#خليه_يريب... التحام الشعب الفيسبوكي العظيم

#خليه_يريب... التحام الشعب الفيسبوكي العظيم

05 مايو 2018
+ الخط -
بعد الحملة الناجحة للشباب الجزائري التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ #خليها_تصدي، إشارة إلى السيارات المستوردة والغالية الثمن، جاء الدور على الشباب المغربي، أو كما يحبون تسمية أنفسهم الشعب الفايسبوكي، الذي أطلق حملة لمقاطعة مجموعة من المواد والمنتجات الاستهلاكية لشركات مغربية وأجنبية، التي يعتبرونها مثقلة لكاهل العائلات المغربية بسبب الارتفاع الكبير وغير المبرر في الأسعار، وكمثال على ذلك منتج مياه سيدي علي المعدنية الذي يباع بخمسة دراهم مغربية للتر الواحد، والذي يساوي أضعافاً مضاعفة في بعض البلدان الأوروبية، ثم سنطرال للحليب الذي ارتفعت أسعاره خلال السنوات الأخيرة من درهمين ونصف الدرهم إلى ثلاثة دراهم ونصف الدرهم لنصف لتر فقط، ثم شركة أفريقيا للمحروقات.

تم وسم مقاطعة المنتجات بتسميات مختلفة، إذ نجد أكثرها تفاعلاً على موقع "فيسبوك": (#خليه_يريب - #مازوطكم_حرقوه - #الما_ديال_الله_ماشي_ديالكم).


تجندت لهذه المقاطعة أكبر الصفحات والمجموعات الفيسبوكية، التي تلقى تفاعلاً بالآلاف، ولأول مرة يمكن القول إن هناك انسجاماً وهدفاً واحداً استطاع أن يلتئم عليه الشباب الفيسبوكي المغربي، وذلك لإحساسهم بأن القضية تهمهم بالدرجة الأولى وتمس جيوب العائلات الفقيرة التي لا يتعدّى دخلها الحد الأدنى للأجور، مع اعتبار أن ثلث الشعب المغربي يعيش تحت عتبة الفقر، وفق تقديرات غير رسمية، في حين قامت صفحات أخرى بتخوين المنخرطين واعتبارهم خونة يحاولون زعزعة الاقتصاد المغربي.

ويتضح كذلك من خلال تفحّص العديد من المنشورات أنها تتطرق إلى موضوع المقاطعة من جميع الجوانب النفسية من خلال التأثير بكلمات رنانة وصور معبرة، تشجيعاً على الاستمرار في المقاطعة، ثم الجانب الاقتصادي الذي استحضرت فيه معادلة المقارنة بين أثمنة المنتجات وربطها بالدخل الفردي مع دول متقدمة، كدولة قطر والسعودية ثم إيطاليا وإسبانيا، وكذلك استحضار قيمة أرباح ملاك الشركات المعنية بالمقاطعة، وكذلك الاجتماعية التي ركزت على الاستنزاف الذي يطاول جيوب البسطاء، خصوصاً المياومين الذين يضطرون إلى توفير هذه المواد الأساسية لأبنائهم صباحاً، ثم السياسية واستهداف أشخاص بعينهم ومدى تأثيرهم على صناعة القرار واستغلال للنفوذ للاسترزاق على حساب الشعب.

ويلوح كثير من المنخرطين بأن الحملة ستستمر لمدة شهر كامل، ما يعني أن شهر رمضان المقبل في أسبوعه الأول معني بالمقاطعة، وستطاول كثيراً من المنتجات الأساسية الأخرى لردع هذه الشركات والكف عن استغلال المواطنين بشتى الطرق الممكنة، وقد تفاعل مع الحملة كثير من أصحاب المحلات التجارية، وظهر ذلك من خلال فيديوهات وصور موثقة، ما يعني أن الحملة هذه المرة جدية على الرغم من ظهور بعض الأشخاص محاولين توجيه الحملة وإضعافها، خصوصاً بعض المحسوبين على بعض الأحزاب السياسية التي تحتضن كبار المستثمرين في المغرب.

تعتبر ثقافة المقاطعة نوعاً من أنواع الاحتجاج السلمي المبني على حجج واقعية ومنطقية، وهي طريقة للتعبير عن رأي جماعة أو شخص، ويكون عادةً في منطقة ذات شهرة واسعة لإيصال الصوت إلى أغلب شرائح المجتمع، والمنطقة أو الفضاء الأكثر شهرة لدى الشباب المغربي هو وسائل التواصل الاجتماعي، وهو فضاء لا يمكن أن تتحول فيه المقاطعة أو الاحتجاج السلمي إلى صراع بين الشعب والسلطة.

إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت ذات تأثير قوي على سياسات الدول والحكومات وأصحاب القرار، ولعل أبرز إنجازات هذه المواقع الاجتماعية احتضانها شرارة ثورات الربيع العربي قبل توسعها إلى الشارع، وأساند بدوري هذه الحملة.

ولأن الدين الرسمي للمغرب والمغاربة هو دين الإسلام، فقد حذر من النزعة الاستهلاكية التي تؤدي إلى زيادة في الطلب على السلع والبضائع، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ويشجع التجار على ذلك، نتيجة لغياب الوعي لدى المواطنين، وعدم تحديد ميزانية لكل أسرة توازن بين الدخل الشهري ومعدل الإنفاق. ونؤكد كذلك أن الإسلام نهى عن الاستغلال والجشع.