الرسولة بحُزنها الطويل من النهر إلى البحر

الرسولة بحُزنها الطويل من النهر إلى البحر

02 ابريل 2024
أطفال يُطيّرون طائرة ورقية بالقرب من الحدود مع مصر، رفح، 28 آذار/ مارس 2024، (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- النص يعبر عن تجليات الحياة والموت في غزة، مستخدمًا صورًا شعرية للتعبير عن الصمود والمقاومة في وجه الاحتلال والدمار.
- يُظهر الشاعر تقديره لروح غزة النابضة بالحياة، متمثلة في شخصية "هبة" التي تُعتبر رمزًا للعطاء والإلهام، وكذلك غزة نفسها التي تُقاوم الفناء بصلابة.
- القصيدة تنتقل بين الألم والأمل، مُسلطة الضوء على الظلم والمعاناة التي تواجهها غزة، وفي الوقت نفسه تُبرز قوة الإرادة والتحدي في وجه الاضطهاد، مُعتبرة غزة رمزًا للنضال والبقاء.

هِبة واهبة الحياة
 
"إلى الشاعرة هبة أبو ندى 
في حياتها الخاطفة 
وموتنا البطيء"

هبة 
أيّتها الهبة
أيّتها البهية 
أيّتها الوهّابة 
هبي لنا من بهائك ماء 
فلم يعد في وجوهنا قطرة ماء 
هبي لنا من تيهك كرامة 
فقد أكل الاحتلال وجوهنا
هبي لنا من استشهادِك حياةً 
فقد ماتت قلوبنا 
ومُتنا حياءً 
هبة 
أيّتها الولهى 
هبي لنا من شعلة الشِّعر 
إلهاماً 
لنحيا في معلّقة 
غزّة من جديد.


■■■


هذه غزّة
 
تهزُّ بجذع النخلة   
وإن تساقط عليها الرطب 
جمراً وحشيّاً 
هذه غزّة 
ماء الأمومة 
أُمّ الأنبياء 
فوقها جحيم القنابل
مفتوح على مصراعيه
وتحتها ثريا
من أشلاءٍ بريئة
وأرواح طريّة 
هذه غزّة 
جمل المحامل 
طود جبال 
سفينة نوح
لا تريد بطولات 
لا تروم مجداً 
بمنتهى البساطة 
تمدُّ يدها المطمورة تحت ركام بيتها 
وتنقذ البشرية 
من وحوشٍ بشرية 
هذه غزّة.

وحدها في المخاض  
لا تهاب تُهماً
تتجرّأ على ضراوة الحصار
بالصوم عن الكلام 
بالصوم عن الماء 
بالصوم عن الطعام
هذه غزّة 
تغيظ المتكالبين على إبادتها
باستعصائها على الفناء 
تعجّل موت البرابرة 
بحياتها في الموات 
وحدها غزّة تخيط بمغزل عزلتها
كفن المحتل 
وحدها غزّة في وحشة وحدتها 
يهابها العدو 
وهي بضعفها 
تهين جيشه القوي
يخجل منها الخجل 
تستحي منها الإنسانية 
وهي بيد واحدة 
تهز النخلة
تزهو 
بجرحها 
وحزنها 
وشهدائها
وترفع رأسها لما فوق 
السموات القريبة.

■■■

غزّة

"الرسولة بحزنها الطويل من النهر للبحر"

وقُتِلت كلمة سلام 
بأي ذنبٍ قتلت 
واغتيلت مفردةُ العدل 
بأي أيدٍ اغتيلت 
انتشى وحش الاحتلال 
بدم الأطفال 
فمن أباح له ينابيع الحياة 
لِيَلِغَ فيها 

*
انقصم ظهر المكارم
جذت أجنحة الحرية
ذهبت الأحلام 
أدراج الرياح 

*
عميت الأبصار 
عمَّ الصمم 
فرغ الكلام
من الكلامِ 

*
فار التَّنور 
فار 
وفاحت 
رائحة الأفران النازية 
لم يبقَ من حيٍّ عليها 
إلّا سفينة نوح
على أرض غزّة 

*
وحدكِ يا غزّة 
المُنقذة
وإن كنتِ الضحية 
فأنتِ الرسولة بحزنها الطويل 
الممتدّ من النهر 
إلى البحر 
أنتِ الزرقاء 
وأنت تحرّكُ الشجر والحجر 
والرياح العاتية

*
أنتِ يا غزّة أوّل الحب 
أنت يا غزّة آخر الأرض
أنتِ يا غزّة غزّة 
أنتِ التيه
وأنتِ النبيّة.


* شاعرة وكاتبة من السعودية

المساهمون