوقت، الطرف الأول يريد خروج الولايات المتحدة من المنطقة، وأخذ غنائم سياسية خاصة في العراق وسورية ولبنان، والطرف الآخر لا يريد لأميركا أن تخرج أو أن تجري أي اتفاق من دون حل هذه المعضلة.

حروب الظل

جزء من الحرب الخفية هو الصراع في أعالي البحار، أي حرب السفن التي نشهدها منذ عام 2019، وبدايتها كانت حينما هاجمت إسرائيل سفناً إيرانية يحمل بعضها أسلحة، والبعض الآخر النفط أو البضائع، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز". ولكن ليست هذه الحرب وحدها موجودة في الحرب، يضاف إليها الحرب السيبرانية وضرب المنشآت الإيرانية الاقتصادية من خلال الحصار، وضرب أي مزراب ممكن أن يأتي بمردود اقتصادي لطهران، وحروب الوكالة كما يحصل ضربات جوية لمواقع عسكرية لحلفاء إيران في سورية والعراق. ولكن ما يميز حروب البحار أنها حرب من دون تبني المسؤولية، أي باردة بامتياز، وهي حرب في المياه الإقليمية.

وهنا إن أردنا أن نتحدث عن الأهمية الجغرافية البحرية يعد بحر العرب الممر الأهم لتصدير النفط العراقي والكويتي والإماراتي والسعودي إلى أوروبا، ووصول البضائع والشحنات إلى تلك الدول وباقي دول الخليج. وتمتلك إيران سيطرة بحرية على مضيق هرمز الرابط بين بحر العرب والخليج، والذي يمر عبره نحو خُمس نفط العالم، وهو ما يزعج "إسرائيل"، التي تحاول دائماً التضييق على الإيرانيين، وتحاول منعهم من الالتفاف على العقوبات الأميركية.

هذه السخونة ستشتد لأننا في الشوط الأخير ما قبل الاتفاق النووي وما لم يحقق بالتفاوض سيحقق بالعسكر، والنقطتان الرئيسيتان هما الصواريخ الدقيقة ودور إيران السياسي في المنطقة

أهدافها

حروب البحار لها أهداف متعددة، ولكنها نشأت بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، الطرف الإسرائيلي له أهداف متنوعة بهذه الحرب، وهي منع طهران من إرسال معدات إلى لبنان قد تساعد حزب الله في بناء برنامج صاروخي دقيق التوجيه، وتعتبر إسرائيل برنامجاً من هذا النوع تهديداً استراتيجياً لها.

والآخر، هو تجفيف مصدر مهم لعائدات النفط الإيرانية، تعميقاً للضغوط التي فرضتها العقوبات الأميركية. فبعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على صناعة الوقود الإيرانية وبيع النفط في أواخر عام 2018، أصبحت الحكومة الإيرانية أكثر اعتماداً على الشحن السري لمنتجاتها النفطية.

أما الطرف الإيراني يعتبرها معركة وجود وعدم الخضوع بشكل كامل لأنه إن هزم في هكذا معركة تعتبر بمثابة هزيمة إيران بشكل كامل، لأنه حينها على الصعيد الاقتصادي يشتد الخناق مما يضعف إيران داخليا وخارجيا، وعلى الصعيد العسكري تخسر إيران إحدى أوراقها، أي الصواريخ الدقيقة التي تحاول تعزيز حضورها والاستثمار بالحلفاء لكي ترفع سقف شروطها.

أما على الصعيد العسكري المباشر تعتبر إيران أن الرد على أي ضربة عسكرية تحصل في سورية أو العراق من قبل إسرائيل، ولا تريد أن تفتح جبهة مثل الجبهة اللبنانية ترد في المكان الأقرب لها أي في البحر.

الحروب المقبلة

من الواضح أنه في الفترة الماضية اشتدت السخونة الإعلامية والعسكرية بين الطرفين، إما من خلال التصريحات الإعلامية، أو من خلال الحروب غير المباشرة من خلال البحار أو من خلال ضربات عسكرية جوية في سورية أو من خلال الرسائل الإيرانية من لبنان.

هذه السخونة ستشتد لأننا في الشوط الأخير ما قبل الاتفاق النووي وما لم يحقق بالتفاوض سيحقق بالعسكر، والنقطتان الرئيسيتان هما الصواريخ الدقيقة ودور إيران السياسي في المنطقة، لن يتنازل الطرفان وإلى المواجهة در، ولكن من المتوقع أن المواجهة ستكون من قبل إيران بالوكالة، وإسرائيل ستحاول إضعاف ورقة إيران التفاوضية ولكن هذا ليس بالسهل.

المناطق الأكثر سخونة ستكون لبنان لأن الحليف الأقوى لإيران هو حزب الله، ومن الواضح أن قواعد الاشتباك تغيرت لأول مرة منذ عام 2006 حتى اليوم في لبنان، حيث وجهت أول ضربة جوية عسكرية في الأراضي اللبنانية ورد حزب الله بضربة صاروخية للحفاظ على قواعد الاشتباك ونظام الردع.

فللاشتباكات المقبلة سيناريوهات مختلفة، ولكن ما هو محتم أن لا هدوء في المنطقة قبل الوصول إلى نقاط مشتركة، وإلى تحديد الدور الإيراني والإسرائيلي قبل خروج الأميركي وهذا ما ستحدده المعركة المقبلة، فهل سنشهد حربا من جبهات مختلفة تحدد مصير الاتفاق النووي؟ ما هي التسوية التي ستكون في مرحلة ما بعد السخونة؟ هل سنشهد اتفاق هدنة طويل المدى؟ من الواضح أن هذه الحماوة التي بدأت تظهر على الطاولة لن تنطفئ إلا بعد حدوث حرب شاملة أو حروب منتقلة حتى الوصول إلى اتفاق مشترك. فمن سيربح هذه الحرب؟ وكيف ستكون مؤثراتها على المنطقة سياسيا واقتصاديا؟

دلالات