القواعد العشر لإنجاح مقاطعة المنتجات بالمغرب

القواعد العشر لإنجاح مقاطعة المنتجات بالمغرب

03 مايو 2018
+ الخط -
بعيداً عن الحيادية، لأن الحدث يتطلب مني إما أن أكون أو لا أكون، خائناً للشعب أو معه، حدث يفرض علي شخصياً أن أتملّص من كوني باحثاً أو كاتباً أو حتى محللاً لأكون مناضلاً كبقية الشعب المنخرط بدون قيد أو شرط.

لأنني وبكل صراحة ولأول مرة أحس أنني أنتمي لهذا القطر من العالم الإسلامي، نعم إنه المغرب الأقصى الذي كافح فيه الأمّي والمثقف والكبير والصغير والمرأة والرجل ضد الاستعمار وأذاقوه ويلات الهزائم في المدن والقرى في السهول والجبال حتى استسلم، لكنه غادر تاركاً وراءه بذوراً خبيثة تنمو في صمت، حتى أصبحت اليوم متجبرة مسيطرة على مناحي الحياة.

بذور خبيثة أيقظت في المغاربة روح الشجعان، وقرروا أخيرا محاربتها بطريقة تساير العصر، باستخدام وسيلة الإنترنت وما انبثق عنها من مواقع تواصل اجتماعي من دون أن يحدث التحرك قتلى أو جرحى أو حتى صدامات مع السلطة، رأينا اتحاداً وتماسكاً لمختلف فئات الشعب وتركيزها على تركيع الشركات الاستغلالية التي استنزفت جيوب المواطنين لسنوات طوال، وتزداد سعادتي وأنا أتابع التمسك بالمطالب ومحاربة كل من يريد تكسير جمعنا المبارك، نصائح وإرشادات والكل مجند لتحقيق المراد.


اتضح لنا خلال مدة أسبوعين مدى التأثير الكبير الذي يمارسه الأخطبوط الرأسمالي وتحكّمه في مختلف الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية، ومدى الخذلان الذي تجرّعه الكثيرون من الأشخاص المعجبين بممثل أو مغنّ من هنا وهناك وسقوط أقنعتهم عندما التزمو الصمت وقرروا المشاهدة من بعيد، في حين كان وصولهم للنجومية سببه جمهور واسع من المناضلين الذين استفاقوا أخيرا من الحلم المزعج، وما يزيدني عزما وقوة لمواصلة مشوار المقاطعة هو تعنت الشركات وعدم تلميحها لأي مبادرة من شأنها الاستجابة لمطالب الجماهير المطالبة بتخفيض أثمنة المنتجات المقاطعة.

يذكرني هذا الحدث قبل بضع سنوات عندما استيقظ الشعب الأرجنتيني صباح أحد الأيام وإذا بتجـّار الدواجن والبيض قد اتفقوا على رفع سعر البيض كلهم مرة واحدة، ولكن الشعب الأرجنتيني العظيم لم يشترِ البيض، فكادت عقول التجـّار تزول، فالخسائر تتراكم، لكن أخيراً وبعد ثلاثة أشهر من المقاطعة اتفق التجّار الخاسرون على أن يبيعوا البيض بربع سعره قبل الارتفاع مع تقديم اعتذار رسمي للشعب في الصحف بعدم تكرار ما حدث.

ومما يعطي للمقاطعة طابعا جديا، والتي أصبحت قضية كرامة أكثر من كونها مطالب بعد الاستفزازات والأوصاف التي وصفنا بها هي بعض المنشورات التي بصراحة تحرك مشاعر الوعي والتي تتردد بكثرة وأختصرها كالتالي: إخواني، ألم تنتبهوا أننا لم نعد نرى المنشورات التافهة، ولم نعد نرى فيديوهات الفضائح، ولا نتفاعل مع الدوريات الكبرى لكرة القدم، أصبح همنا الوحيد هو الانتصار لأنفسنا، حتى أنه عندما يحاول بعض الأشخاص تغيير مسار الحملة تتهاطل في التعليقات جمل وعبارات تنصحنا وتذكرنا بأن لنا قضية واحدة يجب تصفيتها أولاً وينتهي المنشور دائما: نعتذر نحن الآن منشغلون.

لذلك، علينا كمواطنين أن نستمر في النضال ومقاطعة المنتجات، أما الإهانات والأوصاف التي ينعت بها شعب بأكمله من طرف أصحاب الشركات ووزراء وبرلمانيين وإعلاميين لن تزيدنا إلا قوة وصمودا وتماسكا حتى تحقيق المبتغى بإذن الله، وكذا الخسائر المهولة التي تكبدتها الشركات المقاطعة من بداية الحملة إلى الآن تزيد من عزمنا رغم علمنا أنهم لا يغمض لهم جفن، واجتماعات تلو الأخرى، لكن هيهات، إنه الشعب.

بالرغم من كل هذا، يتوجب علي تقديم بعض الإرشادات والنصائح التي أراها مهمة لتحقيق مطالبنا المشروعة كشعب، والتي اختصرتها في قواعد عشر:

أولاً: على جميع المقاطعين أن يعلموا أن المقاطعة لا تزال في بدايتها، والمشوار لا يزال طويلا، وهو التحدي الأكبر الذي لا يجب أن نخسره، نحتاج لنفس طويل وصبر، المقاطعة يمكن مقارنتها بحرب نفسية.

ثانياً: إن المقاطعة الحقيقية والتي بلا شك ستحرك اللوبي لتقليص ثمن المنتجات تبدأ شهر رمضان المبارك، والكل يعلم حجم الإقبال الكبير على هذه المنتجات.

ثالثاً: التركيز على استهداف البقالة، كونهم الوسيط الذي يوفر المنتوج للمستهلك، وبرفضه للمنتوج سيصبح أقل استهلاكا بلا شك.

رابعاً: الاستمرار في التعبئة بما أوتينا من قوة وإمكانات، وألا نتوانى في تذكير أصحاب المحال التجارية بالحملة، واللعب على أوتار الكلمات، من قبيل ما قيل من طرف الوزراء من مداويخ وخونة واستحمار وجيعانين..

خامساً: عدم التفاعل مع المنشورات التي تضرب في صلب الحملة، بتفاعلكم معها تكسبونها قوة الاطلاع، وقتل الشيء هو إهماله.

سادساً: تجنب الأصوات التي تنادي إلى الخروج للميدان، لأنه ليس في صالحنا الاصطدام مع الأمن، والاحتجاج بدون ترخيص عواقبه وخيمة.

سابعاً: من بين أهداف المقاطعة إرساء قواعد المنافسة الشريفة في السوق المغربية، وليس محاربة منتوج معين أو شركة أو شخص، لإنهاء زمن احتكار السوق الذي يؤدي فيه المستهلك الفاتورة الأغلى.

ثامناً: إن نجاح المقاطعة هو نجاحنا في اكتساب ثقافة حضارية سلمية وراقية، والتي ستكون ورقة فيتو ضد أي تسيّب أو احتكار لأي شركة كيفما كانت.

تاسعاً: علينا الإيمان بأن العيش الكريم والحقوق تنتزع ولا تعطى، وسنستمد هذا الإيمان من توحيد صفوفنا.

عاشراً: إنتاج المحتوى المدعم للحملة بشكل كبير ومشاركته ليتصدر المشهد محلياً وإقليمياً ودولياً.