ذكرى ميلاد: أحمد محمد عوف.. موسوعات في الظل

رغم أنه ألّف ما يزيد عن العشرين كتاباً، معظمها من الموسوعات، إلا أن الكاتب المصري أحمد محمد عوف (1932 - 2007) بقي في الظل. هذا الوضع ربما يشير إلى حالة منتشرة في الثقافة العربية تجعل من الكتابة الموسوعية جنساً ثانوياً، ولذلك لا يحظى المشتغلون عليها بشهرة، بل حتى لا يصنّفون كمؤلفين، إلا في ما ندر مثل أحمد أمين أو عباس محمود العقاد، وهؤلاء استفادوا بلا شكّ من حضورهم كأدباء إلى جانب الكتابة الموسوعية.

عوف، من جهته، دخل هذا الحقل من الكتابة من اختصاص آخر، حيث أنه درس الصيدلة والكيمياء، ونال فيهما شهائده العلمية في ستينيات القرن الماضي، وقد خصّص الكثير من مؤلفاته لهذين المجالين، إضافة إلى علوم أخرى، ومن الموسوعات التي وضعها حول العلوم: "موسوعة الأعشاب الطبية"، و"رحلة في الكون والحياة"، و"صناع الحضارة العلمية في الإسلام" و"تاريخ الفلك".

كما اشتغل الكاتب المصري على مجالات أخرى، أبرزها التاريخ والعمارة والأديان، وفي هذا الصدد نذكر مؤلّفات منها: "عبقرية الحضارة المصرية القديمة" و"موسوعة حضارة العالم". كما وضع معجماً لغوياً بعنوان "معجم عوف في معاني كلام العرب".

إضافة إلى تأليف الموسوعات في شكلها المتداول، يُذكر لعوف أنه من أوائل المساهمين العرب في موقع "ويكيبيديا"، حيث أنه أفاد هذه الموسوعة الإلكترونية، وصفحاتها العربية بالخصوص، من مدوّنة أنجزها على امتداد عقود، خصوصاً في بعض المجالات التي تعاني نقصاً في للتأليف ضمنها كالعلوم الحديثة.

لا يخفى على أي متابع لموقع الويكيبديا ضعف الصفحات العربية، على مستوى ثراء المواد الموجودة أو على صعيد قلة المداخل المعجمية، وذلك مقارنة بلغات أخرى مثل الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية. لعلّ علاقة القارئ العربي بمؤلف موسوعات مثل أحمد محمد عوف تنعكس في موقع مثل الويكيبديا ونسق الإنتاج فيه بلغتنا، فهذا الإنتاج هو بشكل ما انعكاس لعلاقة ثقافة بأسرها بالكتابة الموسوعية، وما لم تكن هذه الأخيرة مزدهرة فلا يمكن إلا أن بفرز ذلك فقراً ويكيبيدياً، دون أن ننسى حال تأليف الموسوعات بشكل عام في الثقافة العربية اليوم، والذي لا يبدو بخير.