رواتب موظفي غزة... كلمة السر لنجاح حكومة التوافق

رواتب موظفي غزة... كلمة السر لنجاح حكومة التوافق

08 سبتمبر 2014
يشدّد هنية على ضرورة صرف الرواتب (عبد الرحيم الخطيب/Getty)
+ الخط -
رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تشكيلها، لم تتولّ حكومة التوافق الفلسطينية مهامها في قطاع غزة بعد، وبينما يعزو الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ذلك لوجود ما يصفها بـ"حكومة ظلّ" تديرها حركة "حماس" في القطاع، تربط الحركة بين تولي الحكومة لمسؤولياتها وقيامها بواجباتها، في إشارة إلى امتناعها عن دفع رواتب الموظفين الذين عيّنتهم حكومة "حماس" السابقة.

ولم يتلقّ قرابة 50 ألف موظف في القطاع رواتبهم بشكل كامل منذ قرابة عام، على الرغم من الظروف الصعبة، وبقي هذا الملف أحد أسباب التوتر في العلاقات الفلسطينية الداخلية خلال الأشهر الماضية، لتبدو الحلول أكثر صعوبة مما كان يعتقد عند تشكيل الحكومة.

وفي محاولة لايجاد مخارج للأزمة، كشف رئيس الحكومة رامي الحمد الله، أمس الجمعة، عن مقترح لإشراف الأمم المتحدة على صرف رواتب موظفي غزة.

وبعد يومين من إعلان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" موسى أبو مرزوق، أن صرف رواتب موظفي غزة سيكون بالتزامن مع دفع معاشات موظفي السلطة، قالت الحكومة عقب اجتماعها الأسبوعي الثلاثاء الماضي إن "لا موعد محدداً لصرف دفعات لموظفي غزة"، واستخدم بيان الحكومة مصطلح "دفعات" وليس "رواتب" في إشارة إلى عدم الاعتراف بهم كموظفين رسميين بعد.

وتُعدّ الرواتب الفاتورة الأكبر في فاتورة نفقات الحكومة الفلسطينية، ومن ميزانية العام 2013 بلغت فاتورة الرواتب لموظفي السلطة فقط 2.2 مليار دولار، في حين أقرت الموازنة العامة الفلسطينية للعام الحالي بعجز إجمالي قدره 1.2 مليار دولار.

وانتظمت الحكومة في صرف الرواتب خلال الأشهر الماضية بعد فترة من التعثر نظراً لزيادة المنح المالية الخارجية خصوصاً من السعودية، وبلغ مجموعة ما تلقته الخزينة الفلسطينية من الخارج 1.4 مليار دولار في حين بلغ إجمالي نفقاتها 3.8 مليارات دولار.

وكانت ميزانية الحكومة المقالة تراوح ما بين 700 ـ 800 مليون دولار معظمها تذهب رواتب لموظفيها، ما يعني تفاقم عجز الميزانية الفلسطينية في حال عدم ايجاد حلول خلاقة لأزمة التضخم الوظيفي أو البحث عن موارد مالية جديدة.

بالإضافة إلى عجز الميزانية العامة الفلسطينية، وشح الموارد وتحكم إسرائيل بالعائدات الضريبية، تتمثل العقدة الأكبر بموقف البنوك الرافض لتسلّم الرواتب وصرفها لمستحقيها.

وقالت مصادر مسؤولة في وقت سابق إن البنك العربي رفض تسلّم منحة مخصصة لصرف رواتب غزة.

ولم يصدر في حينه تعقيب من إدارة البنك التي تتخذ من العاصمة الأردنية عمّان مقراً لها، لكن مراقبين ربطوا بين هذا الموقف وخشية البنوك من التعرض لعقوبات لكون الولايات المتحدة ودول أخرى تدرج حركة "حماس" في قائمة المنظمات "الإرهابية".

وبهدف تجاوز هذه "العقدة"، قال الحمد الله إن "مقترحاً يجري تداوله ما بين الحكومة ومنظمات دولية لإشراف الأمم المتحدة على صرف الرواتب"، موضحاً أن "الموافقة على صرف رواتب موظفي حماس يجب أن تكون دولية بموافقة إسرائيل والولايات المتحدة". وأشار إلى أن "البنوك العاملة في القطاع ترفض صرف أي شيكل لموظفي غزة، تجنباً لأية عقوبات ومقاطعة دولية قد تتعرض لها".

ويواجه البنك العربي دعوى قضائية في الولايات المتحدة بزعم انه قدم دعماً مالياً لحركة "حماس"، وهو ما يرفضه البنك بشدة.

المسؤوليات والواجبات

واعتبر الرئيس عباس أن "حكومة التوافق لا تقوم بمهامها في قطاع غزة بسبب وجود "حكومة ظل"، وقال في لقاء متلفز بثته قنوات فلسطينية ومصرية إن "هناك لدى حماس حكومة ظل في غزة ولديهم وكلاء وزارات، وإذا استمر هذا الأمر فإن هذا سيهدد استمرار الوحدة الوطنية".

في المقابل، أكدت "حماس" أن الفرصة ما زالت قائمة أمام حكومة التوافق لتولي مهامها، وقال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة اسماعيل هنية، في تصريح له الخميس الماضي إن "مسؤولية إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية على غزة تقع على عاتق حكومة التوافق الوطني بشكل أساسي".

وشدد هنية على ضرورة صرف حكومة التوافق رواتب الموظفين، مضيفاً "مثلما تطالب حكومة التوافق بصلاحيات لها في قطاع غزة عليها أيضاً واجبات يجب أن تقوم بها".

وتصرف حكومة التوافق رواتب للموظفين الذين طلبت منهم قيادة السلطة الاستنكاف بعد سيطرة "حماس" على قطاع غزة في صيف عام 2007.

وعلم "العربي الجديد" أن "حركة حماس دفعت 300 دولار لموظفيها المدنيين والعسكريين قبل نحو شهر، أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لتمكينهم من الصمود، وتم الدفع  بتسليم الموظف المبلغ المذكور باليد".

من جهته، قال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتية، في مؤتمر صحافي إن "ملف الرواتب سيكون في مقدمة مهام لجنة شكلتها الحركة مؤخراً للحوار مع حماس على الملفات العالقة".

وأوضح أن "السلطة مسؤولة عن كل مجريات الأمور في قطاع غزة ولا يمكن أن تكون المسؤولية انتقائية، إما أن تكون السلطة مسؤولة عن كل شيء بما فيه الرواتب، أو أن يبقى الأمر على ما هو عليه سابقاً".

وفي ضوء كلام هنية واشتيه، يمكن الاستنتاج أن صرف رواتب موظفي غزة سيكون بمثابة المفتاح لتسلم الحكومة مهامها في قطاع غزة.

المساهمون