ذكرى ميلاد: كارل يونغ.. التحليل النفسي والأدب

ذكرى ميلاد: كارل يونغ.. التحليل النفسي والأدب

26 يوليو 2020
(كارل يونغ، Getty)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، السادس والعشرون من تمّوز/ يوليو، ذكرى ميلاد عالم النفس السويسري كارل يونغ (1875 - 1961).


اهتمّ كارل يونغ الذي تحلّ اليوم ذكرى ميلاده، بدراسة اللاوعي الجمعي الذي يربط الأديان والأساطير والأدب والأحلام والتجارب الجمعية المشتركة مع النوع البشري ككل، والتي حصلنا عليها نتيجة تاريخ البشرية التطوّري، وأن كل فرد قادر على الاحتفاظ بهذه النماذج الأصلية وإعادة إنتاجها لأننا نرثها كجزء من اللاوعي الجماعي.

وبحسب تنظيرات عالم النفس السويسري (1875 - 1961)، بدأت الصلة بين التحليل النفسي والثقافة تتوثّق، مع ما قدّمه من نموذج لفهم كيف يمكن للحب والكراهية، والمعرفة، والمعتقد، والمعنى، والهوية، والرغبة، والاستمتاع بالفانتازيا، أن تصبح عوامل لبروز الظواهر الاجتماعية والثقافية.

ويشير أيضاً أن عناصر المعتقدات الميثولوجية والدينية لا تزال متضمّنة في الأدب والأفلام على الرغم من استنادها إلى أسس حداثوية بمنأى عن الدين، واستشهد في تحليلاته هذه برموز ومعتقدات عديدة وجد انعكاساتها في العديد من المؤلّفات الأدبية، حيث النفس الفردية هي في مستوى لاوعيها، تختزن خبرة البشرية بأكملها. 

اعتمد يونغ على العديد من الأبحاث الإثنوغرافية التي أجراها في المكسيك وكينيا، واختبر خلالها المخزون الثقافي للقبائل التي تسكن البلدين ثم بدأ يفكّك أساطيرها المؤسسة للاوعي الجمعي المشترك ومنها تعمّق الاختلاف بينه وبين فرويد الذي وضع الليبدو أساساً لتحليلاته.

وأوضح أن الطفل حتى السنة الخامسة من العمر تتحكّم به غريزة التغذية وليس الجنس، رافضاً اختزال الشخصية في السنوات الست الأولى من الطفولة، كما فعل فرويد، وربما ساهمت نشأة يونغ الدينية في توجّهاته المختلفة في التحليل النفسي، حيث امتلك فهماً صوفياً روحانياً لعلاقة المرء مع الدين، ودفعه اطلاعه المعمّق على الفلسفات الحديثة، والقديمة منها، والأديان الشرقية إلى إدراك أثر الثقافة الشعبية والأساطير وإعادة توليدها في الفن والحياة.

آمن  صاحب "الكتاب الأحمر" بوجود أفكار رمزية وشاملة تنتقل بالفطرة عبر الأجيال، وتؤلف قاعدة لكل ما سوف يكتسبه أو يتمثله المرء من تصورات خلال مراحل حياته، وقد أطلق عليها اسم الأنماط الأصلية أو الأولية، وهي مخططات رمزية، أو صور عامة تختزل خبرة بني البشر في الصراع مع العالم الخارجي عبر حقب مديدة من الزمن. وقد وجدت تلك المخططات والصور منذ القديم طريقها إلى البنية البشرية، وصارت جزءاً من مكوّناتها.

الخوف الذي يعتري الإنسان المعاصر لدى رؤيته بعض الحيوانات، كالأفاعي مثلاً، أو عند حلول الظلام، وفق يونغ، قد ورثناه عن أسلافنا البدائيين حينما كانوا يعيشون في المغاور والكهوف، ويتعرّضون دوماً إلى تهديدات تلك الحيوانات وهجماتها، أدلته على وجود اللاوعي الجمعي من واقع ممارسته العيادية.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون