غرنيكا بالأبيض والأسود... غزّة بالأحمر والأخضر

غرنيكا بالأبيض والأسود... غزّة بالأحمر والأخضر

24 مارس 2024
جانب من تشكيل بشري يضم علم فلسطين ولوحة "غرنيكا" لبيكاسو، غرنيكا شمال إسبانيا (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- النص يصور معاناة الأطفال والأسر في ظل الحروب والدمار، حيث تُظهر الدمى والألعاب تحجر الدموع وفقدان البراءة بينما تُدمر الجرافات والقصف مظاهر الحياة اليومية والمقدسات.
- يُسلط الضوء على الدمار الذي يلحق بالمساجد والبيوت، وكيف يتحول الدعاء والأمل إلى شظايا وركام، مع ذكر تأثير القصف المستمر على الحياة اليومية للناس، من الطعام إلى الأفراح والأحزان.
- يُعبر النص عن الروح الأبدية للشهداء الذين لا يغادرون مدينتهم حتى بعد الموت، مؤكدًا على أن ذكراهم وروحهم تبقى حية في قلوب الناس، الأرض، والتاريخ، مشددًا على الأمل والصمود في وجه الظلم.

طفولتُهم أطراسٌ على بَشرة غرنيكا
تفقِد رونق بتلاتها
كلّما أغارَ تنّين الدّمار
ما الذي يجعل الدّمع يتحجّر نهراً في عيون الدُّمى؟
تلك دُمية لا يرفّ جفناها
نبْضُ قلبها يُسابق خيول الرّيح 
إنّها تُبصِر جرّافات الحقد العنصري وهي تَقتلِع
ظلال المآذن وضحكات فترة الاستراحة
في ساحات المدارس
تعرف الدُّمية أنها ستُداس بين لحظة وأُخرى
وروحها الصغيرة ستغادر بين زفرة وعَبْرة
لكنّ آخر نظرة 
أطلّت على عالَم فقَدَ حاسّة السّمع
فَقَدَ حاسّة اللّمس
فَقَدَ أيادي العدْل الجبّارة 



قبّة المسجد دكّها صاروخ فيما هي تحضن وجه الله
تفرّقت الأطراف الخاشعة
وشظايا دعاء تعلّقت بالبوّابة المخلوعة
على بُعد أمتار
وقريباً من جدران المسجد المقصوف
جُثث الضحايا وركام القبّة وأنقاض البيوت 
يعانقها وجه الله



أطفال حول المائدة
أُمٌّ تعدّ الطّعام
قصْف...
طفل في حضن أبيه ليلاً
الأب يُهدهده
قصْف...
أطفال يلعبون في أروقة المستشفى
أطبّاء يعالجون الجرحى
قصْف...
عُرس يتحدّى الحرب
عروسان فرِحان... "زلغوطة"
قصْف...
نازحون إلى الجنوب
"مناطق آمنة" حسب الناطق باسم جيش الإجرام
قصْف...
شاعر يكتب قصيدته "If I must die"
على حسابه في "X"
قصْف...
وسام ونعيم يُقْبِلان على الدُّنيا
بعد عشر سنوات انتظار
قصْف...

لا يُغادر الشهداء مدينتهم
أليْس حديث الأرض نسغ أرواحهم؟
أليْس عطر خبز الطابون هو نداء الأمّهات،
حارسات الأمل والتربة والبحر؟

لا يُغادر الشهداء شوارعهم
إنّهم يقفون على تلال الخراب
قناديل شهادة على المجازر
وأبطال الحكايات القديمة والجديدة
وبساتين نخيل وزيتون بلا أغلال

لا يُغادر الشهداء بيوتهم
إنهم يرمّمون ذاكرة الصّور والأثاث
يرتقون شروخ الجدران
يلملمون وعود الأحبّة
ويزرعونها نشيداً في حقول الزيتون العتيقة.


* شاعرة ومترجمة من الجزائر
 

نصوص
التحديثات الحية

المساهمون